تصاعد التحذيرات من تراجع جاذبية بريطانيا للاستثمار

لندن - تصاعدت تحذيرات الشركات البريطانية من أن مناخ الأعمال بالبلاد أصبح أقل جاذبية للاستثمارات، مما يفرض على الحكومة تدارك الأمر سريعا قبل أن تصبح الأوضاع أكثر تعقيدا.
وذكرت شركات تصنيع في استطلاع للرأي نُشر الاثنين أن السوق المحلية أصبحت أقل قدرة على المنافسة، وأقل استقطابا للمستثمرين الأجانب بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والاضطرابات السياسية الأخيرة.
وأشار استطلاع أجرته مؤسسة ميك يو.كي، وهي الهيئة التجارية الرئيسية لقطاع الصناعة بالتعاون مع مؤسسة بي.دبليو.سي لمراجعة الحسابات إلى تراجع نسبة المصنعين الذين يعتقدون أن بريطانيا تمثل موقعا تنافسيا إلى النصف.
وأظهر المسح أن مؤشر انطباعات أصحاب الشركات انخفض إلى نحو 31 في المئة من 63 في المئة قبل عام، وقال نحو 43 في المئة منها إن “بريطانيا أصبحت أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب”.
وأجري الاستطلاع، الذي شمل 235 شركة خلال نوفمبر الماضي عندما برزت اضطرابات خلال الفترة القصيرة لحكومة ليز تراس التي لم تستمر طويلا في الحكم وكانت حاضرة في أذهان الناس.
53
في المئة من الشركات الصناعية ترى أن عدم الاستقرار السياسي أضر بثقة قطاع الأعمال
وأكد نحو 53 في المئة من الشركات في المسح أن عدم الاستقرار السياسي المستمر أضر بثقة قطاع الأعمال.
وتعليقا على المسح قالت ميك يو.كي إن من المرجح أن تؤدي هذه الخطط إلى تفاقم التخفيضات في الوظائف والإنتاج التي كانت بالفعل في طور الإعداد.
وأنهت شركات القطاع العام الماضي عند أحد أكبر انخفاض في نشاطها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث تراجعت الطلبات الجديدة بشكل حاد وخفضت الشركات الوظائف.
وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي للشركات البريطانية، والذي تصدره شركة ستاندرد آند بورز غلوبال (بي.أم.آي) إلى 45.3 نقطة في ديسمبر من 46.5 نقطة في نوفمبر، وهو أدنى مستوى له منذ مايو 2009 باستثناء شهرين في بداية الجائحة.
وتتناغم الأرقام على نطاق واسع مع التوقعات القاتمة الصادرة عن جمعية التجارة البريطانية التي تشير إلى أن إنتاج القطاع سينحسر بنسبة 3.2 في المئة خلال هذا العام.
ويجمع المحللون على أن كبار المستثمرين يمرون بفترة إعادة تقييم ومراجعة أفكارهم في دعمهم للاقتصاد البريطاني بعد أشهر من الاضطرابات السياسية والشكوك المستمرة بشأن بريكست، خاصة وأن تعافي البلاد من الركود العالمي يبدو بطيئا ومؤلما.
ويكافح المسؤولون لإعادة بناء المصداقية المالية والسياسية مع المستثمرين بعد الفترة الفوضوية لحكومة تراس، بينما تعاني الحكومات حول العالم مع ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض النمو.
ومن المقرر أن يضع وزير المالية جيريمي هانت هذا الأسبوع الخطوط العريضة لخطط لتقليص حاد لدعم الطاقة للشركات.
المسؤولون يكافحون لإعادة بناء المصداقية المالية والسياسية مع المستثمرين بعد الفترة الفوضوية لحكومة تراس
وتشير أرقام الصناعة إلى أنه حتى مع رحيل تراس، فإن سوق العمل الضيق والاستثمار التجاري المنخفض والصادرات الضعيفة تعني أن الاقتصاد البريطاني سيتخلف عن أقرانه في العام المقبل.
وأدت المخاوف بشأن تعافي النمو إلى قيام البعض من المستثمرين بالحد من ممتلكاتهم من الجنيه الإسترليني والديون البريطانية.
ولا تزال المصانع تخفض الوظائف بأكبر قدر منذ أكتوبر 2020، حيث انخفضت الطلبات من الزبائن المحليين والزبائن في الصين والولايات المتحدة وأوروبا وأيرلندا.
وقال خبراء بمن فيهم روب دوبسون مدير ستاندرد آند بورز غلوبال في وقت سابق إن “الدافع الرئيسي لخسارة عقود التصدير كان الظروف الاقتصادية العالمية الضعيفة”.
ويأتي ذلك بينما كان هناك أيضا ذكر لقضايا متعلقة ببريكست، مثل تأخيرات الشحن وارتفاع التكاليف، مما دفع بعض زبائن الاتحاد الأوروبي إلى الحصول على منتجات في أماكن أخرى.
وبذلت بريطانيا جهودا كبيرة من أجل بناء شراكات تجارية حرة ثنائية مع العديد من الدول الوازنة من الناحية الاقتصادية بما فيها دول الخليج العربي لتعويض خسائر الانسحاب من أوروبا.