العاهل المغربي يعيد ضبط إيقاع مشاريع الطاقة النظيفة

إطلاق برنامج طموح لتأسيس نواة لمشاريع الهيدروجين الأخضر.
الخميس 2022/11/24
سقف الطموحات أعلى مما تتخيلون

أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس دفعة قوية لقطاع الطاقة النظيفة بإعادة ضبط إيقاع المشاريع في سياق حرصه على الإسراع لتنويع مزيج الطاقة بما فيها الهيدروجين الأخضر وأيضا تثبيت نموذج بلده في معاضدة الجهود العالمية في إزالة الكربون.

الرباط - أعاد العاهل المغربي الملك محمد السادس رسم خارطة المشاريع المتعلقة بالطاقة المتجددة والتي يراهن عليها بلده بشكل كبير ضمن إستراتيجية موسعة وطويلة المدى لإنجاح هذا المسار المهم.

وثمة إدراك متزايد بأن دعم الطاقة يفاقم اختلال التوازنات المالية في ظل الأسعار المرتفعة للوقود الأحفوري حاليا، وأنه يجب تقليصه تدريجيا وفق برامج إصلاحية تخفف الضغط على الميزانية العامة السنوية.

وينعكس الاهتمام بهذا القطاع الحيوي من خلال حرص الملك محمد السادس بشكل شخصي على متابعة كل مراحل انجاز برامج تنمية الطاقات المتجددة في البلاد والتي تشرف عليها الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (مازن).

ودعا العاهل المغربي أثناء ترؤسه الثلاثاء الماضي جلسة عمل إلى تسريع وتيرة تطوير الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتعزيز سيادته في مجال الطاقة وتقليص كلفتها و”التموقع في الاقتصاد الخالي من الكربون في العقود القادمة”.

وأوعز بإطلاق برنامج “عرض المغرب” في أقرب الآجال، وهو عبارة عن مخطط عملي وتحفيزي يشمل مجموع سلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين الأخضر.

غلوبال إنرجي مونيتور: المغرب يحتل المركز الثالث عربيا بإنتاج 1.9 غيغاواط
غلوبال إنرجي مونيتور: المغرب يحتل المركز الثالث عربيا بإنتاج 1.9 غيغاواط

وأفاد بيان للديوان الملكي نشرته وكالة الأنباء المغربية الرسمية بأن الجلسة “خُصصت لتطوير الطاقات المتجددة والآفاق الجديدة في هذا المجال”، وكذلك “التثمين الأمثل لتنافسية المغرب من أجل استقطاب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في القطاع”.

وأشار البيان إلى أن الجلسة تندرج في إطار المتابعة المنتظمة للملك محمد السادس للأهداف الإستراتيجية التي حددها المغرب في مجال تطوير الطاقات المتجددة على نطاق واسع.

ويتعلق الأمر بشكل رئيسي برفع حصة هذه الطاقات إلى أكثر من نحو 52 في المئة من المزيج الكهربائي المنتج على الصعيد المحلي بحلول نهاية العقد الجاري ارتفاعا من 30 في المئة حاليا.

وأوضح البيان أن تسريع وتيرة هذه الأعمال يتضمن بالأساس “إنجاز المشاريع الثلاثة للطاقة الشمسية نور – ميديلت وتحلية مياه البحر والقطاع الواعد للهيدروجين الأخضر واستخداماته”.

وتسعى البلاد إلى كسب الرهان في مجال الطاقات المتجددة، للتقليل من اعتمادها على النفط المستورد بنحو 94 في المئة ومن ثم تقليل الإنفاق على هذا البند في الميزانية السنوية.

وتشير البيانات الحكومية إلى وجود 111 مشروعا من الطاقة النظيفة في طور الاستغلال والتطوير، مع استحواذ الطاقة المتجددة على حصة 37 في المئة من القدرة الكهربائية المولّدة في البلاد خلال العام الماضي.

وبحسب مؤشرات وزارة الطاقة بلغت القدرة الكهربائية المولّدة عبر استخدام الطاقة المتجددة خلال 2021 نحو 3.95 آلاف ميغاواط.

ويهدف المغرب للحصول على 52 في المئة من احتياجاته من الكهرباء من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، ارتفاعا من نحو ثلاثين في المئة حاليا.

وأشارت غلوبال إنرجي مونيتور، وهي منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشاريع الطاقة في أنحاء العالم، في تقرير نشرته في يونيو الماضي إلى أن المغرب يحتل المركز الثالث عربيا في إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة بطاقة تبلغ 1.9 غيغاواط.

مشروع ذكي بات حقيقة
مشروع ذكي

وبحسب التقرير تتصدر مصر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقدرة إنتاج تصل إلى 3.5 غيغاواط ثم دولة الإمارات بطاقة إنتاج تبلغ حوالي 2.6 غيغاواط، فيما يأتي الأردن بالمركز الرابع بقدرة إنتاج 1.7 غيغاواط ثم السعودية بإنتاج 780 ميغاواط.

وانخرطت الرباط منذ سنوات من خلال إستراتيجية الطاقة الطموحة، في انتقال يرتكز على البدائل المستدامة التي تهدف إلى التخلي عن استعمال الكربون عبر اتخاذ سلسلة من التدابير ووضع منظومة بيئية للبحث والابتكار.

وبدأت البلاد في شق طريقها بثبات لزيادة استثمارات الطاقة البديلة مع عقد شراكات مع العديد من الدول وخاصة الصين وألمانيا والتي يُتوقع أن تتيح للرباط الاستفادة من إمكانياتها وخبراتها في قطاع توليد الكهرباء من المصادر المتجددة.

كما خصصت الحكومة في الأعوام القليلة الأخيرة نحو 400 مليون درهم (42 مليون دولار) لدعم أكثر من 500 باحث و12 مختبرا من مختلف جامعات البلاد لتنفيذ خطط التحول إلى الاستدامة.

وأكدت نتائج استعمال طاقتي الشمس والرياح على نطاق واسع باعتبارها طاقة نظيفة ومستدامة، أنها تمكن المغرب من تقليص انبعاث ثاني أوكسيد الكربون ومختلف الغازات الدفيئة، وتطوير اقتصاد أخضر مرتبط بكل المجالات الصناعية.

مشروعا قيد الإنشاء والتطوير حاليا بقطاع الطاقة النظيفة في مختلف مناطق البلاد

وكان البلد قد أنشأ في ورزازات، جنوبي البلاد، واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، بتمويل أوروبي على مساحة 1.5 مليون متر مربع.

ويشمل مجمع نور للطاقة الشمسية في ورزازات أربع مراحل، حيث انطلق مطلع 2016 تشغيل المحطة الأولى نور 1 بقدرة إنتاج 160 ميغاواط وطاقة تخزين ثلاثة ميغاواط.

وبعد ثلاث سنوات بدأ تشغيل محطتي نور 2 و3 للطاقة الشمسية تحت قيادة شركة شاندونغ إلكتريك الصينية، وهي تنتج معا 200 ميغاواط.

وتعمل السلطات على تطوير قدرة إضافية لإنتاج الكهرباء بأكثر من 10 جيغاواط من المصادر المتجددة بما في ذلك 4.56 ميغاواط من الطاقة الشمسية و4200 ميغاواط من طاقة الرياح و1330 ميغاواط من الطاقة المائية.

وتتوقع الحكومة أن يبلغ إجمالي الاستثمارات لمشاريع الطاقة المتجددة حوالي 32 مليار دولار، وهو ما يمثل فرصا استثمارية حقيقية بالنسبة إلى القطاع الخاص.

11