شح إمدادات الحبوب والبذور الزيتية يُلهب الأسعار

في العام 2022 بلغت تكاليف واردات الغذاء تريليوني دولار وأجبرت البلدان الفقيرة على خفض الاستهلاك.
السبت 2022/12/31
العالم في حاجة إلى محاصيل قياسية لتلبية الطلب

لندن – قلص الجفاف أو الأمطار الغزيرة والحرب في أوكرانيا وتكاليف الطاقة المرتفعة الإنتاج الزراعي العالمي في عام 2022، وهي عوامل ستحد منه مجددا على ما يبدو خلال عام 2023 مما سيؤدي إلى شح الإمدادات حتى في الوقت الذي تشجع فيه الأسعار المرتفعة المزارعين على زيادة إنتاجهم.

ومن غير المرجح أن يجدد إنتاج المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والقمح المخزونات المستنفدة، على الأقل في النصف الأول من عام 2023، بينما تعاني المحاصيل التي تُستخرج منها زيوت الطعام من سوء الأحوال الجوية في أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا.

وقال أولي هوي مدير الخدمات الاستشارية في شركة الوساطة في مجال الزراعة أيكون كوموديتيز في سيدني إن “العالم بحاجة إلى محاصيل قياسية لتلبية الطلب. في عام 2023، نحتاج بشدة إلى أن نفعل ما هو أفضل من هذا العام”.

وأضاف “في هذه المرحلة، يبدو الأمر مستبعدا للغاية إذا نظرنا إلى آفاق الإنتاج العالمي للحبوب والبذور الزيتية”.

من غير المرجح أن يجدد إنتاج المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والقمح المخزونات المستنفدة، على الأقل في النصف الأول من عام 2023

وعلى الرغم من انخفاض العقود الآجلة للقمح والذرة وزيت النخيل عن مستوياتها القياسية المرتفعة أو عن مستوياتها في عدة سنوات، فإن الأسعار في سوق التجزئة لا تزال مرتفعة، ومن المتوقع أن تدعم الإمدادات المحدودة الأسعار في عام 2023.

وتسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية في 2022 في معاناة ملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وخاصة الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا التي تواجه بالفعل الجوع وسوء التغذية.

فتكاليف واردات الغذاء في طريقها بالفعل لتصل إلى مستوى قياسي يقارب تريليوني دولار في 2022، مما يجبر البلدان الفقيرة على خفض الاستهلاك.

وقفزت العقود الآجلة للقمح في مجلس شيكاغو للحبوب إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 13.64 دولار للبوشل في مارس (1 بوشل من القمح يساوي 27.29 كيلوغرام) بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا، مصدر الحبوب الرئيسي، إلى خفض الإمدادات في السوق المتضررة بالفعل من سوء الأحوال الجوية وقيود ما بعد جائحة كورونا.

وارتفعت أسعار الذرة وفول الصويا إلى أعلى مستوياتها في عشر سنوات، بينما ارتفعت أسعار زيت النخيل الخام في ماليزيا إلى مستوى قياسي في مارس.

وانخفضت أسعار القمح منذ ذلك الحين إلى مستويات ما قبل الحرب، وفقد زيت النخيل نحو 40 في المئة من قيمته وسط مخاوف من ركود عالمي وقيود الصين للحد من تفشي فايروس كورونا وتمديد اتفاق ممر البحر الأسود لصادرات الحبوب الأوكرانية.

بينما تسببت الفيضانات في أستراليا، ثاني أكبر مصدر للقمح في العالم، في الأسابيع القليلة الماضية في أضرار جسيمة للمحصول الذي كان جاهزا للحصاد، ومن المتوقع أن يؤدي الجفاف الشديد إلى تقليص محصول القمح في الأرجنتين بنسبة 40 في المئة تقريبا.

وسيؤدي ذلك إلى تقليل توافر القمح العالمي في النصف الأول من عام 2023.

وقد يؤدي نقص هطول الأمطار في سهول الولايات المتحدة، حيث تنخفض معدلات المحاصيل الشتوية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2012، إلى إضعاف الإمدادات للنصف الثاني من العام.

وبالنسبة إلى الأرز، يتوقع متعاملون أن تظل الأسعار مرتفعة ما دامت رسوم التصدير التي فرضتها الهند، أكبر مورد له في العالم، في وقت سابق من 2022.

وقال متعامل في شركة تجارية دولية مقرها سنغافورة إن “توافر الأرز في معظم البلدان المصدرة ضعيف للغاية باستثناء الهند، لكن لديها رسوم تصدير لخفض المبيعات”.

وأضاف “إذا تعرضنا لصدمة إنتاج في أي من أكبر الدول المصدرة أو المستوردة، فيمكن أن يؤدي ذلك حقا إلى دفع السوق للصعود”.

زيت النخيل، وهو زيت الطعام الأكثر استهلاكا في العالم، يتعرض لضربة من العواصف الاستوائية عبر جنوب شرق آسيا

أما في ما يخص الذرة وفول الصويا في أميركا الجنوبية فالتوقعات مشرقة على ما يبدو بالنسبة إلى حصادها في أوائل عام 2023 على الرغم من أن الجفاف الذي تشهده أجزاء من البرازيل، أكبر مصدر للفول في العالم، أثار في الآونة الأخيرة مخاوف.

ومن المتوقع أن تظل الإمدادات المحلية للولايات المتحدة من المحاصيل الرئيسية بما في ذلك الذرة وفول الصويا والقمح محدودة، وفقا لوزارة الزراعة الأميركية.

وتتوقع الوزارة انخفاض إمدادات الذرة الأميركية إلى أدنى مستوى لها خلال عقد من الزمن قبل حصاد عام 2023، بينما بلغت مخزونات فول الصويا أدنى مستوى لها في سبع سنوات ومن المتوقع أن تكون مخزونات القمح عند أدنى مستوى لها منذ 15 عاما.

ويتعرض زيت النخيل، وهو زيت الطعام الأكثر استهلاكا في العالم، لضربة من العواصف الاستوائية عبر جنوب شرق آسيا حيث أدت التكاليف المرتفعة إلى انخفاض استخدام الأسمدة.

ومع ذلك، شجع ارتفاع أسعار الحبوب المزارعين على زراعة المزيد من المحاصيل في بلدان منها الهند والصين والبرازيل.

وقال أولي “زادت وتيرة الزراعة في العديد من البلدان ولكن من المتوقع أن يظل الإنتاج ضعيفا بسبب سوء الأحوال الجوية وعوامل أخرى”. وأضاف “من غير المرجح أن يكون الإنتاج كافيا لتعويض الإمدادات التي استُنفدت”.

10