أسهم تويتر ساحة مواجهة سياسية بين السعودية والولايات المتحدة

الرياض / واشنطن- بات امتلاك الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز لنسبة أربعة في المئة من أسهم تويتر مثار انتقادات في الولايات المتحدة ودعوات إلى الضغط لمنع حصول السعوديين على موطئ قدم في المنصة ذات التأثير الواسع، وذلك ضمن بند المخاوف على الأمن القومي الأميركي.
وتأتي الحملة على الوليد بن طلال ومن ورائه السعودية في ظل تصاعد الخلاف بين الرياض وواشنطن حول قرار أوبك+ خفض إنتاج النفط، وهو القرار الذي تحمّلُ إدارةُ الرئيس جو بايدن المملكةَ مسؤوليتَه وترى فيه دعما لروسيا وتمويلا لحربها في أوكرانيا.
وتتخوف دوائر أميركية من أن يفضي امتلاك المملكة للحصة الثانية من حيث القيمة في تويتر إلى جعل هذه الحصة ورقة ضغط سعودية تمكّن الرياض من التأثير تأثيرا واسع النطاق في إحدى أكثر شبكات التواصل الاجتماعي انتشارا، خاصة وأن وجود شخصية براغماتية مثل إيلون ماسك قد يسمح للسعوديين بحرية التحرك وتمرير أجنداتهم وكسب رأي عام دولي متفهم لمطالبهم.
◘ صندوق الثروة السيادي السعودي يملك برئاسة ولي العهد 16.9 في المئة من شركة المملكة القابضة المملوكة للأمير الوليد بن طلال
لكن لا يبدو أن السعودية قد استفادت -على الأقل إلى حد الآن- من امتلاك الوليد بن طلال لهذه الحصة في تويتر، وهي منصة متحيّزة أصلا ضد المملكة، وملعب مفضل لخصومها الخارجيين وكذلك للذباب الإلكتروني المحلي الذي يظهر في شكل حسابات وهمية هدفها الهجوم على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وخياراته الإصلاحية، وخاصة من التيارات الإسلامية المتشددة التي ترى في مسار الترفيه والسياحة والمهرجانات الثقافية استهدافا لنفوذها التقليدي.
ومن المستبعد أن يتعدى تأثير امتلاك الوليد بن طلال لنسبة في تويتر البعدَ الاستثماري، لاسيما في ظل افتقار السعودية إلى تقاليد التأثير في الإعلام الغربي أو على مواقع التواصل الاجتماعي، فما يرد في الحيز المتعلق بالمملكة لا يتجاوز نشر إعلانات تستفيد منها وسائل الإعلام دون أن يكون لذلك أي التزام أو تأثير على موقفها من السعودية، وعلى العكس من ذلك هناك صحف ومواقع تأخذ الإعلانات بيد وتهاجم السعودية باليد الأخرى.
وبعد إعلان ماسك نيته شراء منصة تويتر أعرب الوليد بن طلال عن ثقته في تعظيم ماسك إمكانيات تويتر الكبيرة، مشيرا إلى أنه يتواصل معه ووصفه بـ”الصديق الجديد”.
وقال في تغريدة نشرها في مايو الماضي إنه سيحتفظ بحصته البالغة نحو 1.89 مليار دولار في المنصة وينضم إلى رحلة تويتر “المثيرة”.
ويعود الهجوم على امتلاك الوليد بن طلال لنسبة في تويتر إلى حالة الهوس بمعاداة السعودية في الولايات المتحدة، وهي حالة تقوم على فكرة أن أي شيء له علاقة بالمملكة سيكون عرضة للتضييق والمراجعة كرد فعل على تمسكها بقرار أوبك+ القاضي بخفض إنتاج النفط وإظهار الأمير محمد بن سلمان شخصية مستقلة تنظر إلى الولايات المتحدة كشريك من ضمن شركاء متعددين، وليس الشريك صاحب الأولوية في الصفقات العسكرية والاقتصادية.
ومن المتوقّع أن تزداد الحملات الأميركية على السعودية إذا استمر خيار الاستقلالية الذي يدافع عنه ولي العهد ويسعى لتحويله إلى واقع في العلاقة مع واشنطن وبقية الشركاء.
وخلال الشهر الماضي قالت شركة المملكة القابضة السعودية والمكتب الخاص للأمير الوليد بن طلال إنهما سيحتفظان بحصتهما في أسهم تويتر الحالية التي تبلغ قيمتها 1.89 مليار دولار، بعدما استحوذ إيلون ماسك على المنصة، وذلك وفق بيان نشره الأمير على تويتر.
◘ من المستبعد أن يتجاوز نفوذ الوليد بن طلال البعد الاستثماري في ظل افتقار السعودية إلى تقاليد التأثير في الإعلام الغربي
وأضاف البيان أن شركة المملكة القابضة والمكتب الخاص للأمير الوليد بن طلال هما ثاني أكبر المساهمين بعد ماسك.
ويملك صندوق الثروة السيادي السعودي برئاسة ولي العهد 16.9 في المئة من شركة المملكة القابضة المملوكة للأمير الوليد بن طلال.
وأثار هذا البيان ردة فعل قوية في الأوساط الأميركية. وبالرغم من أن الوليد بن طلال ما هو إلا شريك من شركاء آخرين ينتمون إلى دول ولديهم علاقات، سُلِّطت عليه الأضواء وحده دون سواه.
وغرد السيناتور كريس مورفي (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت) في 31 أكتوبر قائلا “أطلب من لجنة الاستثمار الأجنبي، التي تراجع عمليات استحواذ المشترين الأجانب على الشركات الأميركية، إجراء تحقيق في تداعيات شراء السعودية لموقع تويتر على الأمن القومي”.
وفي 4 نوفمبر دعا الديمقراطي رون وايدن الذي يرأس اللجنة المالية إلى منع الأمير محمد بن سلمان من “الوصول إلى معلومات حساب تويتر والرسائل المباشرة وغيرها من البيانات التي يمكن استخدامها لتحديد المعارضين السياسيين أو قمع انتقاد العائلة المالكة”.
وفي 2 نوفمبر، بعد ظهور تفاصيل جديدة حول الامتيازات الممنوحة لكبار المستثمرين الأجانب في تويتر، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن المسؤولين الأميركيين يدرسون مسألة ما إذا كانوا سيفتحون تحقيقا رسميا.
◘ دوائر أميركية تتخوف من أن يفضي امتلاك المملكة للحصة الثانية من حيث القيمة في تويتر إلى جعل هذه الحصة ورقة ضغط سعودية
واعتبر بيل راينش، كبير المستشارين في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، أن لجنة الاستثمار الأجنبي هي التي ستقرر في النهاية ما إذا كان الأمر يستحق تحقيقا كاملا. وقال إن “هناك عدة أشخاص داخل الإدارة وخارجها قلقون بشأن ما قد يحدث لتويتر”.
ويرى موقع عرب داجيست أنه من الناحية الرسمية يمتلك الأمير الوليد بن طلال حصة أغلبية في شركة المملكة القابضة، لكن من الناحية العملية، ومنذ حادثة فندق ريتز كارلتون في الرياض عام 2017، بات ولي العهد هو المتحكم الحقيقي في الشركة، ولا يزال الوليد نفسه تحت سيطرته التامة.
وأضاف الموقع أنه على الرغم من أنه يُسمح للوليد بن طلال -من أجل أغراض العلاقات العامة- بإجراء بعض اللقاءات العامة، إلا أنه يظل تحت مراقبة المباحث السعودية ويجب عليه ارتداء جهاز تتبع إلكتروني في كاحله.