قيس سعيّد يحذر من مخطط لتعطيل الدور الثاني للانتخابات التونسية

تونس – حذر الرئيس التونسي قيس سعيد من "تآمر" داخل البلاد لتعطيل مسار تنظيم الدور الثاني للانتخابات التشريعية، مشيرا إلى "تمويل خارجي" لضرب استقرار الدولة، في وقت تكاثفت الجبهات المعارضة له والتي تسعى بعضها إلى العودة إلى السلطة عبر تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، بينما يعمل الاتحاد العام التونسي للشغل على استثمار الأزمة السياسية للضغط على السلطة من أجل الاعتراف بها كشريك سياسي قويّ ومؤثر.
وجاءت تصريحات سعيّد خلال لقائه الأربعاء مع وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، والمدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان، بقصر قرطاج، بحسب ما أعلنت الرئاسة التونسية في بيان.
وذكر البيان أن الرئيس التونسي شدد خلال الاجتماع على أن "الحرية لا تعني الفوضى والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".
وأشار الرئيس سعيّد إلى "من يقومون بتوزيع أموال طائلة على المواطنين بهدف تعطيل السير العادي للدور الثاني لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب أو تعطيل السير العادي لبعض المرافق العمومية، فضلا عن تلقيهم مبالغ ضخمة من الخارج بهدف المزيد من تأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية".
وشدد سعيّد "على ضرورة تطبيق القانون على الجميع"، قائلا "إن أمن الدولة والسلم الاجتماعي لا يمكن أن يترك من يسعى يائسا إلى ضربها خارج دائرة المساءلة والجزاء".
ورغم أن الرئيس التونسي لم يحدد الأطراف الساعية لعرقلة مرافق الدولة وجولة الإعادة، إلا أنه سبق وأن حذر في أكثر مناسبة من تحركات معارضيه، وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية، لضرب السلم الأهلي بالبلاد، محملا إياها المسؤولية الكاملة عن تلك الأفعال.
وكانت "جبهة الخلاص" التي يقودها السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي، وهي الواجهة السياسية لحركة النهضة، قد دعت قيس سعيّد إلى الاستقالة وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، بعد ضعف الإقبال على المشاركة في الانتخابات التي جرت في السابع عشر من ديسمبر الماضي.
ومن خلال هذه الجبهة تحاول حركة النهضة العودة من جديد إلى الحكم، والالتفاف على مسار الخامس والعشرين من يوليو 2021، الذي أزاح برلمانا كانت تسيطر عليه.
وأعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي الأسبوع الماضي استعداد الاتحاد لإطلاق مبادرة "لإنقاذ البلاد"، كما لوح بتنفيذ سلسلة من التحركات الاحتجاجية بدأت الاثنين بتنفيذ إضراب في قطاع النقل شل إقليم تونس الكبرى، الذي يضم أربع ولايات (محافظات) هي تونس العاصمة وأريانة ومنوبة وبن عروس.
ويتطلع الاتحاد العام التونسي للشغل إلى العودة إلى المشهد السياسي من جديد من بوابة الحوار الوطني، الذي يتحرك لإحيائه بالتحالف مع بعض المنظمات الحقوقية وقوى مقربة منه.
ويأتي هذا الحوار كمحاولة من الاتحاد لاستثمار النتائج الضعيفة للدور الأول من الانتخابات التشريعية التي بلغت 8.8 في المئة، من أجل الدفع نحو تسوية سياسية جديدة يكون من نتائجها إجراء انتخابات تشريعية جديدة وتشكيل "حكومة سياسية" يكون القرار المؤثر فيها للاتحاد، وفي الوقت نفسه ممارسة ضغوط على الرئيس سعيّد للتفاوض مع الأحزاب.
وسبق للاتحاد أن أنقذ حركة النهضة حينما كانت في السلطة في 2012، عندما عمت البلاد احتجاجات حاشدة على إثر اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد، كما سبق للاتحاد أن ساهم في تشكيل الحكومات المتعاقبة التي فشلت فشلا ذريعا في إدارة الوضع الاقتصادي، وفي تحقيق الإصلاحات المطلوبة.
يأتي ذلك، فيما تستعد تونس لعقد جولة إعادة للانتخابات التشريعية في مارس المقبل، بعدما شهدت الجولة الأولى في ديسمبر الماضي نسبة مشاركة متدنية.
وتستعد تونس لجولة إعادة تشمل 131 دائرة انتخابيّة فقط في الداخل يتنافس فيها 262 مرشّحا، من بينهم 34 امرأة و228 رجلا.
وخلال الدور الأول من الانتخابات البرلمانية التونسية، تم حسم 23 مقعدا من أصل 154 في المجلس، فيما سيتنافس المرشحون على 131 مقعدا في الدور الثاني.
ومن المقرر إعلان نتائج الدورة الثانية في الثالث من مارس 2023 بعد النظر في الطعون إن وجدت.
والانتخابات التشريعية الأخيرة في تونس تعتبر أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيّد تنفيذها في الخامس والعشرين من يوليو 2021، سبقها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء الخامس والعشرين من يوليو 2022.