السيسي يدعو إلى تحرك سريع لإنقاذ العالم من تغيرات المناخ في كوب 27

القاهرة - أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن التحديات والأخطار التي يواجهها العالم بسبب تغيرات المناخ تستلزم تحركا سريعا من كافة الدول لوضع خارطة طريق للإنقاذ تحمي العالم من تأثيرات التغيرات المناخية، بالتزامن مع انطلاق الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، الذي تستضيفه مصر الأحد.
وقال السيسي في بيان عبر صفحته على تويتر "بكل فخر واعتزاز وتشرف بالمسؤولية، اتطلع إلى افتتاح فعاليات الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بمدينة شرم الشيخ، 'كوب 27' الإطارية حول تغير المناخ".
وشدد على أن الدورة الحالية تأتي في توقيت "حساس للغاية"، يتعرض فيه العالم لأخطار وجودية وتحديات غير مسبوقة.
كما أشار إلى تطلع بلاده إلى خروج المؤتمر من "مرحلة الوعود إلى مرحلة التنفيذ" بإجراءات ملموسة تبني على ما سبق، خاصة مخرجات قمة غلاسكو واتفاق باريس.
وكان المؤتمر الذي يضم 200 دولة، انطلق في وقت سابق الأحد بمنتجع شرم الشيخ السياحي، في محاولة لإعطاء دفع جديد لمكافحة الاحترار المناخي وتداعياته، التي تتالت في عالم منقسم وقلق من أزمات أخرى متنوعة.
ودعا ألوك شارما رئيس المؤتمر، الذي سلم رئاسة الدورة لوزير الخارجية المصري سامح شكري، "قادة العالم إلى الاستيقاظ".
وفي كلمته الافتتاحية، قال ألوك شارما، رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ في نسخته الـ26، "أتفهم ما واجهه الزعماء في جميع أنحاء العالم هذا العام من أولويات مختلفة، يجب أن نكون واضحين (..) فإن التقاعس عن العمل يمكنه فقط إرجاء كارثة المناخ". وأضاف "كم يحتاج العالم وقادة العالم من نداءات للاستيقاظ بالفعل".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شدد الأسبوع الماضي على أن النضال من أجل المناخ "بات مسألة حياة أو موت لأمننا اليوم ولبقائنا غدا"، مع فيضانات غير مسبوقة في باكستان وموجات قيظ متكررة في أوروبا وأعاصير وحرائق غابات وجفاف.
وأكد أن مؤتمر كوب 27 "يجب أن يرسي أسس تحرك مناخي أسرع وأكثر جرأة راهنا، وخلال العقد الحالي الذي سيحدد خلاله ما إذا كان النضال من أجل المناخ سيكون رابحا أو خاسرا".
ويعتزم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك دعوة زعماء العالم المجتمعين في قمة كوب 27 إلى "عدم التراجع عن وعد" حصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية.
وقال سوناك في بيان نشره مكتبه السبت قبيل توجهه إلى مصر للمشاركة في كوب 27 "عندما اجتمع العالم في غلاسكو العام الماضي، اتفقت الدول على خارطة طريق تاريخية لمعالجة الاحترار المناخي الكارثي (...) من المهم أكثر من أي وقت مضى الوفاء بهذا الوعد".
وأضاف أن "مكافحة تغير المناخ ليست مجرد أمر صحيح أخلاقيا، بل هي أمر أساسي لازدهارنا وأمننا في المستقبل"، متحدثا عن عواقب الغزو الروسي لأوكرانيا على إمدادات الطاقة والحاجة إلى "إنهاء اعتمادنا على الوقود الأحفوري".
وينبغي خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 في المئة بحلول العام 2030، في محاولة لحصر الاحترار المناخي عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية، وهو أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ طموحا.
لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة على الاتفاق، في حال احترامها، ستؤدي إلى ارتفاع يراوح بين 5 و10 في المئة، ما يضع العالم على مسار يفضي إلى ارتفاع الحرارة 2.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي. وهذا الأمر بعيد جدا عن الهدف الرئيسي لاتفاق باريس مقارنة بالحقبة التي بدأ فيها الإنسان يستخدم على نطاق واسع مصادر الطاقة الأحفورية من فحم ونفط وغاز، المسؤولة عن الاحترار.
ومع السياسات المعتمدة راهنا، يتجه العالم إلى زيادة قدرها 2.8 درجة مئوية في الحرارة، وهو مستوى كارثي.
وأعرب غوتيريش عن أسفه لأن المناخ تراجع إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات، بسبب جائحة كوفيد - 19 والحرب في أوكرانيا والأزمات الاقتصادية وأزمات الطاقة والغذاء.
وقال ألدن ميير من مركز الأبحاث "إي3جي" والمتابع لمفاوضات المناخ منذ فترة طويلة "سبق أن عرفنا مراحل مشحونة جدا في السابق" مثل انسحاب الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب من اتفاق باريس للمناخ، مضيفا "لكن لم يسبق لي أن رأيت شيئا من هذا القبيل"، واصفا ما يحصل بأنه "العاصفة المثلى".
وفي ظل هذه الأجواء ورغم التعهدات التي قطعت في كوب 26 في غلاسكو، وحدها حوالي عشرين دولة رفعت أهدافها، فيما تقول الأمم المتحدة إن "لا مسار موثوقا" لتحقيق الهدف المتمثل بحصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية.
وبعد افتتاح مؤتمر كوب 27 في مصر الأحد، يلتقي أكثر من 120 من قادة الدول والحكومات يومي الاثنين والثلاثاء في قمة من شأنها إعطاء دفع لهذه المفاوضات التي تستمر أسبوعين.
ويغيب عن القمة الرئيس الصيني شي جين بينغ، في حين يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن مؤتمر شرم الشيخ في محطة سريعة في الحادي عشر من نوفمبر، بينما التعاون حيوي بين أكبر دولتين ملوثتين في العالم تشهد علاقتهما توترا شديدا، إلا أنهما قد يلتقيان في بالي عاصمة إندونيسيا في الأسبوع التالي على هامش قمة مجموعة العشرين.
ودول مجموعة العشرين مسؤولة عن 80 في المئة من الانبعاثات العالمية، إلا أن أغنى دول العالم متهمة بعدم تحمل مسؤولياتها على صعيد الأهداف والمساعدات إلى الدول النامية كذلك.
وسيكون استياء أفقر دول العالم غير المسؤولة عن الاحترار لكنها أكثرها عرضة لتداعياته، في صميم مؤتمر كوب 27.
فوعود دول الشمال برفع مساعداتها إلى مئة مليار دولار سنويا اعتبارا من 2020، إلى دول الجنوب لخفض الانبعاثات والاستعداد لتداعيات التغير المناخي، لم تنجز بعد. وتطالب دول الجنوب كذلك بتمويل إضافي مكرس "للخسائر والأضرار" التي تكبدتها إلى الآن.
لكن الدول المتطورة متحفظة جدا على هذه الآلية، واكتفت العام الماضي بالقبول بفتح "حوار" حول المسألة مقرر حتى العام 2024. لكن يتوقع أن تضطر إلى الموافقة على إدراج المسألة رسميا في جدول أعمال مؤتمر شرم الشيخ.
وقال وائل أبوالمجد، الممثل الخاص للرئاسة المصرية في كوب 27، "يتفق الجميع على القول بوجوب إيجاد سبيل لحل ذلك. لكن تكمن الصعوبة في التفاصيل".
وقال منير أكرم، سفير باكستان لدى الأمم المتحدة ورئيس مجموعة "77 + الصين"، وهي كتلة تفاوضية نافذة تضم أكثر من 130 دولة نامية، إن "التوصل إلى اتفاق حول آلية الخسائر والأضرار سيكون مقياس نجاح كوب 27 أو فشله". وأكد أن "الإرادة تصنع المعجزات".
وثمة غموض حول إقرار آلية خاصة لتمويل "الخسائر والأضرار" أو حول هدف جديد لمواصلة مبادرة المئة مليار دولار اعتبارا من 2025. وقال ميشاي روبرتسون، مفاوض الدول الجزرية الصغيرة، إن حاجات التمويل "تعد بمليارات المليارات"، معتبرا أنه يستحيل تحقيق ذلك من دون القطاع الخاص.
وستسلط الأضواء أيضا على تعهدات القطاع الخاص، مع نشر تقرير لمجموعة خبراء الأمم المتحدة المكلفة بتحديد المعايير لتقييم أهداف الحياد الكربوني للشركات والمدن، فضلا عن المناطق والمستثمرين.
وقال غوتيريش الأسبوع الماضي "لا يمكن للعالم أن يتحمل المزيد من الغسل الأخضر أو التحركات الزائفة أو المتأخرة".
وقد خصصت مصر، التي تستضيف المؤتمر باسم الدول الأفريقية، مساحة للنشطاء في شرم الشيخ، فيما يتوقع غياب أي تظاهرات في الشارع، إذ إن التظاهر ممنوع في مصر. وكانت النسخ السابقة من مؤتمر الأطراف شهدت تظاهرات كبيرة للناشطين البيئيين.
لكن المجتمع المدني في مصر سيحاول اغتنام فرصة انعقاد المؤتمر لتسليط المزيد من الضوء على مصير معتقلي الرأي في البلاد الذين يزيد عددهم عن 60 ألفا، وفق منظمات غير حكومية، مع التركيز خصوصا على الناشط علاء عبدالفتاح الذي حكم عليه نهاية العام 2021 بالسجن خمس سنوات، بعد إدانته بتهمة "نشر أخبار كاذبة". وهو مضرب عن الطعام منذ سبعة أشهر.