المكوث قرب البحر يعالج القلق والاكتئاب ويخفف من أعراض اضطراب فرط الحركة

برلين - أكدت دراسة حديثة أن رحلة قصيرة إلى البحر يمكن أن تكون بمثابة رحلة شفاء للإنسان.
وقالت الدراسة التي نشرها موقع “ستارن” الألماني “إذا كان الشخص يرغب في التخلص من الإجهاد اليومي، وإعادة شحن بطارياته، فإن أفضل مكان لذلك ليس الغابة، وإنما البحر”.
وتوصلت الدراسة الحديثة، التي أجراها عالم النفس البيئي ماثيو وايت من جامعة إكستر في بريطانيا مع فريقه البحثي، إلى أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البحار والأنهار يميلون إلى أن يكونوا أسعد وأكثر صحة، مقارنة بسكان المناطق الأخرى.
وأجرى عالم النفس مقابلات مع أكثر من 16 ألف شخص من 18 دولة حول ظروفهم المعيشية وصحتهم الجسدية والنفسية.
حتى الأشخاص ذوو الدخل المنخفض يكونون أفضل حالا من المتوسط، إذا كانوا يعيشون بالقرب من البحر
لكن الدراسة الحالية التي أجراها وايت وزملاؤه ليست المسح الوحيد الذي يشير إلى التأثير العلاجي للمساحات الطبيعية الزرقاء على الإنسان. فقد بدأ الباحثون حول سوزانا موراتو من كلية لندن للاقتصاد وجورج ماكيرون من جامعة ساسكس استطلاعا قبل عشر سنوات، انتهى به الأمر بأكثر من مليون إجابة.
وكشف الاستطلاع أن الناس بين الطبيعة دائما أسعد بكثير من سكان المدن. وينطبق هذا مبدئيا على المناطق ذات المناطق الخضراء في الغالب مثل الغابات والمروج والجبال، ولكن بالأخص على المناطق الساحلية.
وعلى مقياس السعادة المكون من 100 نقطة، سجلت المناطق الساحلية حوالي ست نقاط أفضل من المدن، كما كانت المناطق الطبيعية الخضراء في المتوسط أفضل بنقطتين فقط من المناطق الحضرية.
ووفق نتائج العديد من الدراسات التي أجراها عالم النفس البيئي ماثيو وايت، فإن البحر يشجع الأشخاص على أن يكونوا أكثر نشاطا. لذلك “لا يكفي أن نكون بجانب الماء فقط لكي نشعر بالتأثيرات الإيجابية، علينا أيضا أن نشعر بالارتباط بالطبيعة هناك”.
وإذا كان تواجد الشخص بين الطبيعة خيارا حرا مع استمتاعه بنسيم البحر، فقد تصل التأثيرات إلى حد التخفيف من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطرابات القلق والاكتئاب.

وفي حالة عدم التواجد جسديا، يكفي السفر عقليا إلى البحر. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2017 أن الأشخاص الذين تم خلع أسنانهم شعروا بألم أقل عندما قاموا بنزهة افتراضية على الشاطئ.
وهناك العديد من الفرضيات الأخرى حول هذا الأمر، وربما الأكثر شيوعا هو أن البحر يتميز بالحركة المستمرة ويتغير مظهره باستمرار بسبب حركة الأمواج والرياح، ما يجعل الأشخاص يلتهون بسرعة عن الأفكار السلبية من خلال الرؤية والضوضاء عبر الانسجام
في مشهد طبيعي مثير للإعجاب. وهذا ينطبق بشكل أساسي على كل إنسان بغض النظر عن تكوينه الاجتماعي وأصله. فقد أظهرت دراسة نشرت عام 2019 أن حتى الأشخاص ذوي الدخل المنخفض يكونون أفضل حالا من المتوسط، إذا كانوا يعيشون بالقرب من البحر. ووفقا للباحثين، فإن التأثير المريح للبحر يمكن أن يخفف من الظروف المعيشية المجهدة والمرهقة.
وقد أكد الخبراء أن التواجد بين الطبيعة يجلب معه العديد من الفوائد الأخرى على صحة الإنسان، حيث تمكن العلماء من إثبات أن الأشخاص يصبحون أكثر انتباها وإبداعا واسترخاء عندما يقضون الكثير من الوقت بين المساحات الطبيعية الخضراء أو الزرقاء على حد السواء.