الجزائر تعوض فشل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي برهانها على "بريكس"

الجزائر - تقول أوساط سياسية جزائرية إن تقدم الجزائر بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة "بريكس" جاء لتعويض فشلها في إقامة شراكة حقيقية مع الاتحاد الأوروبي بعد مرور عقدين على توقيع الاتفاق.
وتشير الأوساط إلى أن اختيار هذا التوقيت لطلب الانضمام إلى هذا التكتل الذي يضم خمس دول وهي روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، يحمل أكثر من دلالة في ظل ما يمر به العالم من تموجات، وتحولات كبرى تشكل الأزمة الأوكرانية أحد تمظهراتها.
وتلفت الأوساط نفسها إلى أن العالم يشهد خلال هذه الفترة نزوعا نحو الانخراط في تحالفات اقتصادية وسياسية، محذرة من أن توجه الجزائر نحو البريكس بالتأكيد ستكون له تفاعلات وتداعيات على العلاقة مع القوى المقابلة ولاسيما مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال الأكاديمي والمحلل الاقتصادي سليمان ناصر في تصريحات لـ"العرب "، إنه "من السابق لأوانه الحكم على قرار السلطات الجزائرية بالانضمام إلى تكتل بريكس".
وأضاف ناصر أن "ترحيب روسيا والصين بالطلب الجزائري ينطوي على رسائل سياسية تتعلق باهتمام الطرفين بقضية النفوذ في أفريقيا، خاصة وأن الجزائر تعتبر بلدا مفتاحا في القارة، كما أن الأزمة الأوكرانية دفعت القوى الفاعلة في العالم إلى تعزيز وإقامة تحالفات جديدة من أجل تحقيق التوازن وتكريس مبدأ التعددية القطبية في العالم".
وأعلنت الجزائر على لسان المبعوثة الخاصة المكلفة بالشراكات الدولية الكبرى بوزارة الخارجية الجزائرية ليلى زروقي عن تقدم بلادها بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة "بريكس".
وصرحت المتحدثة للإذاعة الحكومية بأن "الرئيس عبدالمجيد تبون قدم رسميا طلب انضمام الجزائر إلى منظمة بريكس"، ليجسد بذلك تصريحات سابقة له لوسائل إعلام محلية حول "اهتمام الجزائر بالانضمام إلى مجموعة دول بريكس التي تعد قوة سياسية واقتصادية".
ولفتت زروقي إلى أن "بلادها تتوفر على معظم الشروط المطلوبة للانضمام إلى مجموعة بريكس"، مضيفة "لا نستبق الأمور لكن إن شاء الله ستكون هناك أخبار سارة بشأن هذا الموضوع".
لكن المحلل الاقتصادي سليمان ناصر يرى أن "الجزائر ستكون البلد الأخير في المجموعة من حيث الناتج المحلي الخام المقدر بنحو 160 مليار دولار، وهو نصف ناتج دولة جنوب أفريقيا، بينما يقدر الناتج المحلي الخام في الصين حسب بيانات العام الجاري بعشرين تريليون دولار، وتأتي بعدها الهند والبرازيل وروسيا".
ومع ذلك اعتبر المتحدث أن ورقة الطاقة ستكون ثقيلة في موقع الجزائر داخل التكتل المذكور، قياسا بحاجة الصين والهند، وهما البلدان اللذان يستهلكان يوميا أكثر ما تنتجه كبرى المنتجين للنفط والغاز.
وعبرت الجزائر في أكثر من مناسبة عن خيبتها من مآلات الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، بما أنه أفضى إلى نتائج غير متكافئة بين الطرفين، كما أن تفاصيل بنوده لم تتماش مع الخيارات الاقتصادية والسياسية للبلاد، عكس ما تأمله من الانضمام إلى بريكس، الذي يفرض شروطا دقيقة على أعضائه ويمنح الأولوية لمصالح معينة.
◙ بكين وموسكو كانتا أولى المرحبين بطلب الجزائر للانضمام إلى المجموعة التي استقبلت عدة طلبات للانخراط فيها على غرار مصر وإيران
ويرى المحلل الاقتصادي أن "هذا المعطى الاقتصادي يحتاج إلى توضيح طبيعة التكتل لمعرفة موقع ومكانة الجزائر فيه بعد الموافقة على انضمامها، على عكس الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي العام 2005، والذي أخفقت الجزائر في تنفيذ بنوده بالتكيف مع البنود المذكورة والوفاء بالتزاماتها التي تأجلت من العام 2012 إلى 2017 ثم إلى 2020".
وكانت بكين وموسكو أولى المرحبين بطلب الجزائر للانضمام إلى المجموعة، التي استقبلت عدة طلبات للانخراط فيها على غرار مصر وإيران، الأمر الذي يرفع من حظوظ هذه المجموعة في منافسة تكتلات كبرى مثل مجموعتي السبع والعشرين، والاتحاد الأوروبي.
وصرح القائم بأعمال سفارة الصين لدى الجزائر كيان جين بأن “بلاده ترحب بمساعي انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس”، ليؤكد بذلك رغبة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال لقائه بنظيره الجزائري رمطان لعمامرة، في انضمام الجزائر إلى المجموعة.
أما السفير الروسي بالجزائر فاليريان شوفايف فقد ذكر في تصريح لوسائل إعلام جزائرية بأن “روسيا ليس لديها اعتراض على رغبة الجزائر في الانضمام إلى بريكس، وقد ناقش الرئيسان تبون وبوتين هذه القضية".