المغرب يطلق صندوقا سياديا لدعم الاستثمار في مشاريع التنمية

الرباط – دخل المغرب مرحلة جديدة صوب تطوير الاقتصاد بإطلاق صندوق سيادي لدعم الاستثمارات في مشاريع التنمية، ليكون إحدى الأدوات الرئيسية لدى الحكومة للمضي قدما في تنفيذ خططها على أرض الواقع.
وأقرّت الحكومة مساء الثلاثاء الماضي خلال مجلس وزاري أشرف عليه العاهل المغربي الملك محمد السادس إطلاق الصندوق بقيمة 45 مليار درهم (نحو 4.1 مليار دولار)، “لإضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي” في مواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن الديوان الملكي قوله في بيان إنّ خلال جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الملك محمد السادس، تقرّر “تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار” الذي أنشئ في 2020.
وأضاف البيان أنّ الصندوق يرمي “إلى إضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي بتوجيهه لمشاريع البنيات التحتية والإستراتيجيات القطاعية الطموحة، بما يعزّز تنافسية المنتوج الوطني، وتقوية السيادة الوطنية، على المستوى الغذائي والصحي والطاقة”.
4.1
مليار دولار رأس مال الصندوق ثلثه من الحكومة والباقي من شركات محلية وأجنبية
وبحسب البيان، فقد عيّن الملك محمد السادس خلال المجلس سفير المغرب لدى فرنسا محمد بنشعبون “مديرا عاما لصندوق محمد السادس للاستثمار”.
وبنشعبون مصرفي سابق، شغل أيضا منصب وزير المالية بين العامين 2018 و2021، قبل أن يعيّن في أكتوبر سفيرا للمغرب في باريس. وبتعيينه على رأس الصندوق السيادي سيغادر بنشعبون وظيفته الدبلوماسية للانصراف إلى مهمته الجديدة.
ويهدف الصندوق في الأساس إلى زيادة حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات في الاقتصاد المحلي إلى الثلثين بحلول عام 2035، مقارنة بالثلث فقط حاليا.
وبحسب وسائل إعلام محليّة، فإنّ هذا الصندوق سيتأسس برأس مال، ثلثه مصدره ميزانية الدولة والثلثان الباقيان من كيانات استثمارية محلية ودولية.
ولم تكشف الحكومة طبيعة الشركات التي قد تضخ استثماراتها في الصندوق، لكن يرجح الخبراء أن تكون من كيانات ذات وزن ولها نشاط قوي ومستدام على مستوى السوقين المحلية والعالمية.
ويأتي تفعيل عمل الصندوق مع التزام الحكومة بتنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي في الميزانية الجديدة لعام 2023، باعتبارها ضمن أولويات المرحلة لدعم الشركات والرفع من قدرتها على الاستثمار.
وقالت وزيرة المالية نادية فتاح العلوي خلال عرض بنود الميزانية أثناء المجلس الوزاري إن “الحكومة أعدت مسودة ميزانية تستهدف تحقيق نمو بنسبة 4 في المئة، مع توقعها بلوغ العجز المالي 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والتضخم اثنين في المئة”.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد إلى 0.8 في المئة هذا العام، بعد معاناة البلاد من أسوأ موجة جفاف منذ عقود، بينما من المتوقع أن يرتفع التضخم، بسبب عوامل خارجية في الغالب، إلى 6.3 في المئة هذا العام، وفقا لأحدث بيانات للبنك المركزي.
وأوضحت العلوي أن مشروع الميزانية سيواصل تقديم الدعم للفئات المستهدفة من خلال تنفيذ سجل اجتماعي موحد وتعميم شبكات الحماية الاجتماعية.
7.1
في المئة نسبة مساهمة السياحة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تلعب دورا كبيرا في رفد الاقتصاد بالعملة الصعبة
كما سيتم “تأهيل منظومة الصحة من خلال الرفع من الاعتمادات المخصصة لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية”، وكذلك “تسهيل الوصول إلى امتلاك مسكن”.
وبينما يمثل الاحتياطي الأجنبي تحديا للعديد من الاقتصادات العربية، لاسيما المستوردة للنفط والسلع الغذائية التي تشهد أسعارها تضخما متسارعا، ارتفع رصيد الرباط من النقد الأجنبي هذا العام بأكثر من خمسة في المئة إلى نحو 31 مليار دولار.
ويعود الفضل بذلك بشكل أساسي إلى ثلاثي السياحة، والمغتربين والصادرات، خاصة الفوسفات والسيارات، الذي من المرجح أن يرفد، وفق حسابات بلوبمرغ الشرق، خزينة الدولة بحوالي 38.4 مليار دولار بنهاية هذا العام.
وتظهر البيانات الرسمية أن تحويلات المغتربين هذا العام بلغت ذروة خمس سنوات، إذ وصلت بنهاية أغسطس الماضي إلى قرابة 6.5 مليار دولار بارتفاع قدره 11.3 في المئة على أساس سنوي.
ومنذ فتح الحدود في فبراير الماضي بعد التراجع الملحوظ للجائحة، بدأت السياحة المغربية تستعيد عافيتها تدريجيا، مدفوعة كذلك بتقديم الحكومة دعما ماليا للفنادق وللشركات العاملة في القطاع بقيمة مئتي مليون دولار.
وتسهم السياحة بنحو 7.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتلعب دورا كبيرا في رفد الاقتصاد بالعملة الصعبة، فضلا عن دورها المحوري في سوق العمل.
وبحسب أرقام وزارة السياحة، فقد استطاع القطاع خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، استعادة قرابة 90 في المئة من حجم العوائد المسجلة ما قبل الوباء.
وجلبت السياحة إيرادات تجاوزت 8 مليارات دولار خلال عام 2019 القياسي، عندما استقبل المغرب حينها 13 مليون سائح، إلا أن العوائد انحسرت إلى 3.5 مليار دولار في العام الماضي.
ويتوقع بنك المغرب، في أحدث أرقام صادرة عنه، أن تناهز الإيرادات الإجمالية للقطاع بحلول نهاية العام الحالي 7.1 مليار دولار.