تغطية ضعيفة للحملة الانتخابية التونسية جراء الخلاف بين هيئتيْن

الهايكا تتهم هيئة الانتخابات بانتزاع صلاحياتها بعد أن أصدرت قرارا توجيهيّا لتنظيم التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية.
الاثنين 2022/11/28
حملة باهتة

تونس - تصاعد الخلاف بين الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حول قواعد التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، وانتقل من دائرة التنديد إلى ساحات القضاء، وهو أمر يمس بمسار الانتخابات البرلمانية في تونس، ويؤثر على عمل الصحافيين.

ورفعت الهايكا دعوى لدى المحكمة الإدارية ضد هيئة الانتخابات بسبب إصدارها قرارا توجيهيا لتنظيم الحملة الانتخابية، وذلك لإيقاف تنفيذ القرار 31 الذي أصدرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والذي يمنحها وحدها حق رصد التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية المزمع إنجازها في ديسمبر القادم. وتعتبر الهايكا أن هذا القرار يمثل مصادرة لصلاحياتها وإقصاء لدورها الرقابي على وسائل الإعلام.

محمد ياسين الجلاصي: هيئة الانتخابات لا تملك أي صلاحية لمعاقبة وسائل الإعلام
محمد ياسين الجلاصي: هيئة الانتخابات لا تملك أي صلاحية لمعاقبة وسائل الإعلام

وخلال العمليات الانتخابية السابقة اشتركت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري والهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إعداد الدليل التوجيهي للتغطية الإعلامية، فيما اقتصرت مهمة الرقابة ورصد الخروقات على الهايكا.

ويتزامن الخلاف بين الهيئتين مع انطلاق حملة الانتخابات التشريعية التي يتنافس فيها ألف و55 مترشحا للفوز بـ106 مقاعد في البرلمان، في أول انتخابات بالبلاد يتم إجراؤها على النظام الفردي بدلا من القوائم. وتثير هذه الخطوة مخاوف خبراء ومراقبين في تونس يرون أن هذا النزاع يمكن أن يؤثر على المسار الانتخابي وعلى التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية التي انطلقت الجمعة في الداخل والأربعاء الماضي في الخارج.

وتتهم الهايكا هيئة الانتخابات بانتزاع صلاحياتها بعد أن أصدرت قرارا توجيهيّا لتنظيم التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، فيما تتهمها الأخيرة بتعطيل المسار الانتخابي دون سبب وجيه.

وتقول الهيئة المستقلة للاتصال السمعي والبصري إنها ستتمسك بممارسة صلاحياتها من منطلق ولايتها العامة على وسائل الإعلام.

وذلك استنادا إلى أن الفصل رقم 67 من القانون الانتخابي ينص على أن “تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بالتشاور مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، ضبط القواعد والشروط العامة التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية”.

وأوضح رئيس نقابة الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي في تصريحات لإذاعة موزاييك المحلية، أن “العلاقة بين الهيئتين كانت سيئة منذ الاستفتاء. وما يحدث اليوم لا علاقة له بالقانون، والتصريحات من الطرفين اليوم لا تليق بمؤسسات الدولة، والخلاف أساسا هو حول الصلاحيات (…) من غير المعقول أن يصرح رئيس هيئة الانتخابات بأن صلاحيات الهايكا تم نقلها إلى هيئة الانتخابات”.

وأضاف أن “ما يحدث اليوم هو عبث والمسار الانتخابي ليس ‘تكويرة’، اليوم هيئة الانتخابات تؤكد الطعون في استقلالية وشرعية المسار الانتخابي. ومن واجب الهيئتين الجلوس إلى طاولة واحدة وإصدار قرار مشترك في إطار وحدة الدولة”.

وأكد أن الخلاف بين الهيئتين يؤثر مباشرة على عمل الصحافيين في تغطية الانتخابات، وأنّ هيئة الانتخابات لا تملك أي صلاحية لمعاقبة وسائل الإعلام. وأشار إلى أنه مازالت هناك فرصة لتدارك هذا الخطأ، من أجل ضمان حق المواطنين في النفاذ إلى المعلومة خلال الفترة الانتخابية، وأن دور القضاء الإداري هو إلزام الهيئتين بذلك.

من جانبها اتهمت هيئة الانتخابات الهايكا بالسعي لتعطيل المسار الانتخابي إثر نشرها قرارا توجيهيا يتعلق بتنظيم تغطية الحملة الانتخابية.

الخلاف بين الهيئتين ستكون له تداعيات سلبية ليس فقط على التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، وإنما أيضا على المسار برمته

وشددت الهيئة على أنها تتمتع بالولاية الكاملة على الشأن الانتخابي دون سواها بينما تشدد الهايكا على أنها المخولة الوحيدة لتعديل المشهد الإعلامي السمعي والبصري.

ونفى الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري استحواذ الهيئة على صلاحيات الهايكا، مشيرا إلى أنها اضطرت إلى إصدار الدليل التوجيهي للتغطية الإعلامية للحملة الانتخابية نتيجة عدم تقديم مشروع قرار يحدد قواعد التغطية الإعلامية من قبل الهايكا.

ويرى محللون أن الخلاف بين الهيئتين ستكون له تداعيات سلبية ليس فقط على التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، وإنما أيضا على المسار برمته. فهو صراع عبثي بين مؤسستين كان من المفترض أن تتجها إلى الحوار من أجل بحث أفضل السبل المُمْكنة لتغطية هذه الانتخابات بدلا من الدخول في مثل هذا الصراع الذي أجبر الهايكا على الذهاب إلى القضاء، وهو ما يعني أن الأيام المقبلة قد تشهد تصعيدا جديدا.

ولاحظ متابعون ضعفا كبيرا في التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية، إذ أن تلويح هيئة الانتخابات باللجوء إلى العقوبات الصارمة في حال وقوع تجاوزات وتحميل المؤسسات الإعلامية نتائج هذه الأخطاء يجعلها تتردد في الانضمام إلى الحملات الانتخابية.

واعتبر كل من ممثل النقابة الوطنية للصحافيين عبدالرؤوف بالي ومسؤول قسم الرصد في الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري نجيل الهاني أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحولت إلى “يد لضرب الهايكا”، وأن مشروع عزل الهايكا ليس جديدا، كما أن هيئة الانتخابات تعمل على ذلك منذ الاستفتاء.

16