بورصة المغرب على أبواب تحول في جذب الاستثمارات

خطط لإدراج عشرين شركة سنويا حتى حلول العام 2035.
الاثنين 2022/12/19
الأبواب مفتوحة، فأسرعوا!

وضعت السلطات التنظيمية المغربية رهانا كبيرا لتطوير سوق المال عبر حث الشركات المحلية على القيام بطرح أسهمها في سوق المال لتنشيطها بهدف زيادة تدفق الاستثمارات الجديدة وتنمية عمليات التداول، بما يستجيب مع خطط ترقيتها في وقت لاحق.

الدار البيضاء- كشف رئيس مجلس إدارة البورصة كمال مقداد أن بورصة الدار البيضاء تستهدف رفع عدد الشركات المدرجة بنحو خمسة أضعاف إلى 350 شركة بحلول عام 2035.

وبحسب مقداد الذي تحدث في مقابلة مع وكالة بلومبرغ الشرق فإن الخطط تتضمن اكتتابات بمعدل 20 شركة سنويا على مدى الأعوام الثلاثة عشر المقبلة.

وينسجم مستهدف السوق المالية للبلاد مع تفعيل الوكالة الحكومية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة بشأن اتخاذ القرارات حول خصخصة وإدراج مؤسسات حكومية بالبورصة.

وعقدت الوكالة الأسبوع الماضي أول اجتماع لمجلس إدارتها، برئاسة وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فاتح العلوي.

كمال مقداد: الشفافية ليست مبررا لعدم دخول الشركات سوق المال
كمال مقداد: الشفافية ليست مبررا لعدم دخول الشركات سوق المال

ويشمل مجال عمل الوكالة 57 شركة حكومية، حيث ستعمل على إعداد لائحة بالكيانات، التي ستخضع للخصخصة، إما عن طريق الإدراج في البورصة أو البيع لشركات خاصة أو دولية.

واعتبر مقداد أن “سوق المال في المغرب تعاني من ضعف معروض الأسهم المتاحة مقابل الطلب الكبير”، منوها بأنها استقطبت خلال الـ12 شهرا الماضية ثلاثة إدراجات فقط “رغم الظرفية الاقتصادية الصعبة”.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد الشركات المدرجة ببورصة الدارة البيضاء يبلغ 75 كيانا تعمل في قطاعات مختلفة تشمل البنوك والعقارات والصحة وغيرها.

وآخر الاكتتابات التي شهدتها البورصة كان من طرف شركة أكديطال، وهي مجموعة عائلية تأسست في عام 2011، والتي بدأ تداول أسهمها الأربعاء الماضي.

وقال طارق الصنهاجي المدير العام للبورصة إن “ما يميّز طرح أكديطال يتمثل في كونه الأهم منذ 2008، وتمّ من قبل شركة حديثة التأسيس، وفي ظروف صعبة”.

وأصبحت أكديطال بذلك أول شركة تعمل في القطاع الصحي تدخل بورصة المحلية، إذ سيغدو 31 في المئة من رأسمالها متداولا.

وجاء الإدراج بعدما استقطبت طلبات قيمتها 4.5 مليار درهم (432 مليون دولار) في الطرح العام الأولي لأسهمها، بما يوازي تغطية الطرح بنحو أربع مرّات قيمة المبلغ المطلوب.

وجمعت الشركة من عملية الاكتتاب 111 مليون دولار عبر زيادة رأس المال بمبلغ 76.1 مليون دولار، وبيع أسهم بقيمة 38.1 مليون دولار.

ولدى أكديطال، التي جنت أرباحا في العام الماضي بنحو 43 مليون دولار، 17 مستشفى في ست مدن مغربية، تضمّ 1822 سريرا، ما يمثل 15 في المئة من إجمالي الطاقة الاستيعابية للقطاع الخاص الصحي بالبلاد.

وأوضح رشدي طالب الرئيس والمدير العام لأكديطال أن “الشركة كان لديها قبل الطرح خطة لإضافة أربع مستشفيات في مدينتين جديدتين قبل مارس 2023. أما بعد الاكتتاب فسيصبح بإمكاننا الوجود في 15 مدينة بنهاية 2024”.

75

كيانا مدرجة في البورصة تنشط في قطاعات البنوك والبناء والصحة، وفق الأرقام الرسمية

وإلى جانب أكديطال، فقد شهدت البورصة خلال عام إدراج شركة تي.جي.سي.سي العاملة في قطاع البناء خلال ديسمبر 2021، وفي يوليو الماضي، شركة ديستي تكنولوجيز المتخصصة بتوزيع المعدات الإلكترونية.

وكان صنهاجي قد توقع في مارس الماضي أن تشهد سوق المال المحلية طرح أسهم عشر شركات للاكتتاب العام خلال العامين الحالي والمقبل.

وحتى قبل الجائحة، كانت وتيرة الاكتتابات العامة ضعيفة بالبلاد، إذ لم تتعد إدراجين عام 2015، وإدراجا وحيدا في 2016، وإدراجين عام 2018، فيما لم يُسجل أي إدراج خلال عامي 2017 و2019، مقابل إدراج واحد في 2020.

وأواخر شهر نوفمبر كشف مسؤول في بنك “سي.إف.جي” (CFG) أنه يعتزم طرح حصة 15 في المئة إلى 20 في المئة من أسهمه في بورصة الدار البيضاء قبل نهاية العام المقبل.

والإدراج المرتقب للبنك الذي تأسس في عام 1992 كبنك أعمال، ثم تحول بعد ثلاث سنوات إلى بنك تجاري شامل، سيكون السابع من نوعه في القطاع المصرفي الأكثر حضورا في البورصة المحلية.

ويُشدد مقداد على أن خصوصية البورصة المحلية تكمن بضعف الأسهم المتاحة، فالأمر لا يتعلق بالطلب بل بالعرض، والدليل على ذلك هو تجاوز الطلب على أسهم شركة تي.جي.سي.سي عشر مرّات المبلغ المراد جمعه، وشركة أكديطال حوالي أربع مرّات.

وللترويج للاكتتاب العام كوسيلة بديلة للتمويل لدى قطاع الأعمال، تنظم البورصة لقاءات بمختلف جهات البلاد لتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة على طرح أسهمها لتمويل استثماراتها.

111

مليون دولار جمعتها الشركة من عملية الاكتتاب وزيادة رأس المال بمبلغ 76.1 مليون دولار، وبيع أسهم بقيمة 38.1 مليون دولار

كما يعمل المشرفون على البورصة على عقد شراكات مع صناديق استثمارية لمواكبة مستهدفها.

ومن المتوقع أن تشهد استثمارات الشركات المغربية تراجعا خلال العام المقبل، بينما تراهن فيه الحكومة على زيادة حجم الاستثمار في القطاعين العام والخاص للمساهمة بشكل أكبر في رفع النمو الاقتصادي للبلاد، وفقا لما خلصت إليه توقعات رسمية حديثة.

ووفق المندوبية السامية والتخطيط، وهي هيئة حكومية مكلفة بالإحصاء، فإن الشركات المحلية ستكون أكثر حكمة من حيث الاستثمار بتفضيل تحسين وضعها المالي الداخلي لتكون أقل اعتمادا على التمويل المصرفي.

ويُرجع متابعون ضعف نشاط الإدراج في بورصة المغرب إلى هيمنة الشركات الصغيرة والمتوسطة على اقتصاد البلاد. ويأتي هذا الموقف في حين يثير آخرون هاجس الشفافية التي تفرضها قوانين الإفصاح على الشركات المدرجة.

لكن رئيس مجلس إدارة بورصة الدار البيضاء يعتبر أن “الشفافية ليست مبررا لعدم مبادرة الشركات لدخول سوق المال، بل يجب أن تكون هدفا وحافزا لديها”.

ومع إدراج أكديطال كأول شركة عاملة بالقطاع الصحي، يتوقع مقداد أن تشهد بورصة الدار البيضاء “المزيد من دخول شركات مماثلة لتمويل استثماراتها، بهدف مواكبة الطلب المرتفع في قطاع الصحة مع بدء البلاد مشروع تعميم الحماية الاجتماعية”.

10