لاس فيغاس تعود بقوة لجمع أحدث ابتكارات الإلكترونيات

لاس فيغاس (الولايات المتحدة) - انطلق معرض لاس فيغاس للإلكترونيات في دورة هذا العام الخميس على وقع تجدد متسارع يتوقع أن يعطى زخما للقطاع رغم الأجواء الضبابية المرتبطة خصوصا بالتضخم وعمليات الإنتاج مرورا بصعوبات التموين.
ويأتي تنظيم الحدث وسط آمال في ضخ روح جديدة في قطاع التكنولوجيا وتصنيع الإلكترونيات بمختلف أنواعها وأحجامها بعد سنتين صعبتين طبعتهما الجائحة.
وقبل ثلاث سنوات، استقطب الملتقى السنوي أكثر من 117 ألف زائر، قبل بضعة أسابيع من بدء الجائحة، التي شلت معظم أجزاء الكوكب.
وفي العام الماضي، لم يشارك سوى 40 ألف شخص في نسخة هجينة من المعرض أقيمت مع انتشار المتحور أوميكرون من فايروس كورونا الذي ألزم الكثيرين منازلهم.
ويقول غاري شابيرو رئيس اتحاد التكنولوجيا الموجهة إلى العامة (سي.تي.أي)، الجهة المنظمة لهذا الملتقى المقام في قلب الصحراء، إنه “لشعور جميل بأن نرى الناس يعودون إلى التلاقي بعد سنتين أو ثلاث سنوات قاتمة”.
ويتوقع المنظمون أن يشارك أكثر من مئة ألف شخص في أحد أبرز الملتقيات السنوية العالمية لمحبي التكنولوجيا والخدمات الذكية، الذي انطلق بنسخته الأولى سنة 1967 في نيويورك.
وفي المجمل، ستشغل منصات العرض أكثر من 20 هكتارا، لكن الحضور المتوقع لا يزال أقل مما كان عليه قبل الأزمة الصحية.
وأكد ستيف كونيغ، نائب الرئيس المسؤول عن الأبحاث في جمعية تكنولوجيا المستهلك، وهي إحدى الجهات المنظمة للحدث، أن “نسخة 2023 تمثل خطوة جديدة نحو العودة إلى المستويات الطبيعية التي كانت تُسجل قبل الجائحة”.
وقال “في 2021، أقيم الحدث بنسخة افتراضية عبر الإنترنت فقط، وفي 2022 اتخذنا قرارا جريئا بالعودة إلى النسق الحضوري”، لكن “الإقبال كان أدنى بكثير مقارنة مع النسخ السابقة، إذ كانت قاعات كثيرة منه فارغة”.
وهذا العام، “عادت الشركات المصنعة للأجهزة الكهربائية والسيارات والشركات الناشئة المتطورة في مجال الذكاء الاصطناعي للمشاركة بأعداد كبيرة”.
واختارت مجموعة سامسونغ الكورية الجنوبية العملاقة خصوصا معرض لاس فيغاس واجهة لمنتجاتها في السوق الأميركية، وقد أضاءت الثلاثاء الماضي في حدث خاص للصحافة على غسالات من إنتاجها تحدد تلقائيا كمية الأوساخ على الملابس وكمية المنظفات المطلوبة.
كما تعمل الشركة على تصميم فرن مزود بكاميرا مدمجة لمراقبة الطهي مباشرة أو تصوير العملية بالفيديو، وهي وظيفة مصممة خصيصا للمؤثرين على الشبكات الاجتماعية.
وأصبح الحدث أيضا من أهم معارض السيارات، مع إعلانات خطفت الأنظار من شركات كبيرة بينها بي.أم.دبليو وستيلانتيس وسوني وغيرها.
ويشير توماس هوسون المحلل في شركة فورستر لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الأيام التي كان فيها المعرض يتمحور حول أجهزة التلفزيون والكمبيوتر المحمول والأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت قد ولّت.
ويقول “الآن بعد أن تم تضمين البرمجيات في جميع الأجهزة تعرض العلامات التجارية ابتكارات في السيارات الكهربائية والروبوتات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي”.
ويعوّل منظمو المعرض على التكنولوجيا لإعادة تنشيط الاقتصاد، كما حصل في الماضي مع الهواتف الذكية أو الإنترنت عالية السرعة.
◙ سيتعين على الشركات اختيار المنتجات التي ستعرضها بعناية، إذ أن ارتفاع الأسعار وحالة التشبع بعد الجائحة يضعفان الإنفاق الاستهلاكي
وقال كونيغ أثناء مؤتمر على هامش المعرض “هذه المرة، ستأتي موجات التغيير الرقمي الجديدة التي ستمنع التضخم وتحفز نمو الشركات”، مشيرا على وجه الخصوص إلى الروبوتات التي ستجعل المصانع أكثر كفاءة، والماكنات الزراعية الآلية.
وأوضح شابيرو أن التكنولوجيا تزيد الإنتاجية، وبالتالي تقلل من تكاليف الإنتاج، ما يجعلها “قوة انكماش للاقتصاد العالمي”.
ومع ذلك، سيتعين على الشركات اختيار المنتجات التي ستعرضها بعناية، إذ أن ارتفاع الأسعار وحالة التشبع بعد الجائحة يضعفان الإنفاق الاستهلاكي.
وتقدّر سي.تي.أي أن الإيرادات من قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة من السيارات والتلفزيون وتطبيقات الهاتف المحمول وما إلى ذلك ستنخفض إلى 485 مليار دولار في عام 2023، مقابل 512 مليارا في عام 2021، وهو عام قياسي.
ولاحظ الاتحاد في بيان أن “الركود والتضخم الوشيكين سيؤثران على ميزانيات الأُسر، لكن عائدات قطاع التكنولوجيا ستبقى أعلى بحوالي 50 مليار دولار من الأرقام المسجلة قبل الجائحة”.
وفي العام الماضي، هيمنت على المعرض فكرة أن مستقبل الإنترنت يتمثل في الواقع الافتراضي الذي يمكن الولوج إليه من خلال خوذ ذكية، لكن الحماسة لهذا الأمر بدأت تتلاشى تدريجيا خصوصا بعد سنة سيئة لشبكة ميتا الشركة الأم لفيسبوك، التي تُعد رافعة عالم ميتافيرس.
ولا تزال هذه الشبكة تواجه صعوبة في إقناع المستخدمين بجدوى هذا العالم الموازي، رغم استثمارها مبالغ طائلة في هذا المجال.
وتقول كارولينا ميلانيزي من شركة كرييتيف ستراتيجيز إن الميتافيرس “لم يصبح بعد فئة لعامة الناس”، غير أن العوالم الافتراضية لن تغيب عن صدارة الاهتمامات هذا العام، إذ سيشهد المعرض مشاركة الكثير من الشركات والمحاضرين الذين سيعرضون التطبيقات المتاحة في هذا المجال.
تسجل الأجهزة المتصلة بالإنترنت نفوذا متعاظما منذ ما يقرب من عقد، غير أن سوقها يبقى مشتتا للغاية، مع عشرات المصنعين والكثير من المعايير والقواعد المتنافسة.
◙ الأجهزة المتصلة بالإنترنت تسجل نفوذا متعاظما غير أن سوقها يبقى مشتتا للغاية مع عشرات المصنعين والكثير من المعايير والقواعد المتنافسة
وتحت راية اتحاد معايير الأجهزة المتصلة (سي.أس.أي) تعاونت أكثر من 550 شركة لتحديد بروتوكول مشترك، ما يعتبره الخبراء بمثابة ثورة في المجال.
ومع البروتوكول الجديد المسمى “ماتر”، والذي أطلقت النسخة الأولى منه في أكتوبر الماضي، سيكون ممكنا شراء جهاز من أي علامة تجارية تقريبا وربطه بالنظام المعتمد في منزل المستخدم، سواء مع تطبيقات أليكسا من أمازون أو نست من غوغل.
وأعلن أفي غرينغارت من شركة تكسبوننشل أن “بعض المنتجات حصلت على ترخيص المطابقة مع هذه المعايير الجديدة، وستكون هناك منتجات أخرى كثيرة في أروقة معرض لاس فيغاس”.
وأضاف المحلل “سنرى أجهزة ماتر مبرمجة مع أجراس منازل أو مكانس كهربائية أو أجهزة أخرى”.
ويحجز موضوع التغير المناخي مكانا له بين الملفات الكبرى المطروحة في معرض لاس فيغاس منذ سنوات، رغم أن الأحداث المخصصة له تستقطب عددا أقل من المشاركين مقارنة مع أحدث صيحات التكنولوجيا.
وعلى مدار أربعة أيام سيكون للتكنولوجيا الخضراء موقع خاص في المعرض، في مؤشر على رغبة المنظمين في إبراز الموضوع بصورة أفضل.