نقص المعلمين مصدر قلق من فرنسا إلى تونس فالولايات المتحدة

خبير منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي يؤكد أن النقص في المعلمين مسألة مثيرة للقلق يجب التحرك بشأنها.
الخميس 2022/12/01
نقص أعداد المعلمين يؤثر على مستوى التعليم

باريس - من تدني الرواتب إلى تردي ظروف العمل، ومن ألمانيا إلى تونس والنيجر مرورا بالولايات المتحدة، تعاني مهنة التدريس من صعوبات كبيرة في استقطاب معلمين في عدد كبير من دول العالم، وهي ظاهرة بدأت تتنامى منذ أزمة وباء كوفيد – 19.

وتتحدث وثيقة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) نشرت في أكتوبر عن نقص 69 مليون معلم في جميع أنحاء العالم لتحقيق “تعليم أساسي شامل بحلول 2030”.

ويرى إريك شاربونييه، الخبير في التعليم بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، أنه “يمكننا القول إن أزمة كوفيد كشفت أهمية مهنة التدريس، ونتيجة لذلك اكتسب موضوع جاذبية المهنة التي كانت قائمة من قبل، أهمية”.

ويضيف “لدينا أربعة آلاف وظيفة شاغرة لمعلمين هذا العام في فرنسا، وهو رقم يدل على ارتفاع لكن الوضع ليس أفضل في أي مكان آخر”.

أسباب النقص مختلفة منها انخفاض الرواتب وصعوبة ظروف العمل، إضافة إلى تردي الوضع الاعتباري للمعلمين

في فرنسا دفعت صعوبات التوظيف غير المسبوقة عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لونغيه إلى تمديد الموعد النهائي للتسجيل في مسابقات بداية العام الدراسي 2023 أسبوعين في نوفمبر المنقضي بسبب نقص المرشحين.

وفي تقرير قدمه في يونيو الماضي تحدث اليميني لونغيه على المستوى الأوروبي عن “جاذبية مهنة التدريس” بصفتها “مشكلة عامة للبلدان، بغض النظر عن كتلة الرواتب”.

وتفيد تقديرات وطنية بأنه سيكون هناك نقص حجمه 25 ألف مدرس بحلول 2025 في ألمانيا مثلا، و30 ألفا في البرتغال بحلول 2030.

ويضيف إريك شاربونييه أن ألمانيا والبرتغال والسويد وإيطاليا تواجه “موجة تقاعد كبيرة مما سيسهم في احتداد المشكلة”.

في التفاصيل، وعلى مستوى المدارس الابتدائية، تجاوز 60 بالمئة من المعلمين سن الخمسين في إيطاليا. وتبلغ هذه النسبة 37 بالمئة في ألمانيا و42 بالمئة في البرتغال و36 بالمئة في السويد و23 بالمئة في فرنسا، حسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

وعلى مدى أكثر من شهرين عاشت تونس على وقع أزمة كبيرة بين وزارة التربية ونقابة التعليم حول توظيف الوافدين الجدد على التعليم، ما حال دون حصول أكثر من 150 ألف تلميذ على الدروس، وهو ما أدى إلى تأجيل امتحانات الثلاثي الأول. وتقول الوزارة إن الإمكانيات المالية للدولة لا تسمح لها بتوظيف المئات من المعلمين الجدد وبرواتب مرتفعة، وهو ما رفضته النقابة.

ويمكن الإشارة إلى أسباب مختلفة، حسب ريجي ماليه أستاذ علوم التربية في جامعة بوردو، من بينها “انخفاض الرواتب وخصوصا في فرنسا وكذلك تردي ظروف العمل والأوضاع القانونية، إلى جانب بعد له دلالة قوية يظهر بوضوح وهو تردي الوضع الاعتباري وعدم إظهار الامتنان للمدرس”.

60

بالمئة من المعلمين على مستوى المدارس الابتدائية تجاوزا سن الخمسين في إيطاليا

وقال ماليه العضو في معهد فرنسا الجامعي لوكالة فرانس برس إنه في عدد من البلدان، لاسيما في فرنسا، تم الانتقال “من مهنة ذات قيمة اجتماعية مضافة عالية ومكانة، إلى شكل من عدم اليقين في المهمات المطلوبة وفقدان المعنى وأخيرا التضارب” بين المدرسة والحياة. وتعاني من هذا النقص القارات الأخرى أيضا.

وقال برهان شقرون مدير قسم السياسات ونظم التعليم في اليونسكو إنه في أفريقيا جنوب الصحراء “هناك في المتوسط مدرس مؤهل واحد لكل 56 تلميذا في المرحلة الابتدائية ومعلم واحد مؤهل لـ55 تلميذا في المرحلة الثانوية”. وأضاف أنه بحلول 2030 “سيكون على تشاد والنيجر مضاعفة عدد معلمي المدارس الابتدائية لديهما”.

وتابع أنه في هذا الجزء من العالم عدد المعلمين الذين يتم تعيينهم “أقل من الاحتياجات الحالية والمتوقعة، ويجب توظيف 16.5 مليون مدرس إضافي بحلول 2030”.

وتشهد الولايات المتحدة أزمة “غير مسبوقة”، بحسب إريك شاربونييه. وفي نهاية أغسطس الماضي تحدثت صحيفة واشنطن بوست عن “نقص كارثي”، موضحة أن البلاد “لم تشهد يوما وضعا على هذه الدرجة من الخطورة”.

وأكد خبير منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن النقص في المعلمين “مسألة مثيرة للقلق يجب التحرك بشأنها” لكنها “ليست حتمية”. وأضاف أن “فنلندا وكوريا الجنوبية وأيرلندا تسجل أداء جيدا بفضل سياسات تعتمد على التطوع مع تقدير للمهنة من قبل المجتمع”.

وفي فرنسا بدأت مشاورات لزيادة رواتب المعلمين في أكتوبر، يفترض أن تنتهي في أواخر فبراير أو بداية مارس القادميْن.

5