المبعوث الأميركي إلى اليمن يبحث في سلطنة عمان والسعودية دعم جهود السلام

مسقط/الرياض - لا تزال الجهود الدولية والأممية حثيثة من أجل تمديد الهدنة السابقة في اليمن التي بدأت في أبريل وانتهت في الثاني من أكتوبر الماضي رغم التصعيد الحوثي على عدة جبهات.
وبدأ المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ الاثنين زيارة إلى سلطنة عُمان والسعودية بهدف دعم جهود السلام.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن ليندركينغ سافر إلى عمان والمملكة العربية السعودية لـ”دعم جهود السلام الجارية”، مشيرة إلى أن البيئة التي أوجدتها الهدنة بوساطة الأمم المتحدة “تمثل أفضل فرصة أتيحت لليمن من أجل السلام منذ عدة سنوات”.
ودعت في بيانٍ لها الحوثيين إلى “وقف فوري لهجماتهم على الموانئ اليمنية”، داعيةً الجماعة المدعومة من إيران إلى اغتنام فرصة السلام بالتعاون مع جهود الأمم المتحدة.
ورغم أن اليمن ليس بلدا نفطيا، إلا أن جماعة الحوثي تخوض منذ انتهاء الهدنة “حربا نفطية” ضد الحكومة المعترف بها دوليا، لإجبارها على تقاسم إيرادات النفط الشحيحة.
الولايات المتحدة تدعو المسلحين الحوثيين إلى اغتنام فرصة السلام بالتعاون مع جهود التي تبذلها الأمم المتحدة
ويسعى الحوثيون لفرض معادلة جديدة على الأرض تقوم على تقاسم عائدات النفط مع السلطة الشرعية، مستغلين في ذلك الموقف الدولي الضعيف والمقتصر حتى الآن على بيانات الشجب والتنديد.
ويرى مراقبون أن الجماعة الموالية لإيران تعمد إلى استغلال الظرفية الإقليمية والدولية في محاولة لفرض أمر واقع يقوم على الاعتراف بسلطتها ومنحها الإمكانيات لدعم هذه السلطة وتعزيزها.
وشنت جماعة الحوثي عدة هجمات بطائرات مسيرة على ميناءي الضبة النفطي في محافظة حضرموت، والقنا في محافظة شبوة، المطلين على خليج عدن وبحر العرب جنوبي البلاد، لمنع رسو السفن النفطية سواء لتصدير النفط الخام أو لتفريغ شحنات من مشتقات النفط.
وبلغت مداخيل اليمن من النفط أكثر من 1.4 مليار دولار في 2021، مقارنة بأكثر من 710 ملايين دولار في 2020 بارتفاع بلغ 99.4 في المئة.
وهذه المداخيل وعلى تواضعها، إلا أنها تغري الحوثيين للاستفادة منها في دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والذين لم يتقاض أغلبهم رواتبهم لأشهر طويلة.
كما يسعى الحوثيون لإضعاف القدرات المالية للحكومة الشرعية في إطار حرب اقتصادية عنوانها “النفط”.
غير أن أغلب الحقول والموانئ النفطية ليست خاضعة لسيطرة الحوثيين، ما صعّب عليهم استعمال ورقة النفط، فلجؤوا إلى سلاح الطائرات المسيرة لاستهداف ناقلات النفط التي ترسو في الموانئ الجنوبية الواقعة تحت نطاق “سيطرتهم النارية”.
ويوجد في اليمن ثلاثة موانئ رئيسية لتصدير النفط والغاز المسال (ليس بينها ميناء القنا التجاري)، اثنان منها يقعان في المنطقة الجنوبية وخاضعان للحكومة الشرعية، وهما ميناء بلحاف للنفط والغاز، وميناء الضبة النفطي، المطلين على خليج عدن وبحر العرب.
وأما الميناء الثالث فيقع بمحافظة الحديدة (غرب) على البحر الأحمر، ويسمى ميناء رأس عيسى النفطي، وهو خاضع لسيطرة الحوثيين. وتتمركز أغلب حقول النفط والغاز في محافظات مأرب (وسط) وشبوة (جنوب) وحضرموت (شرق).
واستهداف الموانئ وناقلات النفط العملاقة يدخل في سياق الحرب الاقتصادية أو البحرية أو النفطية، والتي تصب ضمن هدف رئيسي واحد وهو السعي لاقتسام الإيرادات النفطية.
وهذا ما يفسر رفض الحوثيين تمديد الهدنة بعد انتهائها في الثاني من أكتوبر، ووضعهم شروطا جديدة للدخول في هدنة أخرى وعلى رأسها تقاسم إيرادات النفط والغاز مع الحكومة الشرعية، وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وصرف رواتب الموظفين.
126
مليار دولار حجم الخسائر التي تكبدها اقتصاد اليمن في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم، وفق الأمم المتحدة.
وفي حين كانت الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية الداعم لها قد أكدا تمسكهما بتمديد الهدنة بما يخدم مصالح اليمنيين ويخفف وطأة الوضع الإنساني الكارثي، إلا أنهما اتهما الحوثيين بالتعنت في المفاوضات.
ويشير محللون إلى أن المرحلة المقبلة إما أن تشهد اتفاقا لتمديد الهدنة يتضمن تنازلات من الطرفين، أو تدخل في نفق التصعيد المفتوح ليشمل جبهات أخرى برية وبحرية على النفط والغاز.
وإذا وقع هذا التصعيد، فإن الشعب اليمني برمته سواء في الشمال أو الجنوب سيدفع ثمنه، في ظل أزمة غذاء حادة، ونقص في التموين بالكهرباء والبنزين، خاصة وأن الحوثيين قد يلجؤون إلى خيارات “انتحارية”.
وكانت الأطراف الدولية والإقليمية تعول على الهدنة لإيجاد وقف طويل الأمد للقتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات بحثاً عن حل سياسي للنزاع المدمر المتواصل منذ 2014.
ويشهد اليمن منذ ثماني سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء (شمال).
وحتى نهاية 2021 خلفت الحرب 377 ألف قتيل، وكبدت اقتصاد اليمن خسائر قدرت بـ126 مليار دولار في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم، وفق الأمم المتحدة.