قمة المناخ تتخطى الفشل في آخر لحظة بإقرار صندوق الأضرار

شرم الشيخ (مصر) - بعد مفاوضات طويلة وصعبة تجاوزت الموعد المحدد لانتهاء مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب27"، أقر المندوبون خلال جلسة عامة ختامية الأحد في شرم الشيخ على البحر الأحمر نصا ختاميا يحث على خفض "سريع" للانبعاثات، فضلا عن إنشاء صندوق لتعويض "الخسائر والأضرار" التي تتكبدها الدول النامية جراء التغير المناخي.
وحث رئيس المؤتمر وزير خارجية مصر سامح شكري المندوبين من حوالي 200 بلد مجتمعين منذ أسبوعين في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، على اعتماد القرارات التي ستعرض عليهم.
وأكد شكري أنها تعكس "توازنات دقيقة" و"الطموح الأعلى الذي يمكن تحقيقه في الوقت الراهن"، في إشارة إلى الصعوبات التي واجهها المؤتمر، فيما تعرضت الرئاسة المصرية لكوب27 لانقادات كثيرة.
وصفق الحضور عند إقرار هذا الصندوق الذي تطالب به الدول النامية منذ سنوات طويلة، وكانت تتحفظ عليه الدول الغنية حتى الآن.
لكن الجلسة الختامية علقت لمدة نصف ساعة بعد ذلك بطلب من الوفد السويسري، لأن المندوبين لم يتلقوا نصا آخر مهما جدا يتعلق بالإعلان النهائي "إلا قبل دقائق" على بدء الجلسة الختامية، ولم يتسن لهم الاطلاع عليه.
وكاد ملف "الخسائر والأضرار" يفشل المؤتمر برمته قبل أن تحصل تسوية بشأنه في اللحظة الأخيرة، أبقت الكثير من المسائل عالقة، لكنها أقرت مبدأ إنشاء صندوق مالي محدد لهذا الغرض.
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإنشاء صندوق لتعويض الدول المعرضة لتأثيرات التغير المناخي.
وقال غوتيريش في بيان إن المندوبين في المؤتمر العالمي للمناخ "كوب27"، اتخذوا "خطوة مهمة نحو العدالة".
وأضاف "أرحب بقرار إنشاء صندوق 'الخسائر والتعويضات'، وتفعيله في الفترة المقبلة".
وتابع "من الواضح أن ذلك لن يكون كافيا، لكنه مؤشر سياسي، تشتد الحاجة إليه لإعادة بناء الثقة المنهارة".
وأشار إلى أن أصوات هؤلاء "على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، يجب سماعها".
وأضاف أن الأمم المتحدة "ستدعم هذا الجهد في كل خطوة على الطريق".
وكان دفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ في الدول الفقيرة، إحدى أكثر القضايا الشائكة في المؤتمر، الذي استمر أسبوعين.
وينظر إلى الاتفاق على أنه انتصار كبير للدول الفقيرة، التي غالبا ما تتحمل آثار تغير المناخ، على الرغم من أنها أقل مساهمة في التسبب في ذلك.
ورحّب محمد أدوو مدير منظمة "باور شيفت أفريكا" غير الحكومية والداعم الكبير لإنشاء الصندوق، بهذه الخطوة قائلا "في بداية المباحثات لم تكن مسألة الخسائر والأضرار على جدول الأعمال حتّى. والآن دخلنا التاريخ".
إلى ذلك، أقر المؤتمر إعلانا ختاميا يحث على خفض "سريع" لانبعاثات غازات الدفيئة، وأعاد التأكيد على هدف حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية.
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن خيبة أمله الأحد من الاتفاق حول الانبعاثات، الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب27".
وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس في الجلسة الختامية للمؤتمر "ما لدينا ليس كافيا كخطوة إلى الأمام (..) ولا يأتي بجهود إضافية من كبار الملوثين لزيادة خفض انبعاثاتهم وتسريعه"، وأكد "خاب أملنا لعدم تحقيق ذلك".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة الأحد عن أسفه لكون مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب27" في شرم الشيخ، فشل في وضع خطة "لخفض الانبعاثات بشكل جذري".
وأكد غوتيريش "كوكبنا لا يزال في قسم الطوارئ. نحتاج إلى خفض جذري للانبعاثات الآن، وهذه مسألة لم يعالجها مؤتمر المناخ هذا".
وكان النص المتعلق بخفض الانبعاثات موضع نقاشات حادة، إذ نددت دول كثيرة بما اعتبرته تراجعا في الأهداف المحددة خلال المؤتمرات السابقة، ولاسيما إبقاء هدف حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية "حيا".
ولا تسمح الالتزامات الحالية للدول المختلفة بتاتا بتحقيق هدف حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية. وتفيد الأمم المتحدة بأنها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار عند 2.4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي، لكن مع وتيرة الانبعاثات الحالية قد ترتفع الحرارة 2.8 درجة مئوية وهو مستوى كارثي.
فمع بلوغ الاحترار حوالي 1.2 درجة مئوية حتى الآن، كثرت التداعيات الكارثية للتغير المناخي.
وفي العام 2022 توالت موجات الجفاف والحر والحرائق الضخمة والفيضانات المدمرة، ما ألحق ضررا كبيرا بالمحاصيل والبنى التحتية.
وقد ارتفعت كلفة هذه الظواهر المناخية القصوى بشكل مطرد. فقدر البنك الدولي بـ30 مليار دولار كلفة الفيضانات التي غمرت ثلث أراضي باكستان على مدى أسابيع، فيما بلغ عدد المنكوبين الملايين.
وتطالب الدول الفقيرة الأكثر عرضة للتداعيات مع أن مسؤوليتها محدودة جدا عموما في الاحترار، منذ سنوات بتمويل "الخسائر والأضرار" التي تتكبدها.
ولكن المعركة لن تنتهي مع إقرار الصندوق في شرم الشيخ، إذ إن القرار لم يحدد عمدا بعض النقاط التي تثير جدلا.
وستحدد التفاصيل العملانية لهذا الصندوق لاحقا بهدف إقرارها في مؤتمر الأطراف المقبل نهاية 2023 في الأمارات العربية المتحدة، مع توقع مواجهة جديدة، لاسيما على صعيد البلدان المساهمة، إذ تشدد الدول المتطورة على أن تكون الصين من بينها.