واشنطن تنفي مواجهة أبوعجيلة الإعدام وسط اتهامات لحكومة الدبيبة بالخيانة العظمى

البرلمان الليبي يطالب بتحقيق في اختطاف المسؤول الأسبق المتهم في قضية لوكربي ومحاكمة كل المتورطين في تسليمه، فيما تدعو حكومة فتحي باشاغا إلى الإفراج عنه فورا.
الثلاثاء 2022/12/13
قضية لوكربي تعود إلى الواجهة

واشنطن - أكّد القضاء الأميركي أنّ المسؤول الليبي الأسبق المتّهم بصنع القنبلة التي استخدمت لتفجير طائرة بانام الأميركية فوق بلدة لوكربي الإسكتلندية في 1988، في هجوم أوقع 270 قتيلا، لا يواجه عقوبة الإعدام، وسط اتهام البرلمان لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بتسليم أبوعجيلة محمد مسعود المريمي إلى واشنطن والمطالبة بمحاكمة كل المتورطين بتهمة الخيانة العظمى.

ولدى مثول أبوعجيلة محمد مسعود (71 عاما) أمام قاضية فيدرالية في محكمة بواشنطن في جلسة استماع مقتضبة، أُبلغ الليبي بالتّهم الموجّهة إليه، ومن بينها خصوصا "تدمير طائرة أوقع قتلى".

لكن على الرّغم من خطورة هذه التّهم فإنّ مسعود، المولود في تونس، لا يواجه خطر الإعدام لأنّ هذه العقوبة لم تكن مطبّقة على الصعيد الفيدرالي في الولايات المتّحدة في 1998 في ما يتعلّق بالتّهم الموجّهة إليه.

وأكد المدعي الفيدرالي إريك كينرسون للقاضية الفيدرالية روبن ميريويذر خلال جلسة الاستماع أن مكتبه "لن يتابع أي شيء يتعلق بعقوبة الإعدام، لأن التهم الموجهة للمتهم لم تكن مؤهلة للإعدام في عام 1988 عندما وقع التفجير".

وخلال الجلسة التي تواصل فيها مسعود مع المحكمة بواسطة مترجم، أُبلغ المتّهم بأنّه سيظل موقوفا حتى موعد الجلسة الثانية في السابع والعشرين من ديسمبر الجاري، والتي يمكن خلالها لوكلاء الدفاع عنه أن يقدّموا طلبا لإطلاق سراحه.

وأكّدت النيابة العامّة مسبقا أنّها ستعترض على أيّ طلب لمنح المتّهم إطلاق سراح مشروطا.

ورحّب وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند بنقل المتّهم إلى الولايات المتّحدة لمحاكمته على أراضيها.

وقال غارلاند في بيان إنّ "هذه خطوة مهمّة في تحقيق العدالة للضحايا وأحبائهم".

وكان القضاء الأميركي وجّه الاتهام إلى مسعود، وهو ضابط سابق في جهاز الأمن الخارجي الليبي، غيابيا في الحادي والعشرين من ديسمبر 2020 حين كان الأخير موقوفا في بلده. ويومها قالت واشنطن إنّها "متفائلة" بإمكانية تسلّمه من طرابلس.

وطالب البرلمان الليبي بفتح تحقيق في قضية اختطاف أبوعجيلة مسعود ومحاكمة كل المتورطين في تسليمه للولايات المتحدة بتهمة الخيانة العظمى.

وأكد البرلمان في خطاب وجهه إلى مكتب النائب العام، رفضه القاطع لكل المحاولات الجارية لإعادة فتح قضية "لوكربي" التي تمت تسويتها نهائيا مع الحكومة الأميركية بموجب اتفاق رسمي، ترتب عليه عدم المسؤولية الجنائية للدولة الليبية وتعويض المتضررين من الحادثة تعويضا ماديا.

وشدد البرلمان على معارضته لإعادة فتح الملف من جديد لأسباب سياسية ولابتزاز الدولة الليبية بهدف الاستيلاء على أموالها المجمدة، مطالبا بمحاكمة كل من يتورط من الليبيين في إعادة الملف إلى الواجهة بتهمة الخيانة العظمى، وملاحقة المتورطين في القبض على المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي وتسليمه إلى جهات أجنبية.

أبوعجيلة محمد مسعود المريمي

وطالبت وزارة العدل بالحكومة المكلفة من مجلس النواب الاثنين، بالإفراج الفوري عن المريمي وإعادته إلى أرض الوطن، محملة الأطراف المسؤولة عن احتجازه المسؤولية القانونية المترتبة على هذا الفعل الخارج عن القانون.

وقالت الوزارة، في بيان عبر صفحة الحكومة على فيسبوك، إنها تقف ضد الإرهاب بكل أشكاله، إلا أن "الواجب القانوني وسيادة الدولة الليبية يحثان على المطالبة بالإفراج عن المواطن أبوعجيلة مسعود المريمي المسؤول السابق في المخابرات الليبية، والذي أدين بتهم لا علاقة لها بحادثة لوكربي، التي أغلقت، ولا يجوز فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت بين الطرفين بحق الآخر قبل الثلاثين من يوليو 2006".

وأوضحت الوزارة أنها تتابع "بقلق واستنكار شديدين ما آل إليه الوضع الراهن من مساس بسيادة واستقلال القضاء الليبي الذي لا يقبل التقسيم، ويقف على مسافة واحدة من الجميع"، مشيرة إلى استنكارها احتجاز المواطن أبوعجيلة مسعود المريمي وتسليمه لدولة أجنبية خارج الأطر والأعراف القانونية.

واتهمت عائلة أبوعجيلة مسعود حكومة الدبيبة باعتقال المريمي، قائلة إن "عناصر من 'القوة المشتركة' التابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة هي من اعتقلت المريمي، يوم السابع عشر من نوفمبر الماضي، وجرى احتجازه في أحد مقراتها بمدينة مصراتة".

وأضاف ابن شقيق المريمي في تصريحات لـ"بوابة الوسط" المحلية أن أبوعجيلة مسعود الذي يناهز الـ80 عاما من العمر، كان طريح الفراش ساعة اعتقاله، حيث يعاني من مرض مزمن.

ولفت إلى أن العائلة خاطبت مكتب النائب العام، ووزارة العدل، إلى جانب المحامي العام، والمجلس الرئاسي، ولكنها لم تتحصل سوى على وعود وتطمينات بالخصوص.

 وقال إن وفدا اجتماعيا مكونا من حوالي 40 شخصا، حاول مقابلة الدبيبة بالخصوص، لكنه لم يتمكن من ذلك، وجرت مقابلته من أحد ممثليه.

وأوضح أن أفرادا من عائلة المريمي زاروه في مقر احتجازه بمدينة مصراتة، حيث أبلغوا بقرب إطلاقه، إلا أنهم تفاجأوا بخبر تسليمه إلى الولايات المتحدة.

والأحد، أعلن مدّعون عامّون إسكتلنديون أنّ مسعود بات محتجزا لدى السلطات الأميركية، لكن من دون أن يوضحوا كيف نُقل من ليبيا إلى الولايات المتّحدة.

وفي بيان مقتضب، اكتفى البيت الأبيض بالقول إنّ الولايات المتّحدة أوقفت المتّهم "بشكل قانوني".

وبعيد وصوله إلى الولايات المتحدة، نُقل مسعود إلى منشأة تابعة لوزارة العدل في ألكسندريا بولاية فيرجينيا، لإتمام المراحل الأولى من معالجة ملفه.

وأدين شخص واحد حتى الآن على خلفية تفجير رحلة بان أميركان 103 في الحادي والعشرين من ديسمبر 1988، في اعتداء إرهابي هو الأكثر دموية الذي تشهده الأراضي البريطانية.

وانفجرت الطائرة التي كانت متوجّهة إلى نيويورك بعد 38 دقيقة من إقلاعها من لندن، ما أدّى إلى سقوط هيكلها في بلدة لوكربي بينما تناثر الحطام على مساحة شاسعة.

وأسفر التفجير عن مقتل 259 شخصا، بينهم 190 أميركيا، كانوا على متن الرحلة، إضافة إلى 11 شخصا كانوا على الأرض.

وأمضى ضابط المخابرات الليبي السابق عبدالباسط المقرحي سبع سنوات في سجن إسكتلندي بعد إدانته في هذه القضية عام 2001، وتوفي في ليبيا عام 2012. ولطالما دفع المقرحي ببراءته.