تركيا والجزائر تسعيان لإدامة الاستقرار في ليبيا أم لتثبيت الدبيبة

الجزائر- تسعى تركيا لتجاوز حالة الارتباك التي يعيشها حليفها في غرب ليبيا عبدالحميد الدبيبة الذي يبدو مكبلا بعد انتهاء ولايته وصلاحية الاتفاق السياسي الذي أتى به إلى السلطة.
ورغم بقائه في منصبه واستمرار الدعم الدولي لحكومته، إلا أن الدبيبة لا يمكنه إلا تسيير الأعمال بانتظار قدوم حكومة جديدة، وهو ما يتعارض مع طموحات الرجل الذي يسعى لتحقيق أهداف وخطط بعيدة المدى تحتاج استقرارا وتمويلا من المصرف المركزي الملزم حاليا بالإنفاق فقط على صرف الرواتب ودعم بعض السلع.
وتدفع أنقرة مستعينة بالجزائر نحو تثبيت الدبيبة في السلطة عن طريق إجراء انتخابات تشريعية فقط وانتخاب برلمان جديد يعيد تجديد الثقة في الدبيبة، تماما كما حصل مع ملتقى الحوار السياسي.
وتدعم أنقرة بقوة عبدالحميد الدبيبة وترفض محاولات دولية وإقليمية لاستبعاده وهو نفس الشيء بالنسبة إلى الجزائر التي كان رئيسها عبدالمجيد تبون قد أكد في أكثر من مناسبة دعم الجزائر لما وصفه بـ”الشرعية الدولية” المتمثلة في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.
◙ الوضع الإقليمي يبدو مناسبا أكثر من أي وقت لتمرير خطط تركيا والجزائر في ليبيا، حيث تنشغل مصر وتونس بأزماتهما الداخلية، في حين اختارت دول مثل الإمارات والسعودية الابتعاد عن الملف
والأحد بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع الرئيس الجزائري الملفات ذات الصلة بتكريس السلم والاستقرار.
وأوضح جاويش أوغلو في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أنه تم خلال اللقاء التطرق إلى القضايا الإقليمية، ومن بينها الوضع في ليبيا.
وأضاف قائلا “نحن عازمون على تعزيز تعاوننا والارتقاء بعلاقاتنا الثنائية إلى أرفع مستوى، خاصة في ما يتعلق بتكريس السلم والاستقرار في المنطقة”.
كما أشار إلى أنه استمع إلى آراء الرئيس الجزائري بخصوص الملف الليبي، مبرزا ما وصفه بـ”الإسهامات الإيجابية التي قدمتها الجزائر في ما يتعلق بمختلف القضايا الإقليمية”.
ومن غير المعروف ما يمكن للجزائر أن تقدمه إلى تركيا في ما يتعلق بالملف الليبي خاصة أن علاقتها متوترة ببقية الأطراف شرق البلاد. كما أن علاقتها بفرنسا ومصر ليست قوية في الوقت الراهن، في حين لا يعرف إن كان لديها نفوذ للتأثير على قرارات المبعوث الأممي الجديد السنغالي عبدالله باتيلي.
وتدعم فرنسا ومصر بقوة استبدال حكومة الدبيبة بحكومة انتقالية جديدة لكن هذه المساعي تواجه عدة صعوبات خلال هذه الفترة خاصة بعد أن توترت العلاقة بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري على خلفية إصدار البرلمان قرارا بإنشاء محكمة دستورية في بنغازي.
وتحسنت علاقات فرنسا والجزائر عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس الماضي، لكن مراقبين يرجّحون عودة التوتر بعد فضيحة تسليم باريس الجزائر جماجم لصوص على أنها لمقاومين ضد الاستعمار.
وكانت وسائل إعلام تحدثت عن لقاء كان من المزمع عقده في مدينة الزنتان غرب ليبيا، بين المشري وعقيلة صالح في تسريبات تشير إلى أن الهدف من اللقاء كان بحث استبدال محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، لكن اللقاء لم يعقد، في حين لا يعرف إذا كان سبب تأجيله يعود إلى قرار إنشاء المحكمة الدستورية.
◙ أنقرة تدعم بقوة عبدالحميد الدبيبة وترفض محاولات دولية وإقليمية لاستبعاده وهو نفس الشيء بالنسبة إلى الجزائر
وقبل ذلك زار خالد المشري وعقيلة صالح القاهرة وبحثا تشكيل سلطة تنفيذية جديدة ومن ثم الاتفاق على إصدار قاعدة دستورية تجرى وفقها الانتخابات.
ويبدو الوضع الإقليمي مناسبا أكثر من أي وقت لتمرير خطط تركيا والجزائر في ليبيا، حيث تنشغل مصر وتونس بأزماتهما الداخلية، في حين اختارت دول مثل الإمارات والسعودية الابتعاد عن الملف وهو ما يجعل حلفاءهم شرق ليبيا في وضع صعب ومجبرين على القبول بأيّ مقترح.
وكان المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي قد طرح مبادرة لحل الأزمة عبر لقاء تشاوري بين المجالس الثلاثة (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة)، بالتنسيق مع باتيلي.
ومساء الأحد أكد باتيلي أن مبادرة المجلس الرئاسي “تهيّئ لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية”، وهو ما يعني رفضه مبادرة البرلمان ومجلس الدولة لإعادة تشكيل سلطة تنفيذية جديدة وأنه يركز على الاتفاق على القاعدة الدستورية التي ستجرى وفقها الانتخابات.
ويدعو الدبيبة إلى إجراء انتخابات برلمانية فقط مع تأجيل الرئاسية ويطالب باستمرار مجلسيْ النواب والدولة في التركيز على إصدار القاعدة الدستورية، مؤكدا أنه لن يسلم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة.
ورفض الدبيبة تسليم السلطة إلى حكومة موازية برئاسة فتحي باشاغا الذي كلفه البرلمان ويعمل من سرت منذ أشهر، لكن دون صلاحيات واضحة أو ميزانية.
• اقرأ أيضا:
دعم أممي لمبادرة المجلس الرئاسي في ليبيا لإنهاء الانسداد السياسي