الحصانات القضائية تعكر صفو التوافق قبل حوار مرتقب في السودان

الخرطوم – رغم انفتاح بعض الأطراف من المكون المدني على القادة العسكريين بعد أكثر من عام على الجمود السياسي في السودان، لإنهاء الأزمة والدخول في حوار مباشر حددت الآلية الثلاثية موعده منتصف الشهر الحالي، يبدو أن الخلافات قد تعكر صفو التوافق.
وتتركز الخلافات على بعض القضايا، من بينها الحصانات القضائية الكاملة أو الجزئية لصالح بعض الجهات أو الأفراد، بالإضافة إلى قضايا الإصلاح الأمني والعسكري وتفكيك بنية النظام السابق.
ومن المتوقع أن تُطلق الآلية الثلاثية منتصف نوفمبر الجاري محادثات رسمية بين أطراف الأزمة السودانية بهدف استعادة الانتقال المدني، وخاصة بعد قبول قادة الجيش وتحالف الحرية والتغيير وبعض القوى السياسية الأخرى بمسودة الدستور الانتقالي، الذي أعده محامون ديمقراطيون أساسا للحل في البلد الأفريقي.
وتتضمن مسودة الدستور، التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين، تسليم البلاد لإدارة مدنية مؤقتة تحت إشراف القوات المسلحة، التي من المقرر أن تخرج من المشهد السياسي بعد توقيع الاتفاق.
وعقب نشر وكالة "رويترز" تقريرا أشارت فيه إلى التوصل إلى تفاهمات تعفي كبار الضباط العسكريين من المحاكمات بشأن "الانتهاكات" التي ارتكبت، مشيرا إلى أن المشاورات الأوسع ستستمر بشأن قضايا الحصانة والعدالة الانتقالية، نفت قوى سياسية تلك التقارير.
وقال بيان صادر عن الحرية والتغيير "ترددت أخبار غير صحيحة في وسائل الإعلام والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي حول اتفاق لمنح حصانات قضائية".
وأكد الائتلاف في بيانه "على موقفه المعلن في وثيقة أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي إلى إنهاء الانقلاب، التي نشرها للرأي العام في وقت سابق، والتي أوضح فيها رؤيته حول أطراف العملية السياسية وهياكل السلطة الانتقالية المدنية بالكامل، إضافة إلى القضايا".
وأوضح أن من بين "القضايا الإصلاح الأمني والعسكري، الذي يقود لجيش قومي مهني واحد وخضوع جميع القوات العسكرية والأمنية للسلطة المدنية، وإنفاذ عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية تكشف الجرائم وتحاسب المنتهكين وتنصف الضحايا وتبرئ الجراح، بما يضمن عدم الإفلات من العقاب وعدم تكرار الجرائم مرة أخرى وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية".
كما أكد البيان أن لا صحة للأخبار المتداولة عن توصل الحرية والتغيير إلى اتفاق في ما يتصل بالحصانات القضائية الكاملة أو الجزئية لصالح أي جهة أو أفراد، ولا يمكن القيام بهذا الأمر دون تشاور وقبول واسع لأهل المصلحة.
وأشار الائتلاف إلى أن "قوى الحرية والتغيير تضع قضية العدالة في مقدمة القضايا الواجبة معالجتها بصورة شاملة وشفافة وبمشاركة واسعة من كل أصحاب المصلحة، ونطرح رؤيتنا حولها بوضوح لا لبس فيها".
وترفض لجان المقاومة المشاركة في أي عملية سياسية تبقي على قادة الجيش في الحكم، وتتمسك بإسقاط رئيس مجلس السيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان ومعاونيه ومحاكمتهم على مقتل نحو 119 متظاهرا، قضوا برصاص قوى الأمن منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.
وبينما قبل قادة الجيش بالدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، الذي يحظى بدعم دولي وقبول كبير من القوى المؤيدة الديمقراطية كأساس للحل السياسي في السودان، لكن تيارات إسلامية وحركات مسلحة وقوى سياسية ترفضه.
وقدم قادة في الجيش السوداني ملاحظات على مسودة الدستور كأساس لمحادثات بوساطة دولية، شملت تعيين قائد الجيش وأنشطته الاقتصادية، وفق ما ذكرته مصادر لوكالة "رويترز"، الجمعة.
وذكر موقع سودان تربيون أنّ البرهان سلم الآلية الثلاثية التي سترعى المحادثات عدة ملاحظات على مسودة الدستور المقترحة من المحامين، بينها تكوين المجلس التشريعي من 150 عضوا فقط للحد من الخلافات، والاستغناء عن مجلس السيادة برأس للدولة، علاوة على اقتراحه عدم إلغاء القرارات التي اتخذت بعد الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والاكتفاء بمراجعتها.
ويأتي ذلك فيما طالبت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (التيار الثوري الديمقراطي) بالوضوح في قضايا العدالة وبناء الجيش الواحد، وتفكيك بنية النظام السابق في العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية.
جاء ذلك خلال لقاء عقدته الحركة السبت بمقرها في العاصمة الخرطوم، مع الآلية المكونة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد، لمناقشة العملية السياسية.
وقال المتحدث باسم الحركة الشعبية أحمد الصيادي في بيان إن "الاجتماع بحث القضايا المتصلة بالعملية السياسية مثل الشفافية وتحديد الأطراف والإعلان السياسي والحاضنة المدنية والضمانات السياسية والمالية واستكمال أهداف الثورة".
وفي الوقت الذي يُتوقع أن تطلق الآلية الثلاثية منتصف الشهر الجاري محادثات رسمية بين أطراف الأزمة السودانية بهدف استعادة الانتقال المدني، أكد الصيادي أن العملية المرتقبة تحتاج إلى ضمانات سياسية ومالية.
وأوضح أن العملية السياسية تحتاج إلى مناخ إيجابي عبر "وقف العنف ضد المتظاهرين السلميين"، وقطع الطريق أمام عودة النظام السابق.
وتكوّنت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بعد خلافات بين مالك عقار ونائبه السابق ياسر عرمان وعدد من قيادات الحركة الشعبية، بسبب موقف عقار من انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 واحتفاظه بعضوية المجلس السيادي، في وقت احتفظ فيه ياسر عرمان وقيادات في الحركة بمواقعهم في هياكل تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وبموقفهم المقاوم للانقلاب.