الدبيبة يرفض ترشح العسكريين للانتخابات الرئاسية الليبية

مجلس النواب الليبي يرجح إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ليبية في نوفمبر المقبل.
الثلاثاء 2023/01/17
الدبيبة يبدأ حملته الانتخابية مبكرا

طرابلس – تعكس تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة برفضه وجود "سلطة عسكرية" لتولي الحكم في ليبيا مرة أخرى، وتعهده بتقديم الدعم المطلق لذوي الشهداء والمفقودين لثورة السابع عشر من فبراير، أن الرجل يريد إقصاء رئيس الحكومة الموازية فتحي باشاغا من الانتخابات الرئاسية. كما توحي بأنه بدأ حملته الانتخابية مبكرا مع ظهور بوادر انفراجة في كسر الجمود السياسي، إثر ترجيج رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إجراء الاستحقاقين الرئاسي والتشريعي في نوفمبر المقبل.

وترى أوساط سياسية أن هذا الرفض لتولي باشاغا، وهو أيضا عسكري وقد تولى وزارة الداخلية في حكومة الوفاق السابقة، حكم البلاد، من شأنه أن يطيل عمر الأزمة السياسية في البلاد، وقد يعيد العاصمة طرابلس إلى مربع العنف.

فباشاغا، الذي طالما تبادل الاتهامات مع الدبيبة وفشل في دخول طرابلس في ثلاث مناسبات، قبل أن يرضخ في الأخير لإدارة حكومته في مدينتي سرت وبنغازي (وسط البلاد وغربها)، يمتلك قوات عسكرية ضخمة قال حفتر في وقت سابق إنها مدربة جيدا.

وقال الدبيبة في كلمة له بحفل "الاتحاد الليبي العام لروابط ومنظمات أسر الشهداء والمفقودين ورابطة أسر الشهداء والمفقودين لثورة السابع عشر من فبراير"، في مسقط رأسه بمدينة مصراتة (شمال غرب)، "لا نريد سلطة عسكرية مرة أخرى تحكمنا، ولا نريد عبث دول تتحكم في مصيرنا. نحن نمر باستقرار أمني واقتصادي ونتمتع بالهدوء والراحة" بفضل تضحيات هؤلاء الشهداء.

وأضاف موجها حديثه لأسر الشهداء والمفقودين "أجدد لكم العهد للأبد بأنني لن أخذلكم. وألا تضيع تضحيات الليبيين هباء منثورا وأن تكونوا دائما في مقدمة جهود الخير والسلام كما كنتم دائما في مقدمة المدافعين عن الوطن وأهله"، واصفا "ثوار" و"شهداء" ثورة السابع عشر من فبراير 2011 "وكل معاركها الواجبة خلال السنوات الماضية" بأنهم "فرسان الحرب وصناع السلام وحماة الوطن".

ونبه الدبيبة إلى أنه "لا يتنكر لهم إلا جاحد أو خائن لمستقبل ليبيا الحرة، ليبيا التعددية السياسية والتنوع والحرية"، داعيا إلى تحقيق حلمهم "من خلال انتخابات عادلة ونزيهة والاستمرار في مقاومة الاستبداد ومحاولات تقسيم بلادنا، وأن نستعيد سيادتنا رغم كل التحديات".

وأكد الدبيبة أهمية "أن تكون نهاية هذه المراحل الانتقالية منذ ثورة السابع عشر من فبراير انتخابات وطنية، تنهي كل الأجسام التي تحاول تضييع تضحيات شهداء ليبيا وشهداء ثورة السابع عشر من فبراير".

وأكد الدبيبة الثوابت الوطنية وأولها وحدة ليبيا، وثانيها تضحيات "ثوار وشهداء السابع عشر من فبراير" و"إعلاء راية التحرير والاستقلال" التي قال إنها راية "لم يصنعها أبناء فبراير فقط، وإنما الآباء والأجداد الذين حررونا من الاستعمار".

واختتم الدبيبة حديثه قائلا إن راية الاستقلال "لابد من رفعها والالتزام بها ولا يمكن أن نجادل فيها، النجمة والهلال طريقنا.. والطريق طويلة ولكن بالصبر سنصل إلى مبتغانا".

ويستبعد مراقبون أن تكون تصريحات الدبيبة موجهة إلى المشير حفتر، فخطوات التقارب بينهما تعتبر نتاج صفقة تقارب سياسي، بالرغم من نفي الطرفين وجودها، لكنها تأتي في ظل حاجة عملية لدى الطرفين إليها، فضلا عن أنها ستلقي بظلالها على اصطفاف القوى الليبية، وخصوصا على مستقبل حكومة باشاغا، التي كلفها البرلمان في مارس الماضي بقيادة ليبيا في مرحلة انتقالية أخيرة تقود إلى انتخابات عامة.

وكان الدبيبة وحفتر قد عقدا تفاهمات ظهرت بعض خيوطها في خطوات عملية، تجسّدت في تعيين فرحات بن قدارة على رأس المؤسسة الوطنية للنفط، وإطلاق سراح الطيار بالجيش الوطني عامر الجقم الذي كان أسيرا لدى ميليشيات الزاوية، ضمن صفقة لتبادل الأسرى، تمت بتدخل مباشر من الدبيبة بعد وساطة قامت بها دولة الإمارات، التي قال حفتر إنه لولا دورها ما كان للصفقة أن تتم ولا للجقم أن يعود إلى بنغازي.

وتحظى خطوات التفاهم بين الدبيبة وحفتر بدعم أميركي، حيث خصهما رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية "سي.آي.أي" وليام بيرنز بلقائين منفصلين الخميس الماضي، حيث أكد ضرورة أن تؤدي الانتخابات في ليبيا إلى إحداث الاستقرار، ووصف حكومة الدبيبة بأنها "شريك للولايات المتحدة يمكن الاعتماد عليه"، كما دعا قائد الجيش الليبي إلى ضرورة وجود قوة مشتركة من قوات الجيش الليبي وقوات شرق ليبيا تتولى حماية وتأمين منابع النفط والمياه والحدود في جنوب البلاد.

وتدعم الولايات المتحدة حكومة الدبيبة، بعد أن سلمها المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي، وسط تقارير تشير إلى أنه قد يسلم مطلوبين آخرين من رموز النظام السابق لواشنطن في قضية تفجير لوكربي، من بينهم رئيس المخابرات الليبي السابق عبدالله السنوسي.

ويطمح الدبيبة إلى المزيد من الدعم الأميركي في مواجهة الحراك السياسي الذي تدعمه مصر التي استضافت ثلاثة لقاءات خلال أقل من أسبوع، الأول كان بين رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري، والثاني بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي، والثالث كان لقاء ثلاثيا بين المنفي وحفتر وصالح.

وتوقع رئيس مجلس النواب الليبي الثلاثاء إمكانية إجراء الانتخابات الليبية في شهر نوفمبر المقبل، مشيرا إلى أن الخلاف الحالي حول الوثيقة الدستورية يتعلق بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وهما نقطتان ستقوم اللجنة المكلفة بتقريب وجهات النظر إزاءهما.

وأضاف في مقابلة مع قناة "القاهرة الإخبارية" بثتها مساء الاثنين، أن "أي قانون يصدر عن السلطة التشريعية يتعلق بنظام الحكم فهو قاعدة دستورية يمكن البناء عليها".

وأوضح أن ثمة تقاربا حول "مشروع قانون الانتخابات"، باستثناء مادتين ستقوم اللجنة المكلفة بتقريب وجهات النظر إزاءهما وإحالة المشروع إلى المجلسين لاتخاذ اللازم حسب نظامهما، لافتا إلى أن "السند الشرعي للدستور في ليبيا هو الإعلان الدستوري الذي على أساسه أجريت انتخابات المؤتمر الوطني وهيئة الدستور ومجلس النواب".

وتابع "لا توجد مواد ملغمة، وسبب الخلاف هو إبعاد بعض الشخصيات لسبب ازدواج الجنسية والعمل في القوات المسلحة، ونحن في مرحلة مؤقتة، ويجب أن يترك الأمر للشعب الليبي، هو من يقرر من يحكمه، لأن البعض يريد العسكريين والبعض لا يريد مزدوجي الجنسية".

ولفت إلى أن إقرار الدستور يستلزم الاستفتاء عليه، بينما القاعدة الدستورية بإمكان مجلس النواب تعديل الإعلان الدستوري وإعدادها.

واعتبر أن "ما يعرقل الانتخابات في ليبيا هو التدخلات الخارجية، لكن الآن هناك تقارب كبير بين الليبيين، ونتوقع أن نتفق على المسار الدستوري الصحيح خلال الفترة القريبة المقبلة".

ومن المقرر أن يعقد مجلس الدولة جلسة تشاورية لدراسة الوثيقة الدستورية التي جرى التوافق المبدئي عليها مع رئيس مجلس النواب في القاهرة قبل نحو أسبوعين.