سيف الإسلام يعود إلى الواجهة مع تصاعد الضغوط لإجراء انتخابات في ليبيا

وجه ابن العقيد الراحل معمر القذافي سيف الإسلام جملة من الرسائل، التي لا تخلو من تحذير من أي خطوة قد تقود إلى إقصائه من المشاركة في الانتخابات، يأتي ذلك على وقع ضغوط دولية تطالب مجلسي النواب والدولة في ليبيا بضرورة التوافق سريعا حول القاعدة الدستورية، والتوقف عن سياسة التسويف والمماطلة.
طرابلس – عاد المرشح الرئاسي الليبي السابق سيف الإسلام القذافي إلى المشهد السياسي في ليبيا عبر بيان حذر من خلاله من أي تمش لإقصاء أي من المرشحين للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي، متهما مجموعة صغيرة بمصادرة إرادة الليبيين.
وجاء موقف ابن العقيد الراحل معمّر القذافي في بيان نشره الفريق السياسي التابع له مساء الثلاثاء، ويتزامن هذا الموقف مع ضغوط دولية متصاعدة على مجلسي النواب والأعلى للدولة بشأن الاتفاق على قاعدة دستورية تفسح المجال لإجراء الانتخابات العامة.
ولم يظهر ابن الزعيم الليبي الراحل منذ إيقاف العملية الانتخابية التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر من العام الماضي بسبب عقبات أمنية وقضائية وخلافات سياسية وقانونية بين المعسكرات المتنافسة، شكلت “قوة قاهرة” منعت إجراء الانتخابات.
هامش المناورة يضيق على مجلسي النواب والدولة في ظل ضغط متصاعد للتوصل إلى اتفاق بشأن القاعدة الدستورية
واتهم سيف الإسلام الأطراف السياسية المتصدرة للمشهد السياسي بإجهاض الانتخابات ومصادرة إرادة الملايين من الليبيين، من خلال الإبقاء على الخلافات حول القاعدة الدستورية للبقاء في السلطة.
وقال “مع انطلاق العملية الانتخابية لم تكن ما تسمى بالقاعدة الدستورية معروضة للنقاش أو محل خلاف، ولم يتم التطرق إليها، إلاّ بعد أن تم وأد العملية الانتخابية لأسباب سميت بالقوة القاهرة”، مضيفا أنه تم رهن مصير الشعب الليبي ومستقبل الأجيال القادمة بتلك القاعدة الدستورية.
واعتبر أن النقاط الخلافية بين الأطراف تضاف إلى ما تم الاتفاق عليه بين ممثلي البرلمان ومجلس الدولة على استبعاد من صدرت بحقهم أحكام قضائية حتى لو كانت غير نهائية من الترشح، أي “استهداف وإقصاء أشخاص بعينهم”.
وأشار إلى أن اختزال مشكلة البلاد في فقرتين بالقاعدة الدستورية، هو استهتار بأزمة ليبيا ومأساتها، وسيؤدي إلى إجهاض الانتخابات مرة أخرى.
ولم يجر إلى حد الآن تحديد موعد للانتخابات في ليبيا بسبب خلافات بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان على شروط الترشح للرئاسة. وقد صوّت مجلس الدولة على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح، في خطوة رفضها البرلمان الذي يطالب بالسماح للجميع بالترشح.
ويثير هذا الخلاف المفتعل، وفق البعض، استياء المجتمع الدولي، الذي هدد في وقت سابق بالسير في اعتماد آليات بديلة في حال استمر هذا الاستعصاء، ودفع هذا التهديد رئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح وخالد المشري إلى التحرك والاتفاق على استئناف المفاوضات بينهما حول القاعدة الدستورية، والذي من المرتقب أن يبدأ في يناير المقبل.
ويرى مراقبون أن هامش المناورة يضيق على مجلسي النواب والدولة في ظل ضغط أميركي وأوروبي متصاعد، وسيكون لزاما عليهما التحرك لتذليل الخلافات وهو الأمر الذي لن يكون بالهين حيث يرفض مجلس الدولة فتح المجال لقائد الجيش المشير خليفة حفتر للترشح وكذلك الشأن بالنسبة إلى سيف الإسلام.
وأكد ابن الراحل القذافي أن إقصاء أطراف بعينها قد يقود إلى الطعن في نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها أو مقاطعتها، وقد يصل إلى إجهاضها من الأساس، مشددا على ضرورة أن يترك القرار للشعب الليبي وأن تنتهي الوصاية على قراره وإرادته.
وقال “إننا على قناعة تامة بأن مطالب الليبيين واحدة ومآسيهم واحدة وأحلامهم واحدة وأنهم كشعب متصالح مع نفسه يريد الأمن والاستقرار، وأن يخرج من دوامة الحروب والانفلات الأمني والأزمات المستمرة”. وأضاف “يجب أن يترك القرار للشعب الليبي وأن تنتهي الوصاية على قراره وإرادته، فالشعب الليبي بات واعيا ويعلم مصلحته جيدا ويميز بين الحق والباطل وبين الغث والسمين”.
ولفت المرشح الرئاسي السابق إلى أن الليبيين يريدون الخروج من دوامة الحروب والانفلات الأمني والأزمات المستمرة وأن يضعوا نهاية لمسيرة الدموع والدماء، ويجب أن يصححوا المغالطة وسوء الفهم لطبيعة المصالحة التي تحتاجها ليبيا. وأضاف أن الجميع سيكتشف من خلال هذا المؤتمر أن الشعب الليبي موحد ومتفق على أهدافه الوطنية، وأنه يريد الانتخابات وينشد الأمن والسلام والخير والإعمار والرخاء والتنمية والتقدم والازدهار، مؤكدا أن موقفه مع الشعب ومع ما يريده ويراه الليبيون.
الدبيبة يؤكد أنه لا نية له بتسليم سيف الإسلام ولا رئيس المخابرات الليبية السابق عبدالله السنوسي
ويرى مراقبون أن ظهور سيف الإسلام مجددا ودعوته إلى عدم إقصاء أي مرشح للانتخابات جاء مع تنامي مخاوف أنصاره من إقصائه قبيل إقرار القاعدة الدستورية، وبعد دعوة عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها الأحد سيف الإسلام إلى ضرورة الامتثال للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما عدّه البعض استهدافا لابن الزعيم الليبي الراحل لحساب توجهات أميركية.
وتداولت صفحات داعمة لسيف الإسلام على نطاق واسع على فيسبوك أنباء عن وجود نية لخطفه بقصد إبعاده عن الساحة السياسية راهنا وتسليمه إلى الولايات المتحدة، لاسيما بعد أن طالبت الولايات المتحدة عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة السفير ريتشارد ميلز بضرورة تسليم سيف الإسلام الخاضع لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وذلك خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي قدمها مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، بشأن الوضع في ليبيا.
وأكد المتحدث الرسمي للمؤتمر الليبي للقبائل الطاهر الشهيبي (معروف بدعمه لسيف الإسلام) أن خطف سيف الإسلام وتسليمه بعيد المنال، كما أكد الدبيبة في مقابلة مع قناة تلفزيون “الحدث” السعودية مساء السبت أنه لا ينوي تسليم سيف الإسلام ولا رئيس المخابرات الليبية السابق عبدالله السنوسي.
وكان سيف الإسلام قد اختفى منذ ظهوره في مدينة سبها الواقعة جنوب البلاد، يوم تقديم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام الماضي، بعد أن واجه ترشحه آنذاك مشكلة كبيرة إثر إدانته من قبل محكمة ليبية وصدور مذكرة توقيف بحقّه من محكمة الجنايات الدولية.
كما دفع ذلك المفوضية العليا للانتخابات إلى استبعاده من القائمة الأولية للمرشحين قبل أن تنصفه محكمة سبها وتقضي بإدراج اسمه ضمن القوائم النهائية لمرشحي الرئاسة في ليبيا، التي تعذّر إجراؤها بسبب خلافات قانونية حول أهلية المرشحين وشروط الترشح، وتوترات سياسية بين المعسكرات المتنافسة.