موسكو تعرض الوساطة مع عودة التوتر بين الرياض وطهران

الرياض - عرضت روسيا الوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران لحل الخلافات بينهما، وذلك مع عودة التوتر في العلاقة بين الخصمين الإقليميين بعد فترة هدوء نسبي.
وأكد ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا الثلاثاء استعداد بلاده للعب دور الوسيط بين السعودية وإيران في حال طلبت الرياض وطهران منها ذلك.
وقال بوغدانوف إن روسيا على اتصال مع الجانبين، وإنها تؤيد حل سوء التفاهم بينهما في إطار حوار بناء. وأضاف “لقد كنا دائما على استعداد ونبذل بالفعل جهودا للعب دور وساطة معين”.
وتشهد العلاقة بين الرياض وطهران مؤخرا تصعيدا لافتا في ظل مزاعم إيرانية عن دعم المملكة لقنوات إعلامية تواكب الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ فترة.
وكشفت وكالة تسنيم للأنباء، شبه رسمية، السبت أن إيران نقلت “رسالة تحذير رسمية إلى المملكة عبر القنوات الدبلوماسية، بخصوص قناة إخبارية فضائية مقرها لندن”، تقول طهران إن الرياض تمولها.
ونقلت تسنيم عن خبير سياسي إيراني معروف عنه قربه من دوائر النظام الإيراني قوله إن إيران أرسلت الرسالة لأنها تعرف أن القناة الإخبارية الفضائية “إيران إنترناشونال” تمولها المملكة.
وقال الخبير سعدالله زرعي إن المسؤولين السعوديين نفوا علاقتهم بالقناة “لكننا نعلم تماما الارتباط السعودي بها. ونعلم أن المملكة هي مصدر التمويل للإجراءات المناهضة لإيران، وأنها ممولة من قبل المملكة”.
وأضاف الخبير أن إيران لم تقبل الرد السعودي، وحذر من أنه “إذا كانت ‘إيران إنترناشونال’ لا علاقة لها بهم، فلن تكون لنا أي علاقة بالعديد من الحوادث المحتملة”.
وفي وقت سابق شبه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني تغطية القناة للاحتجاجات الأخيرة بـ”غرفة حرب” و”غرفة عمليات ضد دولة جمهورية إيران الإسلامية”.
وتواجه إيران منذ نحو ستة أسابيع مظاهرات واسعة أججتها محاولات النظام لقمعها. واندلعت الاحتجاجات في البلاد على خلفية وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما.
وألقت شرطة الأخلاق القبض على الشابة بسبب الاشتباه في انتهاكها قواعد الزي الإسلامي. وتوفيت في حجز الشرطة في السادس عشر من سبتمبر الماضي.
السعودية تعرضت لضربات متكررة في السنوات الأخيرة بطائرات مسيرة وصواريخ وقذائف هاون، أطلقها المتمردون الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن
وقد سارع المسؤولون الإيرانيون إلى توجيه اتهامات للخارج بالوقوف خلف تأجيج الاحتجاجات، وهي تهمة جاهزة لطالما استند إليها النظام الإيراني مع كل هزة في الداخل.
ويقول مراقبون إن تلميحات إيران بوقوف السعودية خلف تأجيج الحراك الشعبي الذي تعيش على وقعه، ليست جديدة، وتعكس عمق أزمة النظام الإيراني، مشيرين إلى أن الأخير يدرك أن الرياض لا صلة لها بالأزمة الداخلية، التي يحاول تصديرها للمملكة.
وكانت تقارير استخباراتية سعودية حذرت مؤخرا من هجمات بصواريخ باليستية ومسيرات إيرانية على أهداف في السعودية، وأطلقت القيادة المركزية الأميركية طائرات حربية متمركزة في منطقة الخليج، في إطار عملية تأهب شاملة للقوات الأميركية والسعودية.
ومع انتشار أنباء عن احتمال هجوم إيراني وشيك على منشآت سعودية مؤخرا، نشرت قناة متعاطفة مع الحرس الثوري الإيراني في “تليغرام” لقطات تحاكي هجوما إيرانيا على المملكة.
وتُظهر المحاكاة المتحركة أسطولا من الطائرات من دون طيار يقترب من منشأة نفطية تابعة لشركة “أرامكو” الحكومية السعودية، حيث تسمع صفارات الإنذار مع موسيقى خلفية تنذر بالسوء، بينما تستعد المسيرات لاستهداف المنشأة وتظهر جاهزيتها للقصف.
وتعرضت السعودية لضربات متكررة في السنوات الأخيرة بطائرات مسيرة وصواريخ وقذائف هاون، أطلقها المتمردون الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن.
ويرى مراقبون أن محاولات إيران تصدير أزمتها للمملكة لا تخدم جهود السلام في المنطقة، ومن شأنها أن تنسف أي خطوات للتهدئة تحققت مع إطلاق البلدين مسارا تفاوضيا العام المقبل، وعقدت خلاله خمس جولات من المباحثات برعاية عراقية.