معرض الشارقة للكتاب يفتح ملف الترجمة وصناعة النشر الإماراتية

المترجمون العرب مطالبون بالعمل بجدية أكبر أما قطاع النشر فيشهد انفتاحا على العالم الرقمي يجب الاستفادة منه.
الخميس 2022/11/10
يجب تطوير عالم النشر لأجل المستقبل

الشارقة - أجمع أربعة مترجمين عرب على أن ثقافة المترجم وخبرته تلعب دورا كبيرا في نقل روح النص الأصلي بأسلوب يحافظ على مضمونه ويسهل تلقيه في بيئة اللغة التي تُرجم إليها وأكدوا أن الترجمة فعل حضاري يعزز من التلاقح بين ثقافات الشعوب وينقل من لغاتها المختلفة وإليها كنوز الآداب والمعارف التي تثري الوعي الإنساني.

جاء ذلك في ندوة لمجلة “الناشر الأسبوعي” التي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب، مع دخول المجلة عامها الخامس وبالتزامن مع الدورة الـ41 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب أدارها الشاعر علي العامري مدير تحرير المجلة وشارك بها كل من المترجمين والأكاديميين طلعت شاهين وعبدالهادي سعدون ومزوار الإدريسي وهاتف الجنابي.

وقدم العامري ضيوف الندوة بعرض مقتطفات من سيرهم الذاتية وإنجازاتهم في الترجمة وطرح عدة أسئلة تناوب المشاركون الرد عليها وتحدثوا حول تجاربهم التي جسدت تنوع مدارس الترجمة ونظرياتها واختلاف شروطها تبعا لخصوصيات اللغات الأخرى وطبيعتها ومخزونها الثقافي.

عبدالهادي سعدون: أنصح كل عربي مثقف لديه لغة أجنبية أن يترجم إلى لغته الأصلية
عبدالهادي سعدون: أنصح كل عربي مثقف لديه لغة أجنبية أن يترجم إلى لغته الأصلية

واستهل الحديث الشاعر والمترجم طلعت شاهين، الذي يترجم عن الإسبانية، وركز في حديثه على رائعة الأديب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس “دون كيخوتي” الذي أوهم السلطات أثناء كتابته لها أنها مترجمة ليحمي نفسه من محاكم التفتيش والرقابة التي كانت سائدة في عصره، فظل عمله محسوباً لدى الإسبان على كتب التسلية إلى أن ترجم إلى اللغات الأوروبية واكتسب أهميته العالمية بعد الترجمة التي سلطت الضوء عليه وأبرزت قيمته الأدبية الاستثنائية.

وأضاف شاهين أن المترجم لا يتعب في عمله من أجل التسلية لأن مهمة الترجمة ودورها الأساسي تتمثل في نقل ثقافة إلى ثقافة أخرى، مستعرضا نماذج لبعض أخطاء المترجمين الذين يجيزون لأنفسهم التدخل في نقل النص بما يتفق مع تفضيلاتهم والحدود الأخلاقية التي يسقطونها على النص.

وأشار المترجم العراقي عبدالهادي سعدون إلى أن الكثير من الأدباء العرب الذين يعيشون في أوروبا ساهموا في الترجمة إلى العربية ونقلوا بعض الكتب العربية إلى اللغات الأخرى، ونصح كل عربي مثقف لديه لغة أجنبية أن يترجم إلى لغته الأصلية لافتا إلى أن وجود بعض الترجمات السيئة لا يضر بقدر ما يظهر الترجمات الأخرى الجيدة.

أما المترجم والأكاديمي المغربي مزوار الإدريسي فتحدث عن جذور التنظير العربي للترجمة من خلال العودة إلى ما ورد حولها على لسان الجاحظ في كتاب الحيوان وأن بعض العصور التي تصفها المركزية الغربية بالعصور المظلمة كانت فترات ازدهار حضاري في بلاد العرب وغيرها من بلدان الشرق.

وتحدث الشاعر والمترجم هاتف الجنابي عن رحلته مع ترجمة الأدب والشعر البولندي إلى الثقافة العربية، حيث ساعد وصوله المبكر إلى بولندا منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي في التعرف على أدباء بولندا وشعرائها وعقد صداقات وتناقش معهم بشأن ترجماته لكتبهم.

هاتف الجنابي: الدراسات العربية والعالمية حول نظريات الترجمة أصبحت منشورة وبالإمكان عودة الباحثين إليها دون الخشية من فضيلة الاختلاف
هاتف الجنابي: الدراسات العربية والعالمية حول نظريات الترجمة أصبحت منشورة وبالإمكان عودة الباحثين إليها دون الخشية من فضيلة الاختلاف

وأوضح أن الدراسات العربية والعالمية حول نظريات الترجمة أصبحت منشورة وبالإمكان عودة الباحثين إليها في الكتب والمجلات دون الخشية من فضيلة الاختلاف لأن طبيعة الترجمة نفسها تتصل بطرح الأسئلة وهناك من يعتبر المترجم مفاوضا أو محاورا لأن هناك قرابة من نوع مّا تبقى بين المترجم وبين الأفكار الأخرى التي تجعل من المترجم كذلك وسيطاُ يعزز التلاقي بين الثقافات.

وضمن فعاليات المعرض نظم نادي تراث الإمارات مؤخرا جلسة حوارية بعنوان «واقع النشر في ظل التطور التكنولوجي»، استضافها المقهى الثقافي للمعرض ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لمشاركة النادي في فعالياته.

وتحدثت عفراء محمود الكاتبة والناشرة الإماراتية، ومريم الزرعوني الكاتبة والشاعرة الإماراتية، خلال الجلسة التي أدارتها الإعلامية فتيحة وحود، إذ ألقتا الضوء على تنامي سوق النشر الإلكتروني في ظل سهولة وصوله إلى القارئ، وتحدثتا عن منصات الكتاب الإلكتروني وأنواعه، والإيجابيات والسلبيات والتحديات التي يمثلها لكل من الناشر والمتلقي.

كما تناولت الجلسة التطور والازدهار في صناعة النشر في الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية، لاسيما في ما يتعلق بالقوانين والتشريعات والبنية التحتية، حيث أشادت المتحدثتان بدعم الدولة لقطاع النشر بشكل كبير وتوفير ما يحتاجه، ولفتتا إلى أن النشر العربي عامة لا يزال في حاجة إلى قطع أشواط كبيرة للوصول إلى الزخم الموجود في أوروبا على سبيل المثال.

وكان جناح النادي نظم أيضا ضمن برنامجه الثقافي في معرض الشارقة الدولي للكتاب، جلسة حوارية مؤخرا بعنوان «تجارب أصحاب المكتبات الشخصية في الإمارات» تحدث فيها كل من محمد جكة المنصوري، وناصر السركال، وشيخة المطيري، حيث تناول المتحدثون أهمية المكتبات الشخصية ودورها في حفظ الوثائق والسجلات والإصدارات القديمة وتوفير المراجع والمخطوطات للباحثين.

كما نظم النادي في ركن التوقيعات حفل توقيع لديوان الشاعر حمد حارب العميمي، جمع وإعداد موزة مطر حارب العميمي، وحفل توقيع لكتاب «عوشة بنت خليفة السويدي: معجزة الشعر الشعبي الإماراتي» تأليف: محمد نجيب قدورة، إعداد ومراجعة سعاد محمد أحمد.

كما نظم حفل توقيع لديوان «السحاب العذب: قصائد في رثاء فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» جمع وإعداد الشاعرة مريم النقبي وفكرة وإشراف الشاعر سعيد بن غماض الراشدي، والأحد حفل تكريم لكتاب «السنع.. قيم وعادات المجتمع الإماراتي» تأليف الدكتور محمد فاتح زغل والأستاذة فاطمة المنصوري، وديوان الشاعرة موزة بنت جمعة المهيري من إعداد شيخة محمد الجابري، وذلك مساء الجمعة.

وتتواصل الفعاليات الثقافية لجناح نادي تراث الإمارات بمعرض الشارقة الدولي للكتاب خلال الأيام المقبلة بتنظيم محاضرات: «جدلية الأدب والتاريخ» تتحدث فيها الأديبة ريم الكمالي والدكتور علي الشريف، و«دور الثقافة في تعزيز السلام.. رسالة دولة الإمارات إلى العالم» وتتحدث فيها الدكتورة فاطمة الدهماني الأستاذ المساعد في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، و«صورة المرأة في الدراما التراثية» التي تتحدث فيها الدكتورة ناجية الكعبي والفنانة عائشة عبدالرحمن، وتتواصل الأنشطة الثقافية بتوقيع كتاب «تطور التخطيط العمراني لمدينة العين من واقع التجربة» للمهندس طلال السلماني، وكتاب «سرديات من التراث الشفاهي الإماراتي» للفاضل يوسف أبوعاقلة.

مترجمون عرب: الترجمة ليست تسلية
مترجمون عرب: الترجمة ليست تسلية

13