أنباء عن إيقاف وزير خارجية حكومة الوفاق الليبية بتهم فساد

النيابة العامة الليبية تكشف عن تعليمات غير مشروعة صادرة عن محمد سيالة، انصاع لها بعض موظفي بعثة ليبيا لدى تركيا، أفضت إلى صرف قرابة مليوني دولار.
الاثنين 2022/10/31
التحقيقات مع بعثة ليبيا في تركيا في قضايا الفساد المالي تتواصل

طرابلس - أفادت وسائل إعلام محلية ليبية بأن النيابة العامة قررت الأحد توقيف وزير الخارجية السابق لدى حكومة الوفاق محمد سيالة للتحقيق معه في قضايا فساد.

ويأتي هذا، فيما أعلنت النيابة العامة الليبية حبس أحد موظفي وزارة الخارجية خلال حكومة الوفاق الوطني السابقة، بتهم فساد مالي تتعلق ببعثة ليبيا لدى تركيا.

ونقلت قناة "ليبيا الأحرار" الذراع الإعلامية للإخوان المسلمين في ليبيا عن مكتب النائب العام في طرابلس، سجن وزير الخارجية السابق محمد سيالة على ذمة التحقيق على خلفية التقصير في حفظ وصيانة المال العام أثناء توليه الوزارة.

وأفاد المصدر ذاته بتوقيف سيالة الخميس فور وصوله مع وفد المجلس الرئاسي الليبي العائد من زيارة لاهاي، مشيرا إلى أنه أطلق سراحه حينها بضمان مثوله أمام النيابة الأحد، حيث تقرر توقيفه.

وظل سيالة وزيرا للخارجية في حكومة الوفاق الوطني في الفترة بين 2016 و2021.

وأكد موقع "أخبار ليبيا" توقيف وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني السابقة، التي كان يرأسها فايز السراج، مشيرا إلى أن قرار توقيفه جاء بعد استجوابه صباح الأحد، لاتهامه بقضايا فساد مالي تتعلق بنفقات إنشاء وصيانة السفارات.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن الوزير السابق متهم كذلك في قضايا تجاوزات إدارية ومالية جسيمة في الداخل والخارج.

وذكرت أن سيالة تم إبلاغه الأسبوع الماضي بأنه مطلوب، بعد عودته من الخارج عبر مطار معيتيقة برفقة النائب أيمن سيف النصر، وعضو الرئاسي عبدالله اللافي.

ونفت المصادر الشائعات التي تتحدث عن اختطاف وزير الخارجية السابق، مؤكدة أنه موقوف وهو بصحة جيدة.

ومحمد سيالة دبلوماسي ليبي مخضرم، وعمل إبان حقبة معمر القذافي وزيرا مفوضا بوزارة الخارجية لأول مرة في العام 1974، وأسس إدارة التعاون الدولي بالوزارة عام 1981.

وشغل سيالة طيلة العقود الماضية مناصب سياسية واقتصادية، أبرزها مدير عام جهاز التصدير والاسيتراد، ورئيس مجلس إدارة الشركة العربية الليبية للاستثمارات الخارجية، بالإضافة إلى عضويته في مجالس إدارات مصارف ومراكز تجارية ليبية وعربية عديدة.

وقال مكتب النائب العام الصديق الصور، في بيان عبر صفحته على فيسبوك، إن النيابة العامة أنجزت جزءا آخر من إجراءات التحقيق المتخذة حيال الأفعال التي ارتكبها بعض موظفي بعثة ليبيا لدى تركيا، في إشارة إلى التحقيق السابق الذي أفضى إلى حبس من تولى مهمة إدارة القنصلية الليبية العامة سابقا، والمراقب المالي ومساعده والموظفين القائمين على إجراءات العقود بالقنصلية.

وفي العشرين من أكتوبر، أعلنت النيابة العامة حبس من تولى مهمة إدارة القنصلية الليبية العامة في تركيا سابقا، والمراقب المالي ومساعده والموظفين القائمين على إجراءات العقود بالقنصلية احتياطيا، على خلفية اتهامهم "بارتكاب أنماط من السلوك ترتب عليها إلحاق الضرر بالمال العام".

وأشار بيان النائب العام إلى أن التحقيقات تثبت مدى تآلف التعليمات الصادرة عن وزير الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوفاق الوطني السابقة مع التشريعات الناظمة لأوجه صرف المال، حيث اتضح للمحقق "إساءة المفوض بأعمال الوزارة للإدارة بإصداره تعليمات غير مشروعة، انصاع لها بعض الموظفين في البعثة بشكل أخل بالنظام".

وأكد أن التحقيقات أثبتت أن تعليمات الموظف أفضت إلى صرف مليون و925 ألفا و385 دولارا في غير الغرض المخصص له، "متسببا في إلحاق ضرر جسيم بخطة التحول والمال المعهود به إليه".

وتابع البيان أن الموظف "تحلل من القواعد والضوابط المرعية في لائحة العقود الإدارية، بإجازته إسناد أعمال بقيمة مليونين و850 ألف دولار إلى إحدى أدوات التنفيذ من دون استحصال إذن الجهة المختصة"، وهو ما أسهم في "تحصّل غيره على منافع مادية لا تجيزها تلك القواعد والضوابط".

ولطالما وجهت لحكومة الوفاق تهم فساد في جميع مؤسسات الدولة، بما فيها وزارة الداخلية التي كان يشغلها رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا.

وسبق أن كشف ديوان المحاسبة في مارس من العام الماضي عن تجاوزات مالية وعمليات تلاعب وهدر للمال العام خلال عام 2019، ذهبت فيها مليارات إلى الميليشيات، فضلا عن تهريب نحو 140 مليارا إلى الخارج.

وتعد ليبيا من ضمن الدول العشر الأكثر فسادا على مستوى العالم لسنوات متتالية، وسجل تقرير صادر في أواخر 2021 عن منظمة الشفافية الدولية، حصولها على أواخر الترتيب في مكافحة الفساد، متقدّمة فقط على اليمن والصومال وسوريا التي جاءت الأخيرة عربيا.

وساهمت عوامل كثيرة ومتشعبة في انتشار الفساد في ليبيا، خصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة، إلى درجة يكاد يكون قاعدة ثابتة، بعدما كان استثناء، إذ لا تكاد جهة عامة أو وزارة تخلو منه بطريقة أو بأخرى.

وأنفقت الدولة خلال السنوات العشر أكثر من 400 مليار دولار، من دون تحقيق أي تنمية على أرض الواقع، في حين لا تزال أغلب المدن والقرى الليبية تعاني من انقطاع الكهرباء المتكرّر صيفا وشتاء، على الرغم من ملايين الدولارات التي صرفت ولا تزال على هذا القطاع.