"غدا… وهناك" تراجيديا تونسية يحيطها الفراغ

المسرحية تجمع بين مختلف شرائح المجتمع على اختلافاته الفكرية، وهي بذلك ترجمة للعلاقة بين مكونات الشعب الواحد.
الأربعاء 2022/12/28
البحث عن خلاص جماعي

تونس- تدور أحداث مسرحية “غدا… وهناك”، سينوغرافيا وإخراج التونسي نعمان حمدة، حول مجموعة من الأصدقاء يجتمعون من جديد عقب فترة زمنية طويلة، بعد أن تلقوا دعوة لحضور حفل عيد ميلاد، فيجدون أنفسهم في مكان غريب، ورغم انفتاحه وتعدد أبوابه ومنافذه إلا أنها تعيدهم إلى المكان نفسه الذي انطلقوا منه، فيدفعهم هذا الوضع إلى التأمل من جديد في واقعهم رغم اختلافاتهم.

واختار المخرج نعمان حمدة في هذا العمل، الذي قدم مؤخرا سلسلة من العروض الجديدة في تونس العاصمة، أن تكون الخشبة خالية من عناصر الديكور والإكسسوارات مكتفيا بالإضاءة، مما ينبئ منذ البداية بأن المخرج سيعول على لعب الممثل على الخشبة من ناحية، وليكون الفراغ الركحي منسجما مع الفضاء الذي تدور فيه أحداث المسرحية.

ويظهر هذا التعويل على أداء الممثل بدرجة أولى من قبل المخرج نعمان حمدة، وهو أحد المكونين في مدرسة الممثل بفضاء المسرح الوطني، ليبلغ أحاسيس الرهبة والخوف من المجهول، فكان الأداء يراوح بين السكون تارة والهيجان تارة أخرى. وهي خاصية اعتمدها المخرج لتفادي سقوط العرض، الذي يدوم حوالي ساعة ونصف الساعة، في الرتابة. بل إن الإيقاع اتخذ منحى تصاعديا لينسجم مع ذروة الأحداث وبنية المسرحية التراجيدية.

وفي ما يتعلق أيضا بأداء الممثلين على خشبة المسرح، نجح الممثلون في تقمص أدوارهم بحرفية، وجعلوا من أحاسيس الرهبة والخوف التي سكنتهم واقعا وحقيقة تسكن المتفرج في حد ذاته.

وجمعت شخصيات مسرحية “غدا… وهناك” بين مختلف شرائح المجتمع على اختلافاته الفكرية. وهي بذلك ترجمة للعلاقة بين مكونات الشعب الواحد، إذ سادها الاختلاف والتوتر والعنف وصولا إلى حد القتل رغم الكارثة التي تحيط بالأشخاص جميعا، فكل منهم مستميت في موقفه ويعتقد أن الدعوة كانت لحضور عيد ميلاده، رغم أن القضية المركزية هي البحث عن خلاص جماعي للخروج من ذلك المكان المخيف والمجهول.

 

13