مبادرة الصلح الجزائي تحرر رجال الأعمال التونسيين من الابتزاز وتحملهم مسؤولية التنمية المحلية

الرئيس التونسي قيس سعيد يطلق مبادرة لاسترجاع الأموال المنهوبة عقب سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
الجمعة 2022/12/09
في انتظار المشاريع التنموية

تونس - تنظر أوساط سياسية في تونس إلى تفعيل مبادرة الصلح الجزائي التي أطلقها الرئيس قيس سعيد لاسترجاع أموال الدولة من رجال الأعمال على أنها قد تحررهم من الابتزاز الذي عانوا منه لسنوات عقب سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، لكنها ستثقل كاهلهم بمسؤولية التنمية المحلية التي تعد من مسؤوليات الدولة.

وطالب الرئيس التونسي سعيد من أعضاء اللجنة الوطنية للصلح الجزائي الأربعاء باستعادة 13 مليار دينار (حوالي 3 مليارات دولار) من الأموال المنهوبة في غضون 6 أشهر.

ويأتي ذلك في ظل جهود حكومية متعثرة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار وسط أزمة اقتصادية حادة لم تشهدها البلاد منذ عقود.

منذر ثابت: أغلب رجال الأعمال يعتبرون أنهم دفعوا الضريبة مضاعفة
منذر ثابت: أغلب رجال الأعمال يعتبرون أنهم دفعوا الضريبة مضاعفة

وحثّ سعيد أعضاء اللجنة الذين أدوا اليمين أمامه على القيام بالمهام التي أوكلت لهم، والعمل على استرجاع الأموال التي نُهبت من الشعب التونسي.

وقال “عملكم كبير وتاريخي، لكم 6 أشهر، توكّلوا على الله.. ولا تفرّطوا في أيّ مليم”. وتابع “كلّ مليم من الأموال المنهوبة، يجب أن يعود
إلى الشعب”.

ودعا أعضاء اللجنة إلى تحقيق هذا الهدف في ظرف 6 أشهر حتّى لا يتمّ الاضطرار إلى التمديد في عهدة اللجنة، حاثا إياهم على تولي أمانة استرجاع أموال الشعب والعمل بكلّ حرية واستقلالية، لاسيما وأنّ الوثائق التي تثبت حقوق أفراده موجودة لدى القطب المالي وفي تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد لسنة 2011.

وأشار رئيس الدولة إلى أنّه بعد استرجاع الأموال المنهوبة من البلاد، سيتمّ التنسيق على كيفيّة توزيعها بطريقة عادلة.

وختم “كلّما ازدادت النصوص زادت اللصوص، يكفينا من هذا الوضع، ولتعود أموال الشعب التونسي”.

وشكّلت مبادرة الصلح الجزائي للرئيس سعيد أحد أبرز البرامج التي دعا إلى تحقيقها قبل سنوات والتي أكد أنها أولوية قصوى، وذلك في العديد من المناسبات وخاصة خلال الحملة الانتخابية عام 2019.

وفي مارس الماضي أعلن سعيد طرح مرسوم يتعلق بالصلح الجزائي مع رجال الأعمال “حتى يسترد الشعب أمواله المنهوبة”، مؤكدا أنه “إجراء قانوني معروف وعوض الزج بالمتهم في السجن، يدفع الأموال التي تمتع بها بشكل غير مشروع إلى الشعب”.

ويهدف الصلح الجزائي، بحسب نص المرسوم الرئاسي، إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات ناتجة عنها تم تقديمها أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسساتها أو أي جهة أخرى وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة.

قيس سعيد يحث أعضاء اللجنة الذين أدوا اليمين أمامه على القيام بالمهام التي أوكلت لهم والعمل على استرجاع الأموال التي نُهبت من الشعب التونسي

وأفاد الناشط السياسي منذر ثابت أن “الآلية جيّدة والفكرة مطروحة منذ 2012 وكنت شخصيا من دعاتها، كما أن الرئيس سعيد قال منذ 2019 إن التمشي ليس انتقاميا، ورجال الأعمال تعرضوا للتنكيل والابتزاز بعد ثورة يناير وجاء الرئيس سعيد لسحب البساط من المنظومة السابقة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “كان من المفروض أن تتم تسوية الملف بعد 2011، والمبادرة الآن متأخرة لكن هي السبيل الوحيد لمعالجة الملف”، قائلا “أغلب رجال الأعمال يعتبرون أنهم دفعوا الضريبة مضاعفة في علاقة بتلك الأموال، والمخاوف في هذا الظرف موجودة، وهم يرون أنهم تحملوا المشقة منذ 12 عاما ومن الضروري أن يأخذ بعين الاعتبار كل تلك المعطيات”.

وأردف ثابت “الرئيس قال منذ البداية إنه لا توجد مخاوف، وسيحرّرهم من الابتزاز، لكن إلى حد الآن ليس ثمة رسائل طمأنة بخصوص ذلك”.

وأكد بدرالدين قمودي النائب السابق بالبرلمان المنحل، أن “المبادرة متأخرة جدا، لأن الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد كان يتطلب أن تكون في وقتها المناسب، وكان لا بدّ من تحريك القطب القضائي الاقتصادي والمالي وتعديل دوره وصلاحياته في هذا الإطار”.

وصرّح لـ”العرب”، “المبادرة موجهة لمن نهبوا الأموال ومن طالت أياديهم المال العام، كما أن رجال الأعمال تم ابتزازهم من طرف حكومات سابقة، وهذه المبادرة تهدف لاستعادة الأموال لفائدة المجموعة الوطنية”. واستطرد قائلا “أن تأتي المبادرة أفضل من ألاّ تأتي”.

4