كريم خان في ليبيا وسط مخاوف من إبعاد مرشحين عن الانتخابات

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان يزور ليبيا لبحث سبل تعزيز المساءلة بشأن جرائم مزعومة تتعلق بقضية سيف الإسلام القذافي ومقابر جماعية في ترهونة.
الأربعاء 2022/11/09
المدعي العام للمحكمة سيقدم إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا

طرابلس – أثارت زيارة العمل التي بدأها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إلى ليبيا مخاوف من "تسييس" المحكمة بهدف إبعاد بعض الشخصيات الليبية من الترشح في الانتخابات الرئاسية، لاسيما سيف الإسلام القذافي ابن الزعيم الراحل معمر القذافي، وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.

وبدأ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية منذ السبت زيارة عمل إلى ليبيا استهلها بلقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ثم وزيرة العدل بحكومة الوحدة الوطنية حليمة إبراهيم.

وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن المدعي العام للمحكمة سيقدم إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا الأربعاء، عبر تقنية الفيديو من العاصمة طرابلس.

وضمن زيارة المسؤول الدولي لبحث سبل تعزيز المساءلة بشأن جرائم مزعومة، التقى خان الثلاثاء بالمشير حفتر، وقال المكتب الإعلامي للجيش الليبي عبر صفحته على فيسبوك إن "اللقاء جرى في مدينة بنغازي" شرقي البلاد.

ولم يعلن المكتب عن تفاصيل اللقاء بين حفتر وخان، الذي زار الاثنين مدينة ترهونة (غرب) وتفقد مواقع المقابر الجماعية، بحسب الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين الليبية (حكومية).

كريم خان يلتقي حفتر في بنغازي بعد تفقد المقابر الجماعية في ترهونة
كريم خان يلتقي حفتر في بنغازي بعد تفقد المقابر الجماعية في ترهونة

والتقى خان خلال زيارته إلى ترهونة الاثنين، "في إطار التحقيقات في الجرائم المرتكبة في ليبيا"، أقارب ضحايا أكد أمامهم "التزامه بتسريع العمل في الملف الليبي"، وفقا لما أعلنت المحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء على حسابها على تويتر.

وحتى الآن، عثرت فرق من المباحث الجنائية والهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين على أكثر من 270 جثة في مقابر جماعية في ترهونة.

وتمّ العثور على أولى المقابر الجماعية بعد مغادرة قوات الجيش الليبي المدينة في يونيو 2020، بعد عملية عسكرية استمرت من أبريل 2019 إلى يونيو 2020، حاول خلالها الوصول إلى العاصمة طرابلس، لكنه فشل.

وشهدت ترهونة انتهاكات منذ العام 2015، في خضم الحرب الأهلية، عندما سقطت المدينة الواقعة على بعد 80 كيلومترا جنوب طرابلس في أيدي الكاني، وهي ميليشيا محلية عنيفة بشكل خاص.

وزيارة خان إلى ليبيا هي الأولى منذ 10 سنوات لمدعي عام محكمة الجنايات الدولية، وستركز، بحسب بيان للمحكمة، على بناء شراكات مع الضحايا والسلطات من أجل تعزيز المساءلة عن جرائم نظام روما الأساسي.

زيارة تحمل أبعادا قانونية وحقوقية
زيارة تحمل أبعادا قانونية وحقوقية

لكن هذه الزيارة إلى ليبيا التي تعاني ثقافة الإفلات من العقاب، أثارت تساؤلات عن مدى قدرة هذه المنظمة الدولية على تحقيق العدالة للفئات التي عانت كثيرا تحت وطأة انفلات الميليشيات المسلحة.

وبالتزامن مع ذلك، سادت حالة من الجدل في الأوساط السياسية بالبلاد، بعد قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تعيين عماد الطرابلسي، أحد أبرز قادة التشكيلات المسلحة، بمهام وزير الداخلية.

وقال فرج زيدان، الكاتب والباحث السياسي، في تصريحات إعلامية إن الزيارة استهدفت التباحث حول عدة محاور، على رأسها النزاع القضائي بين القضاء الليبي والقضاء الجنائي الدولي، في ما يتعلق بالنظر في قضايا تخص عددا من المواطنين الليبيين.

وتابع زيدان أن الزيارة في هذا التوقيت تشير إلى رغبة خان في التباحث حول سبل الدفع بإجراء الانتخابات الرئاسية، مع استبعاد عدد من الأشخاص غير المرغوبين من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

ويرى إسلام الحاجي، الكاتب والباحث السياسي، أن هناك ملفات أخرى أراد خان الاطلاع عليها، مثل ما يسمى بالمقابر الجماعية أو عمليات القتل خارج القانون وأعمال العنف التي تشهدها البلاد.

وقال الحاجي إن "هناك مخاوف من عمليات تسييس المحكمة الجنائية الدولية، بهدف إبعاد بعض الشخصيات الليبية من الترشح في الانتخابات الرئاسية"، في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي وحفتر.

وفي المقابل، اعتبر جمال المبروك، رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية، أن الزيارة التي يجريها مدعي عام محكمة الجنايات الدولية إلى ليبيا، تحمل أبعادا قانونية وحقوقية.

وربط المبروك، في تصريحات صحافية، بين زيارة خان وقضية سيف الإسلام، حيث أكد أن قضيته لا تزال قائمة بين المحكمة الدولية والدولة الليبية.

وتعتبر مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية في عام 2011، سارية بحق سيف الإسلام القذافي، المتّهم بـ"ارتكاب جرائم ضد الإنسانية" في ثورة السابع عشر من فبراير عام 2011.  

وأضاف المبروك أن هناك قوائم للكثير من المتهمين بارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان في ليبيا، وتأتي زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية في هذا الإطار، وفق اعتقاده.

وكانت المحكمة الجنائية أعلنت في نهاية أكتوبر الماضي أن خان سيزور ليبيا لتعزيز التعاون مع السلطات الليبية لضمان المساءلة، كأحد المبادئ الأساسية لإستراتيجية المحكمة.

وللمحكمة الجنائية الدولية تاريخ طويل في التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة في ليبيا، وكذلك الانتهاكات المرتكبة ضد المهاجرين.

وانزلقت ليبيا إلى الفوضى مع الثورة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في عام 2011، مع قوى متنافسة متمركزة في الشرق والغرب، وعدد لا يحصى من الميليشيات المسلحة والمرتزقة الأجانب المنتشرين في جميع أنحاء البلاد، على خلفية تدخلات عدة من قوى أجنبية.