القضاء الجزائري يسرّع وتيرة تفكيك أذرع المنظومة السابقة

الجزائر – تستمر محاكمة رموز مرحلة نظام الرئيس الجزائري الراحل عبدالعزيز بوتفليقة الذين يواجهون العديد من التهم، من بينها تهم تتعلق بقضايا فساد مفتوحة منذ سنوات.
وبعد أحكام وصفت بالقاسية صدرت بحق عدد من الضباط السامين من المؤسسة العسكرية، جاء دور الذراع الاجتماعية التي ساندت الرئيس الراحل في مختلف استحقاقاته الانتخابية، بما فيها الولاية الخامسة التي أطلقت شرارة الاحتجاجات في الشارع الجزائري عام 2019.
والتمس وكيل الجمهورية في محكمة بالعاصمة الجزائر عقوبة مشددة في حق زعيم نقابيي عهد بوتفليقة عبدالمجيد سيدي سعيد وثلاثة من أبنائه، على خلفية ملفات فساد وتبديد المال العام، ليكون ذلك إيذانا بسقوط واحدة من الأذرع الاجتماعية المحسوبة على المرحلة السياسية السابقة في الجزائر، خاصة وأن الرجل ظل بعيدا عن المساءلة طيلة السنوات الأخيرة.
وشغل عبدالمجيد سيدي سعيد منصب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي يمثل القوة الاجتماعية التاريخية في البلاد، وظل منذ اعتلائه المنصب مواليا للسلطة وداعما لمختلف الخيارات الاجتماعية والاقتصادية للحكومات المتعاقبة، خاصة خلال الحقبة الماضية.
ووردت في التماسات النائب العام عقوبة حجز ممتلكات الرجل وغرامة مالية تقدر بنحو 50 ألف دولار، في حين التمس عقوبة السجن له لمدة 15 عاما وأيضا سجن ابنيه جميل وحنفي لمدة تتراوح بين 10 و12 عاما، بينما طلب حكما غيابيا في حق ابنه الثالث رامين المتواجد في حالة فرار يقضي بسجنه 18 عاما نافذا.
وتأخر إيداع سيدي سعيد السجن إلى غاية شهر مايو، كما تأجلت محاكمته الشهر الماضي بسبب وضعه الصحي المتدهور، حيث كان يعالج في مستشفى حكومي وهو مقعد على كرسي متحرك، ليكون بذلك آخر وجوه المرحلة السابقة التي تحال على القضاء.
وما زال الفساد وتبديد المال العام يخيم على المحاكمات المذكورة، حيث يتم الكشف في كل مرة عن ملفات تثبت تورط هؤلاء في ممارسات فساد، ما يؤكد تسريبا لرجل المرحلة القوي سعيد بوتفليقة في إحدى المحاكمات، ذكر فيه أنه “لو أباح بما لديه لانهارت الدولة “، بينما ذكر رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى أن “شركات أجنبية غرفت كثيرا من أموال البلاد خاصة في مجال السكن”.
وألمح الرجل في ذلك إلى الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، لما كان يشغل منصب وزير السكن والعمران، وهو القطاع الذي كانت بحوزته أموال طائلة في شكل استثمارات مفتوحة أمام شركات أجنبية أوكلت لها مشروعات لإنجاز المباني السكنية والبنى التحتية.
وهي رسائل من الرجلين تنطوي على تصفية حسابات سياسية استعرت خلال السنوات الماضية بشكل غير مسبوق بين أجنحة السلطة تحت ضغط احتجاجات الحراك الشعبي، حتى وإن حاولت السلطة الجديدة النأي بنفسها عن ذلك، حيث ظلت الكثير من الوجوه الوزارية العسكرية في حالة خدمة إلى غاية الآن، كما هو الشأن بالنسبة إلى رئيس النقابة المذكور ووزير الموارد المائية السابق أرزقي براقي.
وظل الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين متمسكا بدعمه لمشروع الولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة إلى غاية الأشهر القليلة التي سبقت الانتفاضة الشعبية في عام 2019، وعبر عن تعبئته أكبر التنظيمات العمالية للمخطط، قبل أن تجبره التطورات على التنحي من منصبه والتواري عن الأنظار، فيما خلفه في المنصب المناضل اليساري المنحدر من حزب العمال عبدالحميد لعباطشة.
ويواجه وزير الموارد المائية السابق أرزقي براقي، الذي شغل المنصب خلال الحكومة الأولى للرئيس تبون، تهما ثقيلة تتعلق بتبديد أكثر من مليار دولار في مشروعات قطاع المياه الذي يواجه صعوبات ومشاكل كبيرة نتيجة موجة الجفاف والتغيرات المناخية.
كما أصدر القضاء العسكري في الآونة الأخيرة أحكاما مشددة بحق عدد من الضباط السامين والجنرالات، حيث وصلت الأحكام إلى السجن 15 عاما نافذا وتنزيل الرتب إلى جندي، كما هو الشأن لقائد الناحية العسكرية الأولى السابق سعيد باي، ومدير الأمن الداخلي واسيني بوعزة، بينما يبقى قائد جهاز الدرك الجنرال الغالي بلقصير في حالة فرار.