مسرحيون عرب من بغداد: التمسرح فعل فني يملأ الشوارع العربية ولا نعي به

مهرجان بغداد الدولي للمسرح يخصص ندوة علمية تحت عنوان "التمسرح في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي".
الأحد 2022/10/23
التمسرح مصطلح يحتاج إلى رصد

بغداد - خصص مهرجان بغداد الدولي للمسرح ندوته العلمية التي أقيمت على امتداد يومين لموضوع “التمسرح في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي”، وقدم فيها أكاديميون ومسرحيون من السودان والعراق والمغرب ومصر وتونس عددا من الأوراق البحثية التي تفاعل معها الحضور بالنقاش.

وتناولت جلسة أدارتها الأكاديمية سافرة مجيد وشارك فيها السر السيد من السودان والمغربية أمل بنويس وكريم رشيد من العراق قضية التمسرح وتلقي الفن المسرحي من نواح عديدة، مثل الفعل المسرحي ومسرح الشارع والاحتجاج والتمسرح كمصطلح.

واعتبر السيد السر أن الثورة السودانية في الميادين صورة حقيقية لكن مدججة بخبرات الصورة، وقد شاهدنا فيها ظواهر من التمسرح مثل البنات اللواتي يرفعهن الأولاد على أكتافهن وهي صورة تعكس تمسرحا ما.

ندوة "التمسرح في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي" ناقشت قضية شائكة تدخل في جوهر العمل المسرحي

أما كريم رشيد فدعا إلى تحفيز البحث والاستقصاء والدراسة في ظاهرة التمسرح التي تمس جوهر الفعل المسرحي، فيما شددت بنويس على ضرورة خروج المسرح من طرق التداول التقليدية.

وكان للحضور رأي في ما قدم من ورقات، حيث اعتبر بعضهم ضخامة العنوان منفرة نظرا إلى تشعبها، بينما انتقد آخرون مشكلة تضخم النقد مقارنة مع الإبداع، وركز البعض الآخر على أن التمسرح يكون من خلال الجسد.

وحاضر في الندوة الثانية محمد المديوني من تونس ورشا عبدالمنعم من مصر بتقديم رياض موسى سكران من العراق.

واعتبرت عبدالمنعم أن التمسرح متشابك كمصطلح، لذا قررت الخوض في مفهوم التلقي، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية وظروف كورونا، قائلة “كان المسرح الفن الوحيد القادر على جمعنا”.

وبحثت عبدالمنعم في آليات الاتصال بالجمهور من خلال تجربة أحمد إسماعيل، الذي قدم عروضا توظف الجمهور في إنتاج المعنى، مبينة أن المسرح في جوهره فن له طابع حواري ومتعدد المستويات، يقوم أساسا على الميزة التفاعلية.

ولفتت عبدالمنعم إلى خطر عصر التفرد بالوسيلة الذي يخلق تحديا كبيرا أمام المسرح، ولذا من الضروري الانتصار على العزلة التي سببتها الوسائط التكنولوجية، وهو ما تبينه من خلال مسرح أحمد إسماعيل الذي ينتمي إلى مسرح المجتمعات المحلية، وهو أكثر تأثيرا من المسرح النخبوي.

وبينت أن تجربة أحمد إسماعيل قامت على العمل المباشر من استدعاء الجمهور من البيوت، وترسيخ دور المسرح العلاجي، قائلة “كلنا نحتاج إلى المسرح لكن لسنا كلنا مدركين لذلك. واستشهدت عبدالمنعم بتجربتين أو عرضين مسرحيين هما “كل حاجة حلوة” نص دليل للتعامل مع مرضى الاكتئاب، وهو مسرحية تفاعلية، ومسرحية “أغنية الشريط الحدودي” التي تتناول قضايا الإعلام وسلطته على الوعي.

للحضور رأي في ما قدم من ورقات، حيث اعتبر بعضهم ضخامة العنوان منفرة نظرا إلى تشعبها، بينما انتقد آخرون مشكلة تضخم النقد مقارنة مع الإبداع

وفي العرض الثاني بدا المتفرجون منقسمين إلى نصفين، كل نصف يرى من زاوية، لإثبات قدرة الكاميرا على إنتاج المعنى الذي تريد لوعيك أن يراه.

وناقش محمد المديوني مصطلح “التمسرح” بعنوان “فخ المصطلح ومتاهات المفهوم”، مبينا كيفية صياغة العنوان لغة واصطلاحا، وهو ما مثل إشكالية.

ووضع المديوني المصطلح في مجال الفعل المسرحي ومساراته دون اقتصار على المنتج المسرحي الذي يبقى غاية الغايات، مركزا مصطلح التمسرح في منزلة المنطلق، عائدا بنا إلى الجذر اليوناني لمصطلح التمسرح وتشابك المعاني فيه.

وشدد المديوني على أن المفهوم اكتسب كثافة في دلالاته في الغرب، حيث اعتبر التمسرح وسيطا يحقق الصلة العميقة التي تربط المسرح بالمعرفة. فالمسرح نظريا، تيا في اليونانية: المكان الذي منه ننظر. وتيوس النظرية، وتياتراي الذين يشاهدون، لكن في العربية صياغة مختلفة عما درج عليه القدامى.

بينما التمسرح عربيا محتجز في صفة تحويل الأعمال الأدبية إلى مسرح، فالمفهوم إذا ما عدنا إليه في صياغته العربية لخفي ارتباكا، وإحالة على ما هو خارج الدلالات المتوالدة عن الجذر اليوناني.

واختتمت الندوة الفكرية بتكريم الباحثين المساهمين فيها.

13