الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس تجد نفسها مجددا في قلب التجاذبات السياسية

تمديد مهلة تقديم الترشحات ليس سابقة، وإنما يهدف أساسا لفسح المجال أمام أكبر عدد ممكن من الراغبين في الترشح.
الأربعاء 2022/10/26
هيئة الانتخابات تتطلع لإنجاح الاستحقاق التشريعي متحدية حملات التشكيك

تونس – تتعرض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إلى حملة تشكيك واسعة في استعداداتها لإجراء الانتخابات التشريعية، فيما يصفها البعض بـ”حملة مفتعلة” تقودها قوى سياسية ومدنية معارضة للسلطة السياسية القائمة.

وأثار قرار الهيئة بتمديد آجال قبول مطالب الترشح للانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها يوم السابع عشر من ديسمبر المقبل، ردود فعل واسعة لاسيما من منظمات مدنية، اعتبرت الخطوة بمثابة إقرار ضمني بفشل الهيئة، في ظل ضعف الإقبال على الترشحات لاسيما في صفوف النساء والنخب.

وذهبت بعض المنظمات حد التشكيك في نزاهة الهيئة، على غرار منظمة “ملاحظون بلا حدود”، التي انتقدت التمديد، وقالت في بيان لها الثلاثاء إنه “يمس من مبدأ النزاهة والعدالة بين الأطراف المتنافسة وتعدّ على المعايير الدولية لانتخابات ديمقراطية تعكس إرادة الناخب”.

تليلي المنصري: فرضية تغيير موعد الانتخابات باتت من الماضي
تليلي المنصري: فرضية تغيير موعد الانتخابات باتت من الماضي

وأضافت المنظمة أن هذه القرارات “المتسرعة والأحادية من طرف الهيئة فيها مس من حياديتها كما أنها تضعها في موقع تشكيك واتهام بخدمة أطراف دون أخرى”.

ويرى متابعون أن الهجوم الذي تتعرض له هيئة الانتخابات ليس بجديد، حيث سبق أن واجهت حملة كبيرة خلال استعداداتها للاستفتاء، الذي أجري على مشروع الدستور الجديد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.

ويقول المتابعون إن تمديد مهلة تقديم الترشحات ليس بسابقة، وهو مسعى لفسح المجال أمام أكبر عدد ممكن من الراغبين في الترشح للاستحقاق، خصوصا وأن العديد منهم لا يزال لم يستوف جمع التزكيات المطلوبة (أربع مئة تزكية نصفها من النساء).

ووفق آخر تحيين للهيئة العليا للانتخابات، فقد بلغ العدد الجملي للترشحات التي تم تقديمها للانتخابات التشريعية، 1249 ملفا، منها 1068 للرجال و181 للنساء، وسط ترجيحات بأن يشهد هذا الرقم ارتفاعا خلال اليومين المقبلين.

ومددت الهيئة آجال تقديم الترشحت إلى يوم الخميس المقبل حتى الساعة السادسة مساء بعد أن كانت قد حددتها حتى السادسة من مساء الاثنين بالتوقيت المحلي.

وقالت الهيئة، في بيان لها، إنه يمكن للمرشحين استكمال البيانات الخاصة بهم والوثائق المطلوبة كما يمكن للراغبين في الترشح تقديم ملفاتهم قبل انتهاء الآجال الجديدة.

وتمثل الانتخابات البرلمانية المحطة الأخيرة لخارطة الطريق التي وضعها الرئيس قيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية يوم الخامس والعشرين من يوليو 2021 وحله البرلمان وتعليقه لاحقا العمل بدستور 2014 وحل هيئات دستورية.

وعلى عكس الدورات الانتخابية السابقة تجرى الانتخابات لهذا العام بنظام الاقتراع على الأفراد بدل الاقتراع على القائمات، وفق القانون الانتخابي الجديد الذي وضعه الرئيس سعيد.

ولقبول مطالب الترشح يتعين على كل مرشح جمع تزكيات لا تقل عن 400 من الناخبين، نصفها من النساء، على أن لا تقل نسبة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 عاما، عن 25 في المئة من إجمالي عدد التزكيات.

1249

ملف ترشح للانتخابات منها 1068 للرجال و181 للنساء، وسط ترجيحات بأن يشهد هذا الرقم ارتفاعا خلال اليومين المقبلين

وأضح الناطق الرسمي باسم الهيئة تليلي المنصري أن قرار تمديد الآجال جاء بغاية تمكين أكبر عدد من المترشحين من تقديم ترشحاتهم وتفادي وجود دوائر انتخابية دون مترشحين أو بمترشح واحد مما يضمن له فوزه آلياً.

وقال المنصري “سجلنا ترشحات في جميع الدوائر باستثناء دائرة أفريقيا.. كما أن التمديد سيمكن العديد من المترشحين من تصحيح واستكمال ملفات ترشحاتهم”، مشيرا في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أن القرار لن يؤثر على روزنامة الانتخابات التي تم ضبطها في وقت سابق، قائلاً إنه سيتم احترام زمن الطعون والحملة الانتخابية.

ويقول مراقبون إن بعض الأطراف السياسية تسعى إلى استغلال أي ثغرة لزيادة الضغط على الرئيس قيس سعيد، مشيرين إلى أن الحملة التي تتعرض لها هيئة الانتخابات، ليست بريئة وهي في واقع الأمر تستهدف الرئيس.

ويرى المراقبون أنه من غير المنتظر أن تؤثر مثل هذه الحملات على المسار الجاري لإجراء الانتخابات التشريعية.

وردا على ما يروجه البعض في الآونة الأخيرة بشأن توجه نحو تأجيل الاستحقاق التشريعي، أوضح الناطق باسم الهيئة العليا أنه لا مجال لذلك، خاصة بعد أن قطعت الهيئة أشواطاً كبيرة في روزنامة الانتخابات.

وقال”الحديث عن تعديل أو تغيير موعد الانتخابات ليس له أي قيمة قانونية، خاصة وأننا وصلنا إلى قبول الترشحات، وبالتالي فإن فرضية تغيير الموعد باتت من الماضي”.

4