الأردن في معركة لا مفر منها لتخفيف ضغوط التضخم

عمّان - تعكس الأوضاع المعيشية الصعبة في الأردن مع ارتفاع أسعار الاستهلاك في السوق المحلية أن الحكومة أمام الكثير من الأوراق التي لم تستخدمها بشكل كلي لمواجهة هذه المحنة التي تسببت فيها الحرب في شرق أوروبا.
ويرى خبراء أن تحقيق النمو الاقتصادي من خلال التركيز على تحسين وتعزيز القطاعات الإنتاجية وتحفيز واستقطاب الاستثمارات الجديدة، هو الحل الأمثل لكبح جماح التضخم.
وأكدوا أهمية تضافر الجهود لتخفيف آثار التضخم عبر زيادة التحويلات لدعم الأسر الفقيرة، وإعادة النظر في سلة الضرائب خاصة الضريبة المفروضة على المحروقات، ودعم وتعظيم الصناعات المحلية في الأسواق التصديرية باستغلال اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
4.02
في المئة معدل ارتفاع أسعار الاستهلاك في أول تسعة أشهر من العام الحالي
وارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك في أول تسعة أشهر من هذا العام بنسبة 4.02 في المئة. ومع ذلك أكدت الحكومة أن ثمة تحسنا في الأسعار.
وفي الأسبوع الماضي أكدت وزارة الصناعة والتجارة والتموين أن أسعار السلع الغذائية المحلية دخلت في مرحلة التعافي الاقتصادي من تداعيات الأزمة الغذائية التي شهدها العالم نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات العالمية وتكاليف الشحن وقلة المعروض من السلع الأساسية وغيرها.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد أبوحمور أن التضخم يؤدي بصورة مباشرة إلى تراجع القدرة الشرائية للنقود، وبالتالي تراجع مستوى معيشة بعض فئات المواطنين وخاصة ذوي الرواتب الثابتة أو الأسر التي كانت تعاني من تدني مستوى معيشتها.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أبوحمور قوله إن “ارتفاع نسبة التضخم ليس حالة خاصة، بل إن معظم دول العالم تشهد حالياً موجة تضخمية بدأت في أعقاب جائحة كورونا وتعمقت بفعل حرب أوكرانيا وما ترتب عليها من عقوبات على روسيا”.
وبين أن ذلك برز بوضوح في أسعار النفط والغاز والمواد الغذائية وغيرها، والأردن كما هو معلوم مستورد للطاقة وجزء كبير من المواد الغذائية.
وتعد مشكلة الطاقة في الأردن أحد التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد، حيث تكلف في المتوسط 5 مليارات دولار سنويا، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد سكان البلاد بنسبة 10 في المئة نتيجة لتدفق 1.3 مليون لاجئ سوري.
وكان البنك المركزي قد سعى للتصدي لارتفاع التضخم عبر أدوات السياسة النقدية وخاصة رفع أسعار الفائدة التي أملتها الظروف الدولية والمحلية وذلك بهدف الحفاظ على سعر الصرف وعلى جاذبية الودائع بالدينار وعدم السماح بالتأثير سلباً على الاستثمارات.
وزارة الصناعة والتجارة والتموين تؤكد أن أسعار السلع الغذائية المحلية دخلت في مرحلة التعافي الاقتصادي من تداعيات الأزمة الغذائية التي شهدها العالم
واعتبر أبوحمور أنه بالرغم من بعض الآثار الجانبية السلبية التي قد تترتب عن ذلك، إلا أن هذه الخطوة ضرورية بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي وعدم السماح بدخول الاقتصاد الأردني في ما يمكن تسميته بالكساد التضخمي.
ويعتقد البعض أن زيادة التحويلات لدعم الأسر الفقيرة وقيام الحكومة بخفض الضرائب على بعض السلع، وقيام مؤسسات القطاع الخاص بالحفاظ على العاملين لديها واكتفاء التجار بجزء من الأرباح ستساعد في تقليص أثر الارتفاع في التضخم.
ويقول الخبير في الشؤون الاقتصادية لدى المعهد الديمقراطي يوسف منصور إن مراقبة ارتفاع الأسعار في السوق المحلية أمر مهم لتتناسب مع ارتفاعها من المصدر.
وطالب الجهات الرسمية بإعادة النظر في أسعار المحروقات والتعامل معها من خلال أجهزتها المختصة للحد من هذا الارتفاع لأنه يساهم في تحفيز وتشجيع الاقتصاد.
وتوقع البنك الدولي في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الأخير الصادر الشهر الماضي نمو الاقتصاد الأردني للعام الحالي بنسبة 2.1 في المئة وبنسبة 2.3 في المئة في 2023 و2024.
وأطلق الأردن الصيف الماضي خطة جديدة لمواجهة التحديات التي يواجهها اقتصاده تحت اسم “رؤية التحديث الاقتصادي” ومدتها عشر سنوات، تقوم على النمو المتسارع من خلال إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية.