تونس تطرح مخططا تنمويا جديدا يراهن على القطاع الخاص لتعافي الاقتصاد

الحكومة التونسية تسعى من خلال المخطط التنموي 2023 - 2025 إلى مكافحة الفقر وخفض نسبة البطالة وزيادة إنتاج الفوسفات وتعزيز زراعة "أكثر استدامة".
الأربعاء 2023/01/04
استثمار القطاع العام ضروري

تونس - قدّمت الحكومة التونسية الثلاثاء المخطط التنموي 2023 - 2025 الذي يعوّل بشكل كبير على استثمارات القطاع الخاص والتعافي الملحوظ في إنتاج الفوسفات والزراعة "الأكثر استدامة".

وقال وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد إن هذا المخطط "يركز على نموذج تنموي جديد" لإعادة التوازن الاقتصادي ومكافحة ارتفاع الفقر، الذي يعانيه 20 في المئة من 12 مليون تونسي.

وتشهد تونس أزمتين سياسية ومالية عميقتين أدتا في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، كالحليب والسكر والأرز والبن، وتراجع في القدرة الشرائية بسبب التضخم المتسارع (حوالي 10 في المئة في عام).

وينتظر هذا البلد المثقل بالديون الضوء الأخضر الحاسم من صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد يبلغ حوالي ملياري دولار، ويفترض أن يفتح المجال لمساعدات خارجية أخرى.

وفي إستراتيجيتها الجديدة 2023 - 2025، تريد الحكومة التونسية أن تكون "واقعية وحذرة" كما قال سعيد الذي توقع، من بين أمور أخرى، انخفاضا بطيئا في معدل البطالة إلى 14 في المئة عام 2025 مقارنة بما يزيد عن 15 في المئة عام 2022.

ويتوقع البرنامج نموا متواضعا بنسبة 2.1 في المئة عام 2023 (بعدما كان 1.8 في المئة عام 2022).

ومن أجل تحقيق ذلك، يعوّل على استثمارات عامة "ضرورية" تبلغ قيمتها 12.3 مليار دولار (بين 2023 - 2025)، من بينها 8.7 مليار من خلال ميزانية الدولة و3.6 مليار عبر الشركات العامة.

وقال وزير التشغيل والتكوين المهني التونسي نصرالدين النصيبي الثلاثاء في ندوة صحافية لتقديم هذا المخطط بحضور أعضاء من الحكومة، إن المخطط التنموي اعتمد لتقليص نسبة البطالة إلى 14 في المئة سنة 2025، على التشجيع على الاستثمار في القطاعات الواعدة والمتجددة وذات الطاقة التشغيلية المرتفعة والقيمة المضافة العالية والرفع من القدرة التشغيلية للمؤسسات والاستجابة للطلب الاقتصادي من الكفاءات، فضلا عن تحسين تشغيلية الباحثين عن شغل وتثمين رأس المال البشري ودفع المبادرة الخاصة ودعم البعد الدولي في السياسة الوطنية للتشغيل، وفقا لوكالة الأنباء التونسية.

وأضاف النصيبي أن من أهداف هذا المخطط مقاومة الفقر ودعم التماسك الاجتماعي، وذلك من خلال رفع المنحة المسندة للعائلات التي تحتضن أطفالا في إطار الإيداع العائلي، من 200 دينار إلى 300 دينار تونسي، وصرف منحة بـ30 دينارا لفائدة الفئة من 0 إلى 18 سنة من أبناء العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل المسجلة ببرنامج الأمان الاجتماعي، وتوسيع قائمة المنتفعين بالمنحة الشهرية القارة (200 دينار) المسندة للعائلات الفقيرة لأكثر من 300 ألف عائلة في 2025.

كما تتضمن أهداف هذا المخطط تسوية وضعية عملة الحضائر بإدماج 5 آلاف منهم سنويا بداية من 2023، وإحداث خط لتمويل مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بـ30 مليون دينار مخصصة لموارد الصندوق الوطني للتشغيل، لإسناد قروض بشروط تفاضلية خلال الفترة 2022 - 2024.

ويتضمن المخطط تمويل 3 آلاف مشروع نسائي في إطار برنامج رائدات، مع إعطاء الأولوية لتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة ومضاعفة الاعتمادات المخصصة لدعم موارد الرزق المدرجة ضمن تدخلات البرنامج الجهوي للتنمية من 5 إلى 10 ملايين دينار سنويا.

وأوضحت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي أن جزءا كبيرا من الاستثمارات سيوجه نحو القطاع الصناعي، الذي يفترض أن ترتفع نسبته من الناتج المحلي الإجمالي من 15 في المئة عام 2022 إلى 18 في المئة عام 2025، مع زيادة متوقعة في الصادرات من 12 إلى 18 مليار دولار سنويا.

كما يتوقّع المخطط التنموي زيادة إنتاج الفوسفات، أحد الموارد الطبيعية النادرة في البلاد، الذي تراجع بشكل حاد في السنوات العشر الماضية بسبب الاضطرابات الاجتماعية والفساد.

ومن أجل تعزيز زراعة "أكثر استدامة"، ستشجع السلطات الابتكار من خلال الشركات الناشئة المتخصصة في إعادة تدوير المياه ومكافحة الجفاف، الذي يضرب خصوصا وسط البلاد وجنوبها.

وتراهن الحكومة أيضا على التحول إلى الطاقة النظيفة، من خلال السماح باستغلال أراض زراعية لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح).

كذلك، ينص المخطط على تحسين شبكات الأمان الاجتماعي مثل تعويض الأسر التي ترعى شخصا مسنا وحيدا واستثمارات في التعليم.