رسالة كل عام من تبون للصحافيين: الجزائر مستهدفة

رمي الكرة في ملعب المجهول يثير سخرية الجزائريين.
الثلاثاء 2022/10/25
المؤامرة مسيطرة

الرئيس الجزائري يثير الجدل بإحياء “نظرية المؤامرة” المفضلة لديه، إذ قال إن “الجزائر مستهدفة بحرب سيبرانية مسعورة للتشويش على البناء الوطني”. وكلف الرئيس الجزائري الصحافيين بالتصدي لها ما أثار سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

الجزائر - كلف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الصحافيين في بلاده بالتصدي لما أسماه الحرب السيبرانية، وهو ما أثار سخرية. واتهمه معلقون بأنه لا يفرق بين الحرب الإعلامية التي يمكن للصحافيين المشاركة فيها والحرب السيبرانية، وهي نوع مختلف من الحروب تتطلب مختصين من نوع آخر.

وقال الرئيس الجزائري في رسالة قدمها لقطاع الإعلام بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، الموافق لـ22 أكتوبر من كل عام إن بلاده تواجه “حربا سيبرانية مسعورة للتشويش على البناء الوطني”. وأضافت الرسالة “أؤكد دعمنا الكامل لنساء ورجال هذه المهنة النبيلة، وهم يؤدون بروح مهنية ووطنية الرسالة المنوطة بهم”.

وتابع “نحيي جهودهم في التصدي للحرب السيبرانية المسعورة، التي ينفذها بالأصالة أو بالوكالة محترفو الأكاذيب حقدا على الجزائر التي استعادت دورها الريادي على الصعيد الإقليمي والدولي، وسعيا منهم إلى التشويش والتضليل في هذه المرحلة من البناء الوطني”.

ولم يحدد الرئيس الجزائري هوية من اتهمهم بخوض الحرب السيبرانية ضد بلاده، لكن سبق وأن صرح في عدة مناسبات بأن الجزائر “مستهدفة بسبب مواقفها الخارجية المستقلة”.

ويقول مراقبون إن تبون “رمى مرة  أخرى كرة الاتهامات في ملعب المجهول”، حيث ما تنفك لغة المؤامرة تسيطر على خطابه السياسي الموجه داخليا. وفيما يتساءل آخرون أي صحافيين يريد منهم تبون أن يواجهوا الحروب السيبرانية، أولئك الذين يزج بهم في السجون أو يحكم عليهم بالإعدام بسبب كشفهم صفقات فاسدة.

في المقابل سخر معلقون من رسالة تبون، خاصة وأن سياق الرسالة يظهر أن تبون يتحدث عن الحرب الإعلامية والافتراضية التي تدار على مواقع التواصل الاجتماعي وليس الحرب السيبرانية، وهي نوع آخر من الحروب تستهدف البنى التحتية الحيوية للدول لتعطيلها. وكتب مغرد ساخرا:

NoahsArk99sbymA@

الحرب السيبرانية تقوم على الاختراقات الحاسوبية والحصول على معلومات سرية شخصية أو استخباراتية وليست هي نفسها الحرب الإعلامية

فعزيزي المواطن عندما تقرأ مستقبلا أن البلاد تتعرض لهجمات سيبرانية لا يأخذك خيالك إلى جامس بوند و007 إنها فقط مجرد منشورات فيسبوكية.

#ثقافة_بومرز #الجزائر

ويذكر أن وزير الاتصال الجزائري محمد بوسليماني كرر ما قاله الرئيس الجزائري قائلا “لقد برز دور الإعلام جليا في مجابهة الحرب السيبرانية التي تواجهها العديد من البلدان بما فيها الجزائر”.

ويرتبط مفهوم الحرب السيبرانية بأنه عبارة عن هجمات إلكترونية بقيادة عسكرية تقوم باختراق الأنظمة الإلكترونية وكل ما يعتمد على التكنولوجيا.

ويقول منتقدون إن الحروب السيبرانية مختلفة عن تلك الإعلامية أو الإلكترونية وهي تتطلب استعدادات بأشكال جديدة ومختلفة.

ويتساءل جزائريون “كيف ستتدارك  بلادهم التأخر في الإحاطة وامتلاك القدرات التكنولوجية للحروب السيبرانية الجديدة، والرئيس والمسؤولون لا يفرقون بين الحروب الإعلامية والحروب السيبرانية التي يريدون من الإعلاميين مواجهتها”.

معلقون يقولون إن الرئيس والمسؤولين لا يفرقون بين الحروب الإعلامية والحروب السيبرانية التي يريدون من الإعلاميين مواجهتها

يذكر أنه منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2019 خلفا للراحل عبدالعزيز بوتفليقة، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية، يقول تبون إنه يريد بناء “أسس جزائر جديدة” تعتمد على اقتصاد يتجاوز التبعية لعائدات النفط والغاز واستعادة الدور المحوري لبلاده قوة إقليمية. ويكرر الرئيس الجزائري مرارا وتكرارا أن بلاده تتعرض للحروب.

ورسالة هذا العام التي وجهها تبون للصحافيين شبيهة برسالة العام الماضي التي وجهها للإعلام في بلاده في نفس المناسبة.

 وطالب تبون في العام الماضي الإعلام الجزائري بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”، كما طالبه بالمزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف للتصدي لحروب الجيل الرابع، في اعتراف ضمني بعدم احترافية الإعلام في بلاده وعدم قدرته على المنافسة دوليا.

ودائما ما يقرن المسؤولون في الجزائر كلمتي الحرب والإعلام في تصريحاتهم. وتسيطر على المسؤولين نظرية مفادها أن البلاد تواجه “مؤامرة من الخارج تتضمن موجة التدفقات الإعلامية الخارجية لإحباط معنويات الجزائريين والمساس بمصداقية مؤسسات الدولة الأكثر حساسية”.

ويتساءل صحافيون جزائريون “أي إعلام يريد أن يستغله تبون ويوجهه؟”، لأن الإعلام الجزائري غير قادر على تشكيل رأي عام داخلي، فما بالك لو كان خارجيا؟ إذ لا تتوفر له الإمكانيات ليكون إعلاما محترفا قادرا على المنافسة.

اقرأ أيضاً: تكريم الصحافيين الجزائريين بدلا من حل قضاياهم يثير السجال في يومهم السنوي
اقرأ أيضاً: تكريم الصحافيين الجزائريين بدلا من حل قضاياهم يثير السجال في يومهم السنوي

وساهمت السلطة في الجزائر من خلال استمرارها في سياسة التحكم في قطاع الإعلام في أن تكون شبكات التواصل الاجتماعي البديل الإعلامي المتاح، لفتح أبواب التفاعل والنقاش وكشف الكثير من الملفات والقضايا التي لا تزال “مسكوتا عنها” في الإعلام التقليدي.

وفي بلد يبلغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، ينشط 26 مليون مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر شريف دريس “سمحت شبكات التواصل الاجتماعي للجزائريين بالتعبير وأصبحت بديلاً فعليًا للفراغ الذي خلفته العديد من وسائل الإعلام”.

ويواجه الصحافيون الذين يعانون أوضاعا اجتماعية مزرية ظروفا صعبة تتعلق بممارسة العمل الإعلامي، بسبب المضايقات التي يتعرضون لها.

وتحتل الجزائر المركز الـ146 (من بين 180 دولة) في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” سنة 2021.

وفي سبتمبر من نفس العام، صرح تبون بأن دولا من الجوار تشن حربا إلكترونية على بلاده، بمشاركة 97 موقعا إلكترونيا. وكلف تبون المجلس الأعلى للأمن  “باستحداث قطب جزائي جديد لمتابعة الجرائم السيبرانية ومكافحتها”، وملاحقة ناشري الأخبار بقصد التهويل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

16