تركيا تروج لآثار تعافي نمو الاقتصاد على الدخل الفردي

إسطنبول – دخلت تركيا في جولة ترويجية جديدة لإثبات قدرة اقتصادها على تحقيق أرقام نمو إيجابية هذا العام بالتركيز على آثاره في ما يتعلق بارتفاع الدخل السنوي الفردي.
وسعى وزير الخزانة والمالية نورالدين النبطي أثناء اجتماع عقده في إسطنبول الاثنين لتقييم النشاط العام الماضي وأهداف العام الحالي للتأكيد على أن الدخل الفردي سيترفع بواقع 20 في المئة على أساس سنوي.
وقال إنه “بتأثير النمو المرتفع يتوقع أن يتجاوز دخل الفرد العام الماضي 10 آلاف دولار، برقم أعلى من توقعات البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل”.
وتابع “نتوقع أيضا أن يرتفع نصيب الفرد من الدخل السنوي خلال العام الجاري إلى أكثر من 12 ألف دولار”.
ووفق وكالات الإحصاء والتوظيف التركية بلغ متوسط الرواتب في العام الماضي 675 دولارا بسعر الصرف الحالي.
ولم يعلن مكتب الإحصاء عن بيانات النمو للعام الماضي بأكمله، ولكن الأرقام تظهر أن الاقتصاد نما خلال أول تسعة أشهر بمعدل 6.2 في المئة.
وربط محللون تقييمات النبطي برضوخ الحكومة لحقائق الواقع عندما زادت الحد الأدنى للرواتب للآلاف من موظفي القطاع العام والمتقاعدين في بند الأجور بالميزانية الجديدة، والتي يبدو أنها ستكون تحت ضغوط مالية شديدة.
واعتبروا أن كلام الوزير يشير إلى أن تركيا تبدو متخوفة من أن يواجه اقتصادها رياحا معاكسة في ظل الآفاق الضبابية التي تخيم على الاقتصاد العالمي بسبب استمرار تبعات الحرب في شرق أوروبا.
واضطرت أنقرة في ديسمبر الماضي إلى مراعاة قسوة التضخم على الموظفين والعمال وزادت الرواتب للمرة الثالثة في غضون عام.
ويرى خبراء أنها خطوة ستحدث فجوة أعمق في التوازنات المالية رغم أنها تخفف مؤقتا التذمر الشعبي من الظروف المعيشية القاهرة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في يونيو المقبل.
ولم يخف النبطي خلال الاجتماع أن عام 2022 كان من أصعب سنوات القرن على اقتصاده بلاده ببلوغ التضخم العالمي مستويات تاريخية حتى مع تأكيده أن أنقرة حققت “نجاحا مهما عبر نموذجها في جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي”.
وقال إن البلاد “حققت الأرقام القياسية في النمو من خلال تأسيس أرضية صلبة عبر النموذج الاقتصادي التركي وأن الجزء المهم بهذه الأرضية هو التركيز على الإنتاج”.
ولفت إلى أن الإنتاج زاد بنسبة 20 في المئة مقارنة مع الفترة التي سبقت جائحة كورونا، وأن هذه الزيادة تعادل خمسة أضعاف زيادة الإنتاج في الاتحاد الأوروبي و7.5 مرات من إنتاج الولايات المتحدة.
20
في المئة نسبة زيادة الإنتاج مقارنة مع الفترة التي سبقت جائحة كورونا
ومع ذلك، يرى المهتمون بالشأن الاقتصادي التركي أن العام الحالي سيكون مختلفا بالنسبة إلى تركيا الطامحة لتجميل أرقام النمو لأن ضغوط التضخم قد تعود مرة أخرى في أي وقت رغم أنه تراجع إلى ما دون 65 في المئة بعدما كان عندك 86 في المئة بنهاية 2022.
ولا يمكن حصر التداعيات الكارثية للأزمة الاقتصادية التركية على نحو دقيق رغم المؤشرات التي تصدرها الجهات الرسمية بين الفينة والأخرى لأنها من المرجح أن تواصل الاتساع، وقد تمتد إلى جميع القطاعات مثل لعبة الدومينو.
ومع الانهيار الكبير لسعر صرف الليرة، فمن المتوقع أن يتواصل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية والمواد الغذائية مع انتقال تأثير تراجع العملة أمام الدولار الأميركي إلى جميع المواد الأولية وعناصر الإنتاج والأجور.
ورغم أن المالية العامة للبلد تبدو قوية مقارنة بنظيراتها في الأسواق الناشئة، ما يترك مجالا للحكومة لتقديم المساعدات وزيادة الإنفاق، لكن زيادة الدخل الفردي قد لا تتحقق في ظل السياسات النقدية التي يريد فرضها الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأكد النبطي أنه اعتبارا من منتصف العام الماضي عملت الإدارة الاقتصادية في البلاد على ضمان استقرار أسعار الصرف وتعزيز الاستقرار المالي.
وقال إن “الحكومة ساهمت في زيادة احتياطي الذهب بمقدار 129 طنا خلال العام 2022″، مبينًا أنه سجل بذلك أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات. وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي حتى نهاية الربع الثالث من العام 2022، فقد بلغت احتياطات تركيا من المعدن الأصفر 488.87 طنا.