تجربة تونسية تفتح آفاق تحويل مخلفات المناجم إلى مواد بناء

المشروع الصناعي الذي تأسس عام 2010 في ولاية بنزرت يستفيد من النفايات المتراكمة في المناجم المغلقة بالمنطقة لتحويلها إلى طوب.
الأربعاء 2022/12/07
كم من الطوب تنتجون يوميا؟

بنزرت (تونس) - تفتح تجربة تونسية لتحويل مخلفات المناجم إلى مواد يمكن استخدامها في المباني المزيد من الآفاق لرواد الأعمال لاستنساخ هذا المشروع بما يساهم في خطط الحكومة لإزالة الكربون.

وخطت دول كثيرة خطوات كبرى نحو تطبيق معايير المباني الخضراء الصديقة للبيئة في المشاريع العقارية الكبرى الجاري تنفيذها حاليا أو المخطط تشييدها خلال السنوات القليلة المقبلة.

وتمثل شركة "صواب" التونسية إحدى العلامات في هذا الاتجاه الذي لا يزال يسير ببطء في البلاد جراء الأزمات المركبة التي تعاني منها منذ أكثر من عقد.

وضحى عبدالملك غنام الأستاذ الجامعي التونسي في علوم الاتصال بوظيفته في سلك التدريس الجامعي لتحقيق حلمه بإطلاق مشروع تحويل مخلفات التربة إلى أحجار بناء بما يتوافق مع المعايير البيئية.

ويستفيد المشروع الصناعي الذي تأسس عام 2010 في ولاية (محافظة) بنزرت شمال البلاد من النفايات المتراكمة في المناجم المغلقة بالمنطقة لتحويلها إلى طوب.

عبدالملك غنام: قوالب التربة المضغوطة حل لمشكلتي الطاقة والتكلفة
عبدالملك غنام: قوالب التربة المضغوطة حل لمشكلتي الطاقة والتكلفة

ويقول غنام مؤسس الشركة لرويترز وهو يشير إلى المواد التي يستخدمها في صناعة مواد البناء إن “هذه التربة عبارة عن بقايا منجم الحديد المغلق منذ ما يزيد عن عشرين سنة ويمكن تحويلها إلى قوالب من التربة المضغوطة”.

ويؤكد أن إنتاج القوالب من التربة المضغوطة هو في الحقيقة حل لعدة مشاكل وأهمها مشكلة الطاقة باعتبار أنه يمكن الضغط على التكاليف بدرجة كبيرة جدا.

وليس ذلك فحسب، بل يمكن من خلال هذه النوعية من المشاريع توفير المزيد من فرص العمل للشباب والأهم منذ ذلك هو إمكانية الحد من الانبعاثات الغازية.

ويضيف غنام “هذا المشروع لا ينتج نهائيا نفايات لكنه يثمن النفايات في شكل قوالب نستطيع من خلالها حل مشاكل السكن واليوم العالم يعيش العديد من المشاكل المرتبطة بالطاقة والنفايات وكيفية التصرف فيها”.

وتوفر عملية البناء بالطوب الترابي، الذي يحتفظ بالحرارة، ما يصل إلى النصف من التكاليف كما أنها تسرع من عملية البناء، لكن غنام لم يذكر كلفة إنتاج الطن الواحد أو سعر بيعه في السوق.

وواجه غنام العديد من الصعوبات في البداية بسبب ما حدث في العام 2011 وتردد المهندسين والمجتمع على النطاق الأوسع في استخدام طوب التربة، لكن إيمانه بأهمية المشروع دفعه للاستمرار.

ويقول إن مبيعاته تنمو بنسبة 25 في المئة كل عام منذ عام 2010 وقدمت شركته خدمات لأكثر من 600 زبون حتى الآن.

ومن بين هؤلاء الزبائن، دار ضيافة صديقة للبيئة تم بناؤها فقط باستخدام الطوب الخاص الذي ينتجه.

ويشير مؤسس المشروع إلى أن “المواد الأولية تأتينا من أماكن مختلفة. هذه المواد الأولية تأتينا من بقايا منجم الحديد”.

تفكير دائم في تطوير الإنتاج
تفكير دائم في تطوير الإنتاج 

وقال “نحن نقوم بتجميع المواد الأولية من عدة أماكن وهذه المواد نحصل عليها من بقايا منجم الحديد بتمرة الذي نجد فيه كميات كبيرة جدا في مساحة تصل إلى ثمانية آلاف هكتار”.

ويضيف “هذا ليس بجبل طبيعي بل هو كميات كبيرة جدا من النفايات المترتبة عن الاستغلال المنجمي التي نقوم بإعادة تدويرها في شكل قوالب”.

ويشرح غنام طريقة الصناعة والبناء باستخدام الطوب الذي ينتجه. ويقول “بعد خلط المواد الأولية نقوم بعملية الضغط في هذه الآلة إلى أن تصبح من خلالها القوالب جاهزة. وبعد ذلك تخزينها لمدة أسبوع لتصبح جاهزة، وهي لا تمر إلى الأفران فقط بالضغط، ويمكن أن تلاحظ هنا أنها متماسكة من اليوم الأول ثم يتم تخزينها لمدة أسبوع بهذا الشكل”.

◙ السكن الإيكولوجي هو خيار إستراتيجي وهو الذي سيعم مستقبلا لأن العالم يعيش على وقع أزمات الطاقة المتعددة

ويضيف “بعد أن أصبحت القوالب جاهزة للبناء يمكن تثبيتها بالجدران دون اعتماد مادة الأسمنت هكذا بهذه الطريقة ويمكن تثبيتها أيضا بدون استعمال مواد أخرى مثل الأعمدة الخرسانية”.

ويؤكد قائلا “هنا يتم الضغط على الكلفة بنسبة تصل إلى 50 في المئة تقريبا وسرعة البناء بالإضافة إلى الحجب الحراري وهذه هي الميزة الأساسية للبناء بمادة التراب”.

ويتحدث عن حبه للعمل الذي يقوم به ويديره. ويوضح قائلا “أنا شغوف بالبناء الإيكولوجي وأحب ما أعمل وأنا أؤمن بالشيء الذي أقوم به”.

ويرى غنام أن السكن الإيكولوجي هو خيار إستراتيجي وهو الذي سيعم مستقبلا لأن العالم يعيش على وقع أزمات الطاقة المتعددة.

وقال إن العالم “يعيش على أزمات التغيرات المناخية ونوعية الهواء التي أصبحت ملوثة خارج المسكن وداخله من خلال المواد الكيميائية في الفضاء الذي نعيش فيه ونتنفس فيه، حتى أصبحنا اليوم نتحدث على أمراض المباني”.

نقوم بالإنتاج ونفكر بترويجه 
نقوم بالإنتاج ونفكر بترويجه 

10