زيارة الرئيس التونسي إلى واشنطن فرصة لتبديد الهواجس الأميركية

تشكل زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الولايات المتحدة للمشاركة في القمة الأفريقية – الأميركية فرصة مهمة لتبديد هواجس إدارة جو بايدن حيال المسار الانتقالي في تونس، كما أن من شأنها أن تدفع نسق العلاقات بين الطرفين.
تونس - تحمل زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد، التي بدأت الاثنين إلى الولايات المتحدة وسيشارك خلالها في الدورة الثانية للقمة الأميركية – الأفريقية، دلالات سياسية مهمة لجهة دعم واشنطن للسلطة السياسية القائمة، على الرغم من بعض الهواجس التي تبديها.
وهذه الزيارة هي الأولى التي يؤديها الرئيس سعيّد إلى الولايات المتحدة منذ صعوده إلى السلطة في العام 2019، للمشاركة في القمة التي تنطلق الثلاثاء وتمتد لثلاثة أيام بدعوة من الرئيس الأميركي جو بايدن.
وكانت الولايات المتحدة استبعدت عددا من القادة الأفارقة الذين تتهمهم بالاستبداد من القمة، التي تراهن عليها لتعزيز العلاقات بين دول القارة السمراء والولايات المتحدة، خصوصا مع تحول القارة إلى ساحة شديدة المنافسة بين القوى الدولية الكبرى.
وتأتي الزيارة بعد أيام قليلة على مشاركة الرئيس سعيّد في القمة العربية - الصينية في المملكة العربية السعودية، والتي جرى على هامشها لقاء ثنائي جمع بين الرئيس التونسي ونظيره الصيني شي جينغ بينغ، الذي أعرب عن رغبته في تعزيز العلاقات الثنائية، وانفتاحه على استكشاف المزيد من فرص التعاون بين البلدين.
ويرى مراقبون أن مشاركة تونس في القمة الأفريقية – الأميركية مهمة جدا، مشيرين إلى ظهور بوادر في الأشهر الأخيرة عن رغبة إدارة بايدن في الانفتاح أكثر على الرئيس سعيّد، بعد أن أظهرت تحفظات حيال المسار الذي أعلنه في الخامس والعشرين من يوليو 2021.
ويشير المراقبون إلى أن زيارة الرئيس التونسي إلى واشنطن فرصة مهمة لتبديد الهواجس الأميركية حيال المسار الانتقالي الحالي، الذي ينتظر الانتهاء من آخر محطة له الشهر الجاري بإجراء الانتخابات التشريعية.
وكانت القوى المعارضة لمسار الخامس والعشرين من يوليو، وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية، شنت حملة ضخمة لضرب صورة المسار في الخارج، والتسويق إلى أن البلاد تتجه نحو “دكتاتورية جديدة”، لكن هذه الحملة بدأ تأثيرها بالانحسار رويدا وباتت الصورة أكثر وضوحا بالنسبة للقوى الغربية، التي تراجعت عن مواقف سابقة أعلنتها، على غرار فرنسا التي أكد رئيسها إيمانويل ماكرون خلال القمة الفرنكوفونية التي جرت الشهر الماضي عن دعمه للرئيس سعيّد والمسار الحالي.
هذا التغير في المواقف ينسحب أيضا على الولايات المتحدة التي أرسلت في الأشهر الأخيرة إشارات إيجابية، من ذلك تقديم منحة لتونس لدعم البرنامج الحكومي لتعزيز الأمان الاجتماعي.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان نشرته صباح الاثنين إن زيارة سعيّد إلى الولايات المتحدة “جاءت إثر دعوة من الرئيس جو بايدن، للمشاركة في الدورة الثانية لقمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا التي ستنعقد بواشنطن”.
وفي يوليو الماضي أعلن بايدن عزمه على استضافة عدد من قادة الدول الأفريقية بواشنطن، وأشار بايدن إلى أن “القمة ستظهر التزام الولايات المتحدة تجاه أفريقيا، وستساعد في تعزيز المشاركة الاقتصادية الجديدة، والالتزام المشترك تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وأكد النائب المساعد لدى الرئيس الأميركي ومجلس الأمن القومي ومنسّق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك الخميس الماضي، على عراقة الشراكة الثنائية التي تجمع الولايات المتحدة وتونس، والتي تتوسّط الآن قرنها الثالث، وعلى فرص تعزيزها خلال العام المقبل، بما في ذلك في مجالات الأمن الثنائي والتعاون في مكافحة الإرهاب.
جاء ذلك خلال زيارة أداها ماكغورك على رأس وفد أميركي رفيع المستوى إلى تونس، والتقى خلالها بالرئيس سعيّد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن، وتم خلالها توجيه دعوة رسمية إلى تونس لحضور القمة.
وجدّد المسؤول الأميركي التأكيد على استمرار دعم الولايات المتحدة لتحسين مناخ الاستثمار في تونس، ومن ذلك المساهمة في مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالمي، وعلى تواصل دعمها لتعزيز برنامج شبكة الأمان الاجتماعي في تونس، والإصلاحات الأساسية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي فيها وزيادة الفرص الاقتصادية المتاحة للشعب التونسي.
ويواجه الاقتصاد التونسي أزمة خانقة، تسعى الحكومة إلى الخروج منها بأخف الأضرار، مراهنة في ذلك على اتفاق مع صندوق النقد الدولي سيمنح بموجبه الصندوق قرضا لتونس بحوالي 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات.
ويرى خبراء أن الموقف الأميركي له تأثير قوي على حصول تونس على القرض، الذي سيحسم مجلس إدارة صندوق النقد القرار بشأنه خلال اجتماع مقرر في التاسع عشر من الشهر الجاري.
وأكد النائب المساعد لدى الرئيس الأميركي ومجلس الأمن القومي ومنسّق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أهمية مشاركة تونس في أعلى مستوى في القمّة الأميركية - الأفريقية، معتبرا أن هذه القمّة تعدّ فرصة سانحة للمزيد من تدعيم علاقات التعاون الثنائي والثلاثي بين تونس والولايات المتحدة والقارة الأفريقية.