زخم الاستهلاك يحرك انكماش اقتصاد بريطانيا مؤقتا

الاقتصاد البريطاني يحقق تقدّما ضئيلا على صعيد نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.1 في المئة للشهر الثاني على التوالي.
السبت 2023/01/14
الترفيه مُنشط أساسي للإنفاق

لندن - حرك زخم الاستهلاك في مجموعة من القطاعات على نحو مفاجئ الاقتصاد البريطاني والذي جنبه الانزلاق إلى الركود بشكل مؤقت، رغم أن شبح الانكماش لا يزال يسيطر على المخاوف.

وسجّل الاقتصاد أداء أفضل مما كان متوقعا في نوفمبر الماضي، محققا للشهر الثاني على التوالي تقدّما ضئيلا على صعيد نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.1 في المئة قياسا بنصف نقطة مئوية في الشهر السابق.

وتعد النتائج أعلى من أي توقعات في استطلاع أجرته رويترز لخبراء اقتصاديين أشار إلى تراجع بنسبة 0.2 في المئة.

وتعني مفاجأة النمو أنه ستكون هناك حاجة إلى حدوث انخفاض حاد بنحو 0.5 في المئة بالنمو في ديسمبر حتى تسجل بريطانيا ربعين متتاليين من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وهو التعريف الشائع الاستخدام للركود في أوروبا.

ولكن بالنظر إلى مجموع الأشهر الثلاثة الماضية وصولا إلى نوفمبر، تظهر النتائج أن سادس أكبر اقتصاد في العالم انكمش بواقع 0.3 في المئة مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، وفقا لمكتب الإحصاء.

ليز مارتينز: في ظل رياح عادلة، ستتجنب بريطانيا الآن ركودا في النمو
ليز مارتينز: في ظل رياح عادلة، ستتجنب بريطانيا الآن ركودا في النمو

وكتب مدير المكتب دارن مورغان في تغريدة على حسابه في تويتر في “شهر نوفمبر استفاد الاقتصاد من أداء جيّد لقطاع الاتصالات والبرمجة المعلوماتية والحانات التي قصدها الرواد لمتابعة مباريات كأس العالم بكرة القدم”.

وكان قطاع الخدمات هو أفضل جزء من الاقتصاد أداء، حيث ارتفع الإنتاج بنسبة 0.2 في المئة على أساس شهري رغم الإضرابات واسعة النطاق لسكك الحديد والبريد.

وعكست المكاسب ذهاب الناس إلى الحانات لمشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم، حيث قفز إنتاج خدمات الأطعمة والمشروبات بنسبة 2.2 في المئة، بالإضافة إلى الإنفاق المبكر قبل عيد الميلاد على ألعاب الفيديو.

في المقابل سُجّل في الفترة نفسها انكماش في قطاعات صناعية بنصف نقطة مئوية، خاصة الأدوية والنقل والبريد. وأشار مورغان إلى أن هذا الانكماش “مردّه جزئيا تداعيات الإضرابات” التي طالت هذه القطاعات.

وشهد اقتصاد البلاد في سبتمبر 2022 فجوة، خصوصا بسبب يوم حداد وطني في جنازة الملكة إليزابيث الثانية، ما ساهم في انخفاض إجمالي الناتج المحلي للبلاد مدى ثلاثة أشهر، وفق المكتب.

وكان الخبراء الاقتصاديون يتوقّعون انكماشا طفيفا لإجمالي الناتج المحلي في نوفمبر، وسط توقّعات، خصوصا من البنك المركزي، أشارت إلى أن البلاد دخلت في دائرة الركود.

وقالت ليز مارتينز الخبيرة الاقتصادية في بنك أتش.أس.بي.سي لروتيرز إنه “في ظل رياح عادلة، قد تتجنب المملكة المتحدة الآن الركود رغم أن شهر ديسمبر شهد إضرابات واسعة النطاق وكانت قراءات مسح النشاط ضعيفة”.

ومع ذلك، لا تزال الصورة الأوسع خافتة إذ في جميع اقتصادات مجموعة السبع الأخرى، تجاوز الإنتاج مستويات ما قبل الجائحة ما عدا بريطانيا.

قطاع الخدمات كان و أفضل جزء من الاقتصاد أداء، حيث ارتفع الإنتاج بنسبة 0.2 في المئة على أساس شهري

ويساور القلق الشركات أيضا. وقال اتحاد الصناعيين إن “النتائج لا تخفي المشاكل الأساسية”، واعتبر أن ارتفاع التضخم “يؤثر بشكل خطير على الميزانيات والأسر ويضع ضغوطا شديدة على تكاليف الشركات ما ينعكس على الإنفاق الاستهلاكي والمشاريع”.

وأضاف أن “السؤال الذي يتعين على الحكومة الإجابة عليه حاليا ليس معرفة ما إذا سندخل في ركود بل كم ستكون مدّته وشدّته”.

ووصل التضخم إلى أعلى مستوياته في أربعة عقود عند 11.1 في المئة بنهاية أكتوبر الماضي، وتخضع مستويات المعيشة لأكبر ضغط لها منذ عقود. وتوقعت هيئة مراقبة الميزانية الحكومية في نوفمبر أن ينخفض الإنتاج بنسبة 1.4 في المئة هذا العام.

وقال توماس بوغ الاقتصادي في شركة آر.أس.أم للمحاسبين “بالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن يتعثر إنفاق المستهلكين مع اشتداد الضغط على الدخل الحقيقي للأسر، لذلك مازلنا نتوقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام”.

وأدى التضخم المرتفع إلى موجة من الإضرابات من قبل العاملين في القطاع العام وصناعة السكك الحديدية سعيا وراء زيادات أكبر في الأجور.

توماس بوغ: إنفاق المستهلكين قد يتعثر مع اشتداد الضغط على دخل الأسر
توماس بوغ: إنفاق المستهلكين قد يتعثر مع اشتداد الضغط على دخل الأسر

وقال وزير المالية جيريمي هانت إن “أهم مساعدة يمكن أن نقدمها هي التمسك بخطة خفض التضخم إلى النصف هذا العام حتى نجعل الاقتصاد ينمو مرة أخرى”.

ورجح المركزي في نوفمبر أن ينخفض التضخم إلى حوالي 5 في المئة بنهاية هذا العام، بينما يتوقع المستثمرون أن يرفع البنك أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4 في المئة مطلع فبراير المقبل حيث يسعى إلى القضاء على ضغوط التضخم الكامنة.

وحدّدت الحكومة سقفا لفواتير الطاقة هذا الشتاء، في حين يسهم ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز في زيادة التضخّم الذي ناهزت نسبته 11 في المئة في البلاد، ما يفاقم أزمة غلاء معيشة حادة تشهدها بريطانيا.

لكن وفق غرف التجارة البريطانية “تتطلّب العودة إلى نمو طويل الأمد أن تُزال من أمام الشركات العوائق التجارية، خاصة مع الاتحاد الأوروبي، وتكثيف الاستثمارات في البنى التحتية العامة لتمكين الشركات من زيادة التوظيف”.

واتسع العجز التجاري في إلى 15.6 مليار جنيه إسترليني في نوفمبر، بزيادة طفيفة عن 14.9 مليار إسترليني متوقعة في مسح سابق.

وتضررت التجارة مع الاتحاد الأوروبي بسبب خروج بريكست رغم صعوبة الحكم على النطاق بسبب التغييرات في جمع البيانات والتناقضات بين البيانات البريطانية والاتحاد الأوروبي والآثار الوبائية.

وقالت مارتينز إن “الصادرات ارتفعت بنسبة 20 في المئة تقريبا منذ يونيو الماضي”.

وأظهرت أحدث بيانات مكتب الإحصاء أن الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي كانت الآن أقل بنسبة 4.5 في المئة من مستويات ما قبل الوباء، بينما كانت الصادرات من خارج الاتحاد أعلى بنسبة 0.4 في المئة عن مستواها قبل الوباء.

10