الإفراج عن سياسي سوداني عشية اتفاق بين الجيش والمدنيين

الخرطوم - أفرجت السلطات السودانية الأحد عن سياسي بارز قبل يوم على توقيع اتفاق مبدئي بين تحالف قوى الحرية والتغيير، الذي ينتمي إليه، وبين الجيش لإنهاء أزمة سياسية تسبب فيها انقلاب أكتوبر 2021.
وكان السياسي اليساري وجدي صالح، الذي أُطلق سراحه من قسم شرطة بالعاصمة الخرطوم، من أبرز أعضاء لجنة لمكافحة الفساد تم تشكيلها بعد الإطاحة بالبشير.
وسلّم صالح نفسه إلى شرطة القسم الشمالي بالخرطوم في الثاني عشر من أكتوبر الماضي، بعد ساعات على نشر النيابة العامة إعلانا صحافيا يصفه بالمتهم الهارب على خلفية بلاغ قيدته وزارة المالية، وضُم إليه لاحقا المقدم المتقاعد عبدالله سليمان الذي كان يتولى مسؤولية الإشراف على تنفيذ قرارات لجنة إزالة التمكين، التي جمد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان عملها في أولى قرارات انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.
وقال رئيس هيئة الدفاع عن وجدي صالح المحامي محمود الشاذلي في تصريحات صحافية إن "النيابة العامة صدقت بالضمانة العادية لوجدي صالح في اثنين من البلاغات، وبتوجيه من النائب العام أطلق سراحه".
ويعد الإفراج عن المعتقلين أحد الشروط التي طرحت لتهيئة الأجواء قبل توقيع الاتفاق الإطاري بين قادة الجيش وقوى سياسية الاثنين، لكن حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يعد وجدي صالح أحد قياداته قال إنه يرفض هذا الاتفاق ولن يكون جزءا من مراسم توقيعه.
وقال صالح بعد وقت وجيز على إطلاق سراحه أمام حشد من مستقبليه بالقرب من القسم الشمالي "أنا خرجت من السجن بسند الجماهير والثوار"، مناديا بإطلاق جميع المحتجزين في سجون الانقلاب.
وشدد على أنه ضد أي تسوية سياسية مهما كان شكلها لشرعنة الانقلاب العسكري، باعتبارها ستقود إلى نظام أحادي ورئيس أوحد يتسلط على رقاب الشعب السوداني.
وتابع "أنا ابن هذا الشعب ومع تطلعاته ولن يحدث على الإطلاق أن أكون خارج هذا السياق، والثورة مستمرة وسنتقدم الصفوف مهما كانت التضحيات".
وكان القيادي بالحرية والتغيير ياسر عرمان قال في تصريحات صحافية الأحد "سيتم إطلاق سراح وجدي صالح وسيكون معنا في التوقيع على الاتفاق الإطاري الاثنين، وكذلك أسر الشهداء".
وتوقع الحرية والتغيير وقوى مدنية أخرى الاثنين اتفاقا إطاريا مع قادة الجيش ينص على تشكيل مؤسسات حكم مدني كامل، ولكن حزب البعث الذي ينتمي إليه صالح أعلن رفضه المشاركة في التسوية السياسية، معلنا تمسكه بإبعاد قادة العسكر الحاليين ومحاكمتهم بتهم تقويض النظام الدستوري وجرائم القتل وانتهاكات حقوق الإنسان.
وسيتضمن الاتفاق الإطاري فترة انتقالية سياسية بقيادة مدنية لمدة عامين، يقتصر فيها دور الجيش على مجلس للأمن والدفاع يرأسه رئيس الوزراء.
لكن الاتفاق لا يحدد موعدا للتوصل إلى اتفاق نهائي ويترك مصير قضايا حساسة، منها العدالة الانتقالية وإصلاح قطاع الأمن، للمزيد من المحادثات. ويواجه هذا الاتفاق بالفعل معارضة من جماعات الاحتجاج المناهضة للجيش، وكذلك من الفصائل الإسلامية الموالية لنظام عمر البشير الذي أطيح به في عام 2019.
والسودان بلا رئيس وزراء منذ الانقلاب الذي أنهى ترتيب تقاسم السلطة بين الجيش وتحالف قوى الحرية والتغيير، والذي كان من المفترض أن يفضي إلى انتخابات ديمقراطية. ووصف التحالف اعتقال صالح في أكتوبر بأنه سياسي تماما.
وبعد احتجاجات حاشدة على الانقلاب على مدى ما يزيد عن عام، وفي ظل الركود الذي يمر به الاقتصاد السوداني، الذي يعاني أزمة منذ فترة طويلة، بعد تعليق مساعدات مالية دولية بمليارات الدولارات، اتخذ الجيش في الآونة الأخيرة موقفا أكثر ميلا للتصالح تجاه الجماعات المؤيدة للديمقراطية.
لكن الجيش شدد في غضون ذلك لهجته ضد الإسلاميين المؤيدين لنظام البشير.
وأعلن الجيش وقوى الحرية والتغيير أنهما يعتزمان التوقيع على الاتفاق الإطاري الاثنين. كما التقى نائب رئيس مجلس السيادة الأحد مع بعض فصائل المعارضة القوية السابقة التي شككت في الاتفاق وحثها على دعمه.
وعملت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والسعودية والإمارات ودول أخرى على تسهيل المحادثات بين الجانبين.