ضجة في ليبيا بعد اختفاء مشتبه به في قضية تفجير لوكربي

المجلس الأعلى للدولة يرفض إعادة فتح القضية، مطالبا سلطات طرابلس بتوضيح ملابسات الاختفاء الغامض لأبوعجيلة مسعود المريمي.
الأحد 2022/11/20
قضية لوكربي تعود إلى الواجهة

طرابلس - أثار خبر اختفاء الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي، أحد المشتبه بهم في قضية تفجير لوكربي والمطلوب للمحاكمة في الولايات المتحدة، ضجة بالشارع الليبي، وسط اتهامات لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بشأن إبرامها صفقة لإعادة فتح القضية، من أجل الحصول على دعم دولي يضمن لها عمرا أطول في السلطة.

والمريمي وهو مسؤول بجهاز المخابرات في عهد النظام السابق للزعيم الراحل معمر القذافي، يُوصف بأنه صانع متفجرات. كما يُزعم أنه كان على صلة بالمتهم الرئيس في القضية عبدالباسط المقرحي في قضية لوكربي.

واتهم المريمي بصنع القنبلة التي فجرت طائرة "البوينغ 747" التابعة لشركة "بان أم" الأميركية فوق المدينة الإسكتلندية الصغيرة في الحادي والعشرين من ديسمبر 1988، ما أسفر عن مقتل ركابها وأفراد طاقمها البالغ عددهم 259، من بينهم 190 أميركيا، إضافة إلى مقتل 11 من سكان لوكربي.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر مقربة من المريمي قولها إن "ميليشيا مسلحة تسمي نفسها 'السرية 22' ومقرها الشرطة العسكرية وتتبع عبدالغني الككلي، اختطفته من منزله بالمساكن الشعبية المقابلة لمقرها – سجن أبوسليم سابقا، واعتدت على ابنته بالضرب خلال محاولتها منعهم من القبض على والدها".

وأفاد الناشط الحقوقي حسام القماطي بأن مجموعة من السيارات المعتمة التابعة لميليشيا غنيوة الككلي، ألقت القبض مساء الخميس على العميد أبوعجيلة الخير في منطقة أبوسليم بطرابلس.

ولفت القماطي إلى أن عملية الاختطاف مرتبطة بمساعي وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، لإعادة فتح قضية لوكربي وتسليم مواطن ليبي للولايات المتحدة ضمن محاولاتها للبقاء في السلطة.

وسبق أن صرحت المنقوش بأن "بلادها مستعدة للتعاون مع واشنطن لتسليمها مشتبها به في قضية تفجير لوكربي"، مضيفة في مقابلة سابقة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" أن "الحكومة الليبية تتفهم ألم وحزن أسر ضحايا الحادث، لكنها بحاجة إلى احترام القوانين".

وشدد القماطي على أن أي محاولة من الحكومة منتهية الولاية لاستغلال ملف سياسي حساس ومغلق في سبيل إطالة عمرها يعتبر خيانة عظمى، لافتا إلى أن ليبيا ليست لها علاقة بلوكربي وأي محاولة للتستر على أخطاء في التحقيق الإسكتلندي يعتبر عمالة وجريمة مكتملة الأركان.

وطالب المجلس الأعلى للدولة سلطات طرابلس بتوضيح ملابسات هذا الاختفاء الغامض، محذرا من أن يكون ذلك له علاقة بالتحقيقات في قضية "لوكربي".

كما أعلن المجلس، في بيان مساء السبت، رفضه إعادة فتح ملف لوكربي من قبل بعض الجهات المحلية وإرجاعه إلى الواجهة مرة أخرى، لافتقاره إلى أي مبررات سياسية أو قانونية، مؤكدا عدم التزامه بكل ما يترتب على هذا الإجراء من استحقاقات تجاه الدولة الليبية.

وأشار إلى أنّ ملف القضية أقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية، حسب نص الاتفاقية التي أبرمت بين الولايات المتحدة الأميركية والدولة الليبية بتاريخ 2008/08/14.

كما دعا الأعلى للدولة مجلس النواب والمجلس الرئاسي والنائب العام إلى التضامن معه لاتخاذ الإجراءات المناسبة لإنهاء ما وصفه بـ"العبث".

وحذّر مستشار الأمن القومي إبراهيم بوشناف في بيان من إثارة هذا الملف مجدّدا، داعيا كافة الوطنيين والكيانات السياسية إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيدا عن الصراع السياسي، مشيرا إلى أنّ "هذه القضيّة إذا أثيرت من جديد وأصبحت موضوعا لتحقيق جنائي، ستُدخل ليبيا في عقود من الاستباحة".

في المقابل، لم تصدر أي توضيحات من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، للرد على الاتهامات التي وُجهت للميليشيات المسلحة الموالية لها باختطاف المريمي.

ولوكربي ملف سياسي وجنائي حسّاس بالنسبة لليبيين، الذين يرفض أغلبهم إعادة فتحه، لاسيما أنه كلف الدولة خسائر مالية كبيرة خلال حكم معمر القذافي، حيث دفعت تعويضات لعائلات الضحايا قدرت بنحو "2.7 مليار دولار".

كما يعارض معظم الليبيين وبشدة تسليم مواطن ليبي لمحاكمته بالخارج، فيما يعتقد البعض الآخر ببراءة بلادهم من كل تلك الاتهامات التي تلاحقها في هذه القضيّة.