اتحاد الشغل يلوّح بالنزول إلى الشارع مع اقتراب الانتخابات التونسية

نورالدين الطبوبي يعلن عن تحركات احتجاجية الأربعاء لنقابيي عمال قطاع النقل رفضا للضرائب، ويهدد بإضرابات أخرى في حال تواصل تدهور القدرة الشرائية.
الأحد 2022/11/27
تصعيد في وقت حساس

تونس –  واصل الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، تصعيده مع السلطات عندما لوّح أمينه العام نورالدين الطبوبي السبت بإمكانية التظاهر في حال تواصل تدهور القدرة الشرائية للتونسيين، وهو ما يثير التساؤل حول هذه التهديدات، خصوصا مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي المقرر إجراؤه في السابع عشر من ديسمبر المقبل.

وجاء تهديد الطبوبي في وقت تشهد تونس انطلاق الحملة الانتخابية لانتخابات مجلس نواب الشعب المقبل، واتجاه أنظار التونسيين إلى برامج المرشحين عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام السمعية والبصرية.

ويعتقد مراقبون أن التلويح بالإضراب في هذا التوقيت بالذات يحمل رسائل سياسية مفادها أن اتحاد الشغل قادر على إفساد العرس الانتخابي متى شاء وكلما أراد، في حال لم تستجب الحكومة لمطالبه، وواصل الرئيس قيس سعيّد تهميشه في لعب دور سياسي في البلاد مثلما كان خلال العشرية الماضية.  

وقال الطبوبي خلال افتتاح مؤتمر النقابة العامة لموظفي التربية المنعقد بمدينة الحمامات شرقي تونس إن "المنظمة الشغيلة ترفض تحميل المواطن المزيد من الحيف الجبائي (الضريبي)، وإثقال كاهله بضرائب لتعبئة ميزانية الدولة لعام 2023، في ظل وضع يزداد غلاء وتدهورا للقدرة المعيشية للمواطن".

وأضاف أن "النقابيين مستعدون للنزول إلى الشارع في حال تواصل تدهور المقدرة الشرائية للعامل والموظف".

وأعلن عن "تحرك احتجاجي قادم لنقابيي عمال قطاع النقل رفضا للجباية (الضرائب)، سيتم تنظيمه يوم الثلاثين من نوفمبر الجاري".

وكان موظفو قطاع النقل الحكومي بالعاصمة تونس قد شنوا في الثالث من نوفمبر الحالي إضرابا مفاجئا احتجاجا على تأخر صرف رواتب موظفي الشركة، ليتسبب الاضراب في تعطيل سير الحياة اليومية للمواطنين، قبل أن يتم تعليقه في اليوم الموالي، وذلك على إثر جلسة تفاوضية جمعت مسؤولي الشركة والطرف النقابي، وتأكيد الوزارة أنها ستمكن الموظفين من مستحقاتهم في الآجال المحددة.

وخاطب الطبوبي حكومة بلاده قائلا "لا يمكن للأجراء (العمال والموظفين) تحمّل المزيد من الجباية دونا عن بقيّة الفئات الاجتماعية".

وشدد على أن "الاتحاد مستعد للنزول إلى الشارع لخوض معركته من أجل فرض عدالة جبائية واجتماعية".

وأعادت الحكومة التونسية طرح فكرة فرض ضريبة على الثروة مجددا لتدبير مواد مالية إضافية لخزينة الدولة التي تعاني عجزا كبيرا.

وكشفت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية عن مناقشة السلطات مع المجلس الأعلى للجباية إمكانية فرض ضريبة على الثروة ضمن قانون مالية العام القادم (الموازنة العامة)، مرجحة أن تشمل الضريبة العقارات والأصول التي تفوق قيمتها 3 ملايين دينار (925.9 ألف دولار) بحسب المقترحات الأولية.

وقالت الوزيرة التونسية في مقابلة مع قناة "التاسعة" الخاصة منذ نحو أسبوعين، إن الهدف من مقترح الضريبة، توسيع قاعدة الممولين والتدرج نحو عدالة ضريبية، بما يسمح بتخفيف الأعباء مستقبلا عن الطبقة المتوسطة والعمال.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية ومالية فاقمتها تداعيات الأزمة الصحية والحرب الروسية - الأوكرانية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية، وسط توقعات بالمزيد من الصعوبات المعيشية، مع بدء تطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي يفرضها صندوق النقد الدولي من أجل منح الحكومة القروض المتفق عليها.

ويتخوف مواطنون من زيادة الأعباء في حال توجه الحكومة لزيادة العائدات من بنود تتعلق بالاستهلاك، بينما يشكو التونسيون من موجات الغلاء وتردي الظروف المعيشية، إذ ارتفع التضخم على أساس سنوي إلى 9.1 في المئة خلال سبتمبر الماضي، مقابل 8.6 في المئة في أغسطس الماضي، وسط استمرار تذبذب وفرة السلع الأساسية محليا، وارتفاع أسعارها عالميا.

ويتضمن البرنامج الإصلاحي الذي مضت فيه الحكومة التونسية والذي اشترطه صندوق النقد الدولي إصلاحات مالية وجبائية، تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الرواتب.

وتوصلت الحكومة في نهاية أكتوبر الماضي إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لصرف قرض جديد بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل حزمة إصلاحات، من بينها خفض دعم الغذاء والطاقة، وإعادة هيكلة شركات عامة تعاني عجزا، وتقليص كتلة الرواتب وتحسين التحصيل الضريبي.

وتواجه تونس صعوبات كبيرة في تحصيل عائدات ضريبية أكبر باعتماد القاعدة ذاتها من الممولين، وفق وثيقة تحليلية نشرها المعهد التونسي للقدرة التنافسيّة والدراسات الكمية الحكومي. وأظهر التحليل أنّ البلاد تستغل بالكامل الإمكانات الضريبية المتاحة.