تبون يلوح بمبادرات جديدة لاستمالة الشارع

الجزائر - أوحت رسائل سياسية وجهها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بأنه بصدد التركيز على استمالة الشارع بالكشف التدريجي عن منجزات ومشروعات سياسية واقتصادية في الأفق، وذلك وفق أجندة تصب كلها في تمهيد طريق المرور إلى ولاية رئاسية ثانية، رغم أن الأمر يبقى بعيدا نسبيا ولم تتضح معالم المشهد بعد لدى مصادر القرار.
وتضطلع وكالة الأنباء الرسمية بأداء حملة دعائية مبكرة للرئيس تبون، من خلال برقيات تشيد بما باتت تصفه بـ”منجزات محققة ومشاريع في الأفق”، بشكل يستهدف استمالة الشارع الجزائري وتحقيق التفاف حول الرجل، تحسبا لطرح التجديد له في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى بعد عامين من الآن.
ويبدو أن أذرع الدعاية الرسمية في الجزائر بصدد استغلال قلب الرئيس لـ”سوء الحظ” الذي بدأ به مشواره في قصر المرادية إلى إنجازات محققة بعد عودة الحياة العادية وإفرازات الأزمة الأوكرانية، من أجل المرور إلى ولاية رئاسية ثانية بواسطة رسائل متدرجة تستهدف الوصول إلى تعبئة شعبية شاملة بعد عامين من الآن.
وكالة الأنباء الرسمية تضطلع بأداء حملة دعائية مبكرة للرئيس تبون، من خلال برقيات تشيد بما باتت تصفه بـ"منجزات محققة ومشاريع في الأفق"
وذكرت برقية للوكالة الرسمية صدرت الثلاثاء بأن “الجزائر تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية تحت قيادة الرئيس تبون من تحقيق تجربة ديمقراطية وتنموية رائدة، أساسها انتقال سياسي سلس يراعي المبادئ الدستورية والإرادة الشعبية وطفرة اقتصادية مبنية على تثمين القدرات الوطنية وتحرير المبادرات والطاقات الشبابية”.
وأضافت “حظيت هذه التجربة بإشادة دولية واسعة من طرف العديد من الهيئات الأممية ومخابر البحث المختصة التي أجمعت عبر مختلف التقارير والملاحظات الصادرة عنها على التنويه بالنتائج الإيجابية للورشات الإصلاحية التي باشرها الرئيس تبون عقب انتخابه رئيسا للجمهورية في ديسمبر 2019، وذلك من خلال إستراتيجية شاملة مبنية على رؤية سياسية واضحة التف حولها الشعب الجزائري ومختلف القوى الحية في البلاد”.
وأعادت التذكير بـ”أهم محاور الإستراتيجية التي تبناها الرجل في تعهداته الانتخابية، والقائمة على استعادة الشعب لثقته في دولته والالتفاف حولها بغية ضمان استقرارها ومستقبلها، مع استعادة هيبة الدولة من خلال ترتيب الأولويات والاستجابة للتطلعات العميقة والمشروعة للشعب نحو التغيير الجذري لنمط الحكم، وهو ما تم عبر استكمال البناء المؤسساتي بالموازاة مع أخلقة الحياة العامة ومكافحة كل أشكال الفساد وتكريس استقلالية العدالة التي تواصل حربها على من تسببوا في الإضرار بالمؤسسات ونهبوا المال العام، حيث وصلت البلاد بمؤسساتها وهيئاتها الدستورية إلى مرحلة ارتسم معها وجه جزائر الثقة في الحاضر والأمل في المستقبل”.
وأعطت الرسالة التي وجهها بمناسبة انعقاد الذكرى الأولى لتأسيس المحكمة الدستورية الانطباع بأن تبون يسير نحو الكشف التدريجي عن برنامجه السياسي، بعدما أكد على “إدراكه الجيد لطموحات ورغبات الشعب الجزائري”، الأمر الذي يوحي إلى تحضيره لمبادرات أخرى، وهو ما يؤكد محتوى برقية سابقة لنفس الوكالة أكدت على أن الرجل يحضر لـ”مفاجآت في العام الجديد”.
الرسالة التي وجهها تبون بمناسبة انعقاد الذكرى الأولى لتأسيس المحكمة الدستورية أعطت الانطباع بأنه يسير نحو الكشف التدريجي عن برنامجه السياسي
وإن أردفها بالتشديد على احترام بلاده للمواثيق والنصوص الدولية، فإن الرسالة تنطوي على تطمينات يريد توجيهها للرأي العام الدولي، بعد موجة الانتقادات التي طالت السلطة في المجلس الأممي لحقوق الإنسان، بسبب ما أسمته بـ”تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر”، وهو ما يوحي إلى إمكانية اتخاذ خطوات في مجال الانفتاح السياسي والإعلامي والحد من ممارسات القمع التي ميزت المشهد العام خلال السنوات الأخيرة.
وذكر في رسالته بأنه “يدرك تمام الإدراك طموحات الشعب الجزائري إلى عدالة حقة وإلى الازدهار والتنمية في جزائر جديدة مهابة الجانب، تتبوّأ مكانتها التي تستحقها على الصعيدين الإقليمي والدولي، مكانة تتناسب وقدراتها البشرية والمادية وتتوافق وتضحيات أبنائها الجسام خلال ثورة التحرير المظفرة وعبر مختلف محطات تاريخها المجيد”.
وأعاد التذكير بالعقيدة الاجتماعية للدولة وحرص حكومته على التكفل بالحياة الكريمة لجميع فئات المجتمع، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي أفرزتها الجائحة الصحية العالمية، وحالة الإغلاق الشامل التي عاشها العالم، وما ترتب عنه من جمود للنشاط الاقتصادي بشكل عام.
وذكر بأن خيار الدولة الاجتماعية هو عقيدة راسخة لن يتم التخلي عنها، وستبقى الدولة إلى جانب الفئات الهشة في المجتمع سواء بدعم المواد الاستهلاكية الأساسية أو التحويلات الاجتماعية لصالح الأفراد والفئات المعوزة، فضلا عن الرواتب وتخصيص منحة البطالة ومحاربة المضاربة غير المشروعة، وتوفير المواد الاستهلاكية في الأسواق.
ويبدو أن تبون الذي انتخب نهاية العام 2019، وسط احتجاجات شعبية ونسبة مشاركة شعبية لم تتعد سقف الـ30 في المئة من تعداد الجزائريين، بصدد استغلال المكاسب الاقتصادية المحققة بسبب طفرة الطاقة في الأسواق الدولية في استمالة الشارع الجزائري وتعبئته لرفع منسوب شعبيته في ولاية رئاسية ثانية.