الحل لأزمة منصات البث التدفقي: المراوحة بين الإعلانات والاشتراك الرقمي

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - أطلقت منصة نتفليكس أول حزمة اشتراك تعرض إعلانات، في محاولة لإعادة رفع النمو من خلال جذب المستخدمين المهتمين، بعد تراجع عدد الاشتراكات في الفترة الأخيرة بفعل المنافسة والتضخم الاقتصادي.
لكن الإطلاق السريع للخدمة الجديدة وارتفاع أسعار الحسابات والطلبات المصاحبة لم يقنعا بعض المعلنين بعد.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن تكلفة الحساب الأساسي بالإعلانات، الذي أُطلِقَ في 12 دولة هذا الأسبوع، يبلغ 4.99 جنيهاً إسترلينياً شهرياً، وفي المملكة المتحدة أقل بمقدار 2 جنيه إسترليني من أرخص حزمة خالية من الإعلانات، وتأمل في جذب الأسر التي تتقلص ميزانياتها بسبب أزمة تكلفة المعيشة.
ومع أن مسلسلات نتفليكس الناجحة مثل “ذا كرون” و”سترينجر ثينغز” ستكون متاحة، فإن نحو 5 إلى 10 في المئة من المحتوى الذي ترخّصه من أستوديوهات هوليوود الكبرى مثل “سوني يونيفرسال” لم يُعد للتفاوض بشأن الخدمة بسبب الجدول الزمني المختصر الذي يبلغ 7 أشهر لإطلاق الخدمة.
وفي أبريل الماضي أبلغت نتفليكس عن أول انخفاض ربع سنوي لها في أعداد المشتركين منذ أكثر من عقد، مما دفع المستثمرين إلى محو أكثر من 100 مليار دولار (88 مليار جنيه إسترليني) من قيمتها السوقية.
وعلى إثر ذلك، ردت الشركة بالإعلان عن أنه بعد سنوات من معارضة الفكرة، ستبدأ فئة مدعومة بالإعلانات العام المقبل، وجرى تسريع هذا الموعد النهائي على عجل للتغلب على عرض مماثل من ديزني+ الذي سيُبَث في الولايات المتحدة اعتباراً من الثامن من ديسمبر.
وقال دالاس لورانس من شركة “سامبا تي.في” إن “عمليات الإطلاق هذه ستفتح أكبر مساحة إعلانية متميزة منذ أكثر من جيل” ما سيشكل “لحظة مهمة للمعلنين”.
وأطلقت خدمات منافسة أقرب إلى نتفليكس أو ديزني+، مثل بيكوك (يونيفرسال) أو باراماونت بلاس أو “إتش.بي.أو ماكس” أو ديسكفري بلاس صيغ اشتراكات مع إعلانات، لكنّ أياً منها لا يضاهي بحجمه المنصتين العملاقتين: 220 مليون مشترك على نتفليكس، و152 مليوناً على ديزني بلاس.
وتبدو الفكرة قابلة للتطبيق في العالم العربي أيضا، رغم أنه لا يوجد الكثير من المنافسة المحلية بين شركات البث التدفقي، إذ تتصدر منصة “شاهد” التابعة لمجموعة “إم.بي.سي” الإعلامية السعودية منصات البث التدفقي.
وتتبع منصة “شاهد” إستراتيجية تسويقية أخرى من خلال عقد عدة اتفاقيات مع شركات وعلامات تجارية رائدة في مختلف القطاعات مما أتاح توفير عروض مميزة مثل شركات فودافون وسامسونغ وكريم وسوني وفوري.
وتبث المنصة مجموعة من العروض الأولى والحصرية قبل دور العرض والشاشات التلفزيونية. ويمكن الدخول إلى منصة شاهد بأكثر من طريقة وأيضا فتح نفس الحساب على أكثر من جهاز بنفس مستوى الجودة والكفاءة في التصفح بهدف زيادة شعبية المنصة.
لكن يبقى إنتاج منصة “شاهد” هزيلا مقابل منصات عالمية كبرى تحتاج إلى خطط أكبر للاستمرار في سوق شديد التنافس.
وذكرت أكبر شركة بث في العالم إنها باعت تقريباً كل مخزون الإعلانات عند الإطلاق – تتراوح من 4 إلى 5 دقائق في الساعة – وهي حمولة خفيفة مقارنةً ببث تلفزيوني تقليدي في المملكة المتحدة، والذي يمكنه البث لمدة تصل إلى 12 دقيقة كل ساعة في ذروة المشاهدة المسائية.
ويتيح فتح المنصات لأبوابها أمام الإعلانات تحقيق إيرادات كبيرة. وأشار روس بينيس من “إنسايدر إنتيليجنس” إلى أن عائدات الإعلانات عبر خدمات البث التدفقي قد تصل إلى 30 مليار دولار في غضون عامين في الولايات المتحدة وحدها، ومن المحتمل أن تصل إلى ضعف هذا المبلغ على الأقل على مستوى العالم.
واغتنمت العلامات التجارية لمستحضرات التجميل، بما في ذلك لوريال وNyx “إن.واي.إكس”، والتي تمتلك علامات تجارية مثل “ستيلا أرتوس”، الفرصة لتصبح شركاء إطلاق.
لكن عدداً من الوكالات الإعلامية التي تشتري مساحات إعلانية نيابة عن العملاء لا يبدو معنيا بالخدمة التي طُرِحَت في سوق البث.
وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في إحدى الوكالات الإعلامية المنخرط في محادثات حول شراء مساحة إعلانية “ما لم تكن معلناً، وتريد بشدة أن تكون العلاقات العامة في المرتبة الأولى على نتفليكس، فهناك الكثير من المشكلات التي تسبق عقد صفقة إعلانية جيدة للعملاء عند الإطلاق”.
وباعت نتفليكس نوافذها الإعلانية عبر شركة مايكروسوفت بسعر ممتاز يبلغ نحو 50 جنيهاً إسترلينياً لكل ألف مشاهد تصل إليه الإعلانات.
وهذا يمثل نحو ضعف المعدل الذي تفرضه خدمات “أي.تي.في” و”القناة الرابعة” على المعلنين نظير خدمات البث الخاصة بهم، وأقرب إلى تكلفة الفواصل الإعلانية التقليدية التي تبلغ مدتها 30 ثانية على قنوات البث التلفزيوني القائمة.
وتطالب نتفليكس أيضاً بضمانات ربع سنوية للإنفاق من قبل المعلنين. ولكن دون بيانات جمهور يُتحقَّق منها بشكل مستقل، وضعف القدرة على استهداف الإعلانات، قال مصدر إعلامي إنه قيل لهم إنه يتعين عليهم توقيع صفقة في غضون أسبوع، أو تفويت الفرصة حتى يناير.
لكن نتفليكس تواجه بعض العقبات، فهي لا تتمتع بالقدرة الفنية على استهداف ديمغرافي محدد، مثل القدرة على الوصول إلى المشاهدين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و34 عاماً والذين يستهدفهم المعلنون بشدة وغيرها من الميزات القياسية الشائعة في البث التلفزيوني التقليدي عند الطلب.
وتحاول نتفليكس، التي تطلب فقط من المشتركين في الطبقة الجديدة المدعومة بالإعلانات تحديد تاريخ ميلادهم ونوع جنسهم عند التسجيل، بناء المصداقية من خلال التوقيع مع العديد من المنظمات المستقلة مثل Barb (مجلس أبحاث جمهور المذيعين).
وتعتزم المنصة بناء عرض أكثر قوة لجذب المعلنين، بما في ذلك إمكانية استهداف الإعلانات الأوسع في العام المقبل – وفي هذه المرحلة تعتزم زيادة الأسعار – عندما يُعرف المزيد عن شعبية الحزمة الجديدة وعادات مشاهدة الجمهور.