حضور هزيل للجمعيات البحرينية في الانتخابات التشريعية يقابله عزوف عن المشاركة في البلدية

لم يعد يفصل عن الانتخابات التشريعية والبلدية في البحرين سوى أيام قليلة، فيما تخلو قوائم المترشحين لهذين الاستحقاقين من المشاركة السياسية الوازنة، الأمر الذي يشكل نقطة ضعف كبيرة تحاول القوى المعارضة في الخارج توظيفها للتشكيك في العملية الديمقراطية في المملكة.
المنامة - تقول أوساط سياسية بحرينية إن حصر الجمعيات مشاركتها في الاستحقاقات الانتخابية بحضور محتشم في الانتخابات التشريعية وسط توجه للرهان على مستقلين قريبين منها، في مقابل عزوف تلك الجمعيات بشكل كامل عن الدفع بمرشحين للانتخابات البلدية، يعكس المناخ السائد في المملكة، والذي لا يشجع على المشاركة السياسية الفاعلة.
ويستعد البحرينيون لإجراء انتخابات تشريعية وبلدية في الثاني عشر من نوفمبر المقبل، وقد شهد معدل الإقبال على المشاركة في الاستحقاقين ارتفاعا غير مسبوق من حيث طلبات الترشح، مقارنة بالاستحقاقات التي جرت في السنوات الماضية.
وتقول الأوساط نفسها إن نسبة الإقبال الحالية لم تحصل منذ عام 2012، لكنها لا تعكس بالضرورة حالة صحية، حيث أن معظم المتقدمين للمشاركة في الاستحقاقين لا يملكون أي زاد سياسي أو تجارب في الشأن العام، وبعضهم يسعى لتحصيل مكاسب شخصية ووجاهة من خلال الوصول إلى البرلمان أو المجالس البلدية.
وقررت عدد من الجمعيات السياسية خوض الانتخابات التشريعية وعدم الانجرار خلف خيار المقاطعة الذي تبنته جمعيات وازنة أخرى، لكن هذه المشاركة في الاستحقاق التشريعي تبدو إلى حد الآن هزيلة، في مقابل عزوف تام عن الترشح للاستحقاق البلدي.
وتقدمت جمعية المنبر التقدمي بأربعة مرشحين ولم تهتم بترشيح أحد للانتخابات البلدية، وذلك للمرة الثانية على التوالي حيث لم ترشح أيا من أعضائها للانتخابات البلدية السابقة التي جرت في عام .2018
وطرحت جمعية تجمع الوحدة الوطنية مرشحا واحدا فقط للاستحقاق التشريعي، ولم تقدم أي مرشح بلدي على عكس الانتخابات السابقة التي شاركت فيها بمرشحين للمجلس البلدي، وبالمثل دفعت جمعية الصف الإسلامي بمرشح نيابي واحد ولم ترشح أحدا للانتخابات البلدية.
ولم تعلن جمعية الأصالة حتى الآن أيا من المرشحين التابعين لها سواء في الانتخابات النيابية أو البلدية، في المقابل تم تسجيل مشاركة عدد من النواب السابقين ممّن ترشحوا مع الأصالة في انتخابات سابقة وذلك بصفة مستقلين. ومن بين هؤلاء النائب السابق علي المقلة في سابعة المحرق، كما ترشح النائب السابق إبراهيم بوصندل في ثانية المحرق، بينما ترشح النائب محمد بوحمود عن الدائرة 11 بالشمالية، حيث كان مرشحًا بلديًا في انتخابات 2014 عن الأصالة.
وتقدمت جمعية الرابطة الإسلامية بمرشح وحيد، هو المحامي محمود فردان الذي قدّم أوراق ترشحه عن الدائرة السادسة في العاصمة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى جمعية تجمع الوحدة الوطنية التي رشحت محمد الرفاعي فقط عن الدائرة الثالثة في المحافظة الجنوبية، بينما ترشح النائب عبدالله الذوادي عن ثامنة الشمالية مستقلًا بعد أن شارك ضمن قائمة التجمع في انتخابات 2018.
ويرى مراقبون أن معظم الجمعيات التي قررت خوض غمار استحقاق 2022 فضلت الرهان على دعم مرشحين مستقلين على الدفع بكوادرها، وذلك مرتبط على ما يبدو بالنتائج الهزيلة التي حققتها في الانتخابات السابقة، وفي ظل أزمة ثقة بينها وبين السلطة.
وقال مرشح المنبر التقدمي عن الدائرة السادسة عبدالنبي سلمان إن القائمة التي طرحتها الجمعية جاءت بعد دراسة حظوظ المرشحين والقواعد الانتخابية في مختلف الدوائر، لافتًا في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أن الجمعية ستدعم عددًا من المرشحين القريبين من برنامج الجمعية وأهدافها في الانتخابات البلدية، ومنهم شبر الوداعي الذي له حظوظ وافرة في دائرته، إضافة إلى مرشحين آخرين.
وتراهن القيادة البحرينية على نجاح الانتخابات التشريعية والبلدية، من أجل التسويق لوجود حالة من الاستقرار السياسي، ولتمسكها بالعملية الديمقراطية، على ضوء انتقادات من أقطاب المعارضة، لاسيما في الخارج، تتهمها بالتضييق على الحياة السياسية وعلى الحريات داخل المملكة.
وفي الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي اتخذت ست جمعيات وقوى سياسية بحرينية معارضة، في مقدمتها جمعية الوفاق الإسلامي التي جرى حلها بموجب قرار قضائي في عام 2016 موقفا مشتركا يقضي بمقاطعة الاستحقاق الانتخابي بشقيه النيابي والبلدي.
وقال بيان عن تلك الجمعيات إن القرار “يأتي نتيجة استثمار النظام في البحرين العملية الانتخابية من أجل إرساء المزيد من الاستبداد ومصادرة الإرادة الشعبية والاستحواذ على الثروات وزيادة الضرائب، ولمزيد من التطبيع مع الصهاينة والجرائم التي تمسّ بحقوق الإنسان”.
وجمعية الوفاق الوطني هي من أبرز حركات المعارضة الشيعية في البلاد، وتتهمها السلطات البحرينية بتوفير “بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف”، وذلك خدمة لأجندات قوى إقليمية تريد الإضرار بأمن المملكة.
معظم الجمعيات التي قررت خوض غمار استحقاق 2022 فضلت الرهان على دعم مرشحين مستقلين على الدفع بكوادرها
ويرى المراقبون أن جمعية الوفاق في مطلق الحالات لا تستطيع المشاركة في الانتخابات؛ ذلك أنها غير معترف بها قانونيا في المملكة، لكنها كغيرها من الجمعيات السياسية التي تدور في فلكها تحاول من خلال بيانات المقاطعة تسجيل موقف وإحراج القيادة البحرينية في الخارج، مع اقتراب موعد كل استحقاق انتخابي.
ويشير المراقبون إلى أن هذه الجمعيات لا تعاني من أزمة مع السلطة فقط، وإنما تعاني أيضا أزمة مع الشارع البحريني الذي انفض عنها، ولم تعد تملك بذلك حاضنة شعبية تحتويها. لكن هذا لا يعني أن الوضع السياسي في المملكة مستقر، في ظل تضييق السلطات على قوى المعارضة الوطنية التي من مفترض أن يجري استيعابها وعدم فسح المجال لقوى تسعى إلى العبث بصورة المملكة داخليا وخارجيا.
ويقول هؤلاء المراقبون إنه مع ضعف مشاركة المعارضة الوطنية في الاستحقاقين التشريعي والبلدي، وهو ما يشكل ثغرة يمكن توظيفها للتشكيك في العملية الديمقراطية، فإن رهان السلطة اليوم يتمثل في حث الناخبين على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، وهذا الأمر يبدو مشكوكا في حدوثه.
وتعول السلطة، في حث الناخبين على الإقبال، على وسائل الإعلام القريبة منها وأيضا على المجتمع المدني الذي أعلن عن حملة لحث الشباب على التصويت. وأكد عضو اللجنة المنظمة للحملة حسين غلوم أهمية دور الشباب في العملية الانتخابية في تصريحات لصحيفة “أخبار الخليج” المحلية، وأن الهدف من الحملة تحفيز الشباب على المشاركة وممارسة حقهم السياسي، ودعم القضايا الشبابية في برلمان ،2022 فضلا عن تأكيد أهمية دور الشباب في الحياة الديمقراطية وتوعية وتثقيف الشباب المشاركين لأول مرة في الانتخابات.
وأشاد عضو اللجنة المنظمة للحملة علي بهمن بدور الشباب البحرينيين ووعيهم، لافتا إلى أن الحملة تسعى للوصول إلى أكبر شريحة من شباب المملكة في الجامعات والمجمعات التجارية.
ودعا بهمن الشباب إلى المشاركة في حملة “شباب_نصوت” والتفاعل مع فعاليات الحملة من منطلق الواجب الوطني الذي يهدف إلى إيصال رسالة الحملة إلى أكبر عدد ممكن من هذه الفئة.