أبوظبي تزيد من إيقاع نشاط منصات تداول العملات الرقمية

رفعت أبوظبي من إيقاع رهانها على خدمات الأصول المشفرة بعدما سمحت السلطات التنظيمية لأكبر بورصة في العالم بالعمل في السوق المحلية، في إشارة أخرى على مدى ثقة المسؤولين في هذه الخدمة، التي صارت مثار جدل مؤخرا بسبب مخاطر الانكشاف عليها.
أبوظبي - حصلت بورصة بينانس، التي تعتبر أكبر بورصة للأصول المشفرة على مستوى العالم من حيث حجم التداول، الأربعاء على موافقة أبوظبي لمزاولة نشاطها في السوق المحلية، مما يدعم انتشارها في الشرق الأوسط.
ويعد هذا الترخيص الثاني للشركة في منطقة الخليج بعدما منحتها السلطات التنظيمية البحرينية في مارس الماضي الضوء الأخضر لتقديم خدمات الأصول المشفرة، لتفتح بذلك الباب أمام انتشار تداول العملات الرقمية في المنطقة.
كما أنه يعتبر الثاني في الإمارة الخليجية الثرية، حيث منح سوق أبوظبي العالمي في أبريل الماضي ترخيصا لمجموعة كراكن مينا بهدف تشغيل منصة لتبادل الأصول المشفرة في المنطقة الحرة المالية بالإمارة الخليجية.
وقالت بينانس، المزود العالمي الرائد لخدمات سلاسل الكتل (بلوك تشين)، في بيان إنها “حصلت على تصريح تقديم خدمات مالية من سلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي”، المركز المالي الدولي للعاصمة الإماراتية.
وتهدف منصة تداول العملات المشفرة إلى توفير آلية الوصول إلى الأصول المشفرة من خلال التمويل المنظم والتداول وخدمات رقمية أخرى، على الرغم من أن المخاوف لا تزال مسيطرة بعد إفلاس ثاني بورصة في العالم من حيث حجم تداول الأصول الرقمية.
ونشر انهيار شركة أف.تي.إكس قبل أسبوع الذعر في الأسواق حول العالم، التي تتعامل بالعملات المشفرة بعدما فقد العشرات من المستثمرين أموالهم في أعقاب اكتشاف أنها تلاعبت بالمليارات من الدولارات بأرصدة المتعاملين.
ومع ذلك تأتي خطوة بينانس تماشيا مع جهودها لتوسيع حضورها بالمنطقة وإثبات مدى الثقة التي تتمتع بها، إذ سيمكنها التصريح الجديد من توفير خدمات الحفظ الأمين للمستثمرين الذين تنطبق عليهم شروط وأحكام سلطة تنظيم الخدمات المالية بسوق أبوظبي العالمي.
وتعليقا على ذلك، أوضح أحمد الزعابي رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي "أن حصول بينانس على ترخيص تقديم خدمات مالية سيمكنها من عرض منتجاتها وخدماتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق إطارنا التنظيمي للأصول الافتراضية".
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى الزعابي قوله إن "سوق أبوظبي العالمي يستهدف تأسيس بيئة أعمال نشطة وتتمتع بالموثوقية للأصول الافتراضية وتكون في الوقت ذاته قادرة على تمهيد الطريق نحو الابتكار المستدام داخل القطاع المالي".
وأضاف "نسعى إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات كسوق عالمي ينمو بوتيرة متسارعة في مجال الأصول الرقمية".
وتابع "باعتبارنا محرك الدفع لهذا النمو، فإننا نتطلع إلى دعم نشاط بينانس ومواصلة جهود الأبحاث والتطوير في سوق أبوظبي العالمي لتطوير حلول تخص اقتصاد الجيل الثالث من الإنترنت".
ويتمتع سوق أبوظبي العالمي بمعدلات مشاركة رائدة في مجال تنظيم العملات المشفرة على مستوى المنطقة العربية من طرف المستهلكين والمستثمرين المختصين.
وكانت سلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي قد قدمت الإطار التنظيمي الشامل الأول من نوعه والمخصص للأصول الافتراضية في العالم في 2018 لوضع قواعد تنظيمية تستفيد منها الشركات العاملة في هذا المجال.
وجاء هذا المسار بغية دعم تحول النمو الاقتصادي في إمارة أبوظبي، وبفضل ذلك عزز سوق أبوظبي العالمي مكانته كمركز عالمي رائد ومنصة أعمال لأنشطة الأصول الافتراضية.
وقال ريتشارد تنغ الرئيس الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بينانس إن "البورصة ستلتزم بالعمل عن كثب مع الجهات التنظيمية والمدن ذات التفكير المستقبلي لتطوير أطر تنظيمية واضحة ومفيدة قادرة على حماية أنشطة السوق وسلامة الزبائن".
وأشار إلى أن العمل مع سلطة تنظيم الخدمات المالية وسوق أبوظبي العالمي اتسم بالتعاون البناء، بما يؤكد على أهمية قيمة الشراكة "بين قطاعنا والجهات المنظمة له".
وأسس المبرمج الصيني - الكندي تشانغ بينغ تشاو بورصة بينانس في يناير 2018 انطلاقا من جزر كايمان، وقد اتخذ الصين منطقلا لأعماله، لكنه نقلها في وقت لاحق إلى الخارج بسبب القيود الصينية المتزايدة على العملات المشفرة.
وتعرضت المنصة في مايو 2019 إلى عملية اختراق واسعة حيث قام المخترقون بالسطو على 7 آلاف من عملة بتكوين أي ما يعادل 40 مليون دولار في ذلك الوقت مما اضطرها لوقف عمليات السحب والإيداع لفترة مع الإبقاء على عمليات التداول.
ومع ذلك، تتطلع بينانس إلى دعم نمو وازدهار في كثير من الأسواق وخاصة المنطقة العربية بما فيها أبوظبي باعتبارها مركزا عالميا رائدا لأنشطة الأصول الافتراضية بالنظر إلى جهود سوق أبوظبي العالمي في تطوير منظومة شاملة لخدمات بلوك تشين.
وقال دومينيك لونجمان كبير المسؤولين التنفيذيين لدى بينانس في أبوظبي “يعد حصولنا على التصريح خطوة مهمة لتعزيز حضور بينانس في أبوظبي، كما يعكس الرؤية المستقبلية تجاه الأصول الافتراضية التي تتميز بها الإمارة”.
وأكد أن البورصة متحمسة لمواصلة تعزيز علاقتها مع سوق أبوظبي العالمي مع تزويد الكيانات الاستثمارية بمنصة آمنة وموثوقة لممارسة أنشطة الأصول الافتراضية الخاصة بها.
وتجتذب دبي، مركز الأعمال الرئيسي في الإمارات، أيضا شركات العملات الرقمية إذ أصدرت أول قانون لها ينظم الأصول الرقمية وشكلت هيئة تنظيم الأصول الافتراضية للإشراف على القطاع في مارس الماضي.
وتعزز مسار الإمارات نحو رقمنة القطاع المالي في 2020، عندما نصت هيئة الأوراق المالية والسلع التابعة لها على أن أي شخص يقدم أصول تشفير بالبلاد يجب أن يكون مرخصا وأن يمتثل لقوانين مكافحة غسيل الأموال والأمن السيبراني وحماية البيانات.