عبداللطيف رشيد يتعهد بعراق قوي مستقل ومتصالح في ظل الانقسامات

بغداد - تعهد الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد الاثنين بأنه سيبذل كل جهده للقيام بمهامّه وحماية الدستور والمساهمة في حل مشاكل البلاد، بينما يرجح أن يواجه مصاعب كبيرة في ظل مشهد سياسي متقلب وتهيمن عليه الانقسامات.
وقال الرئيس العراقي في كلمة متلفزة، عقب مراسم تسلّمه مهامّه في قصر السلام في العاصمة بغداد، "نأمل أن يتمّ تشكيل الحكومة بسرعة لتلبية مطالب العراقيين"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء العراقية.
وشدد على "العمل على وحدة وسيادة العراق وحل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان تحت سقف الدستور".
وأعرب عن أمله في "تشكيل حكومة قوية بسرعة لحل جميع المشاكل العالقة على الصعيد المحلي".
وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، أكد الرئيس العراقي الجديد "ضرورة إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار والقوى الدولية، بما يحقق مصالح الشعب العراقي على كل الأصعدة".
ويأتي تعهد الرئيس العراقي في وقت تواجه البلاد عدة ملفات معقدة في ظل مشهد سياسي متقلب وتهيمن عليه الانقسامات، خصوصا بين الإطار التنسيقي الموالي لإيران والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي سبق أن هاجمه السبت ووصف مساعيه لتشكيل حكومة برئاسة محمد شياع السوداني بـ"ائتلافية ميليشياوية مجربة".
وشكّل ترشيح الإطار التنسيقي السوداني في الصيف، شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر.
وبلغ التوتر ذروته في التاسع والعشرين من أغسطس، حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش والحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة.
ومن أبرز التحديات التي ستواجه الرئيس العراقي الجديد الملف الأمني، حيث عادت خلايا داعش إلى التحرك مجددا، هذا فضلا عن تزايد نفوذ ميليشيات الحشد الشعبي التي لا تنضوي جميعها تحت إمرة الجيش.
وينتظر الرئيسَ العراقيَّ أيضا ملف اقتصادي ضخم في ظل تفاقم الفساد، وآخرها ملف اختلاس 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة العامة من مصرف الرافدين، إلى جانب أزمة الجفاف والخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بشأن الموارد النفطية.
وعلى الصعيد الإقليمي، يواجه العراق انتهاكا صارخا لسيادة أراضيه، حيث تشن القوات التركية والإيرانية من حين إلى آخر هجمات تستهدف المعارضين الأكراد في إقليم كردستان، وسط مطالبات شعبية عراقية من السلطات الجديدة باتخاذ إجراءات أكثر قوة واللجوء إلى المجتمع الدولي لوقف تلك الانتهاكات.
ويتوقع أن يواجه رشيد معارك عهدها عندما كان وزيرا للموارد المائية، لاسيما الخلاف الدبلوماسي مع تركيا المجاورة بشأن قضية المياه، فضلا عن حماية الأهوار المهددة بالجفاف، والتي لعب دورا بإعادة إحيائها في العام 2004.
والخميس، انتخب البرلمان العراقي عبداللطيف رشيد رئيسا للجمهورية، بعد حصوله على غالبية الأصوات بالجولة الثانية من عملية التصويت.
وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن رشيد حصل على 162 صوتا، فيما نال منافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح 99 صوتا، واعتبرت 8 أصوات باطلة.
والرئيس الجديد عبداللطيف جمال رشيد، المولود في مدينة السليمانية شمالي العراق عام 1944، هو أحد الأعضاء الفاعلين في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن معارضي نظام الرئيس الراحل صدام حسين، وكان له دور بارز في تأسيس الحزب.
وحصل رشيد على درجة البكالوريوس في الهندسة من جامعة ليفربول في المملكة المتحدة، ودرجة الماجستير من جامعة مانشستر، بينما نال شهادة الدكتوراه في الهندسة من جامعة ليفربول.
وبعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 عُيّن عبداللطيف رشيد وزيرا للموارد المالية حتى نهاية عام 2010، حيث أصبح مستشارا لرئيس الجمهورية آنذاك جلال طالباني ومن بعده فؤاد معصوم.
وشغل رشيد منصب "المستشار الأقدم" لرئيس الجمهورية السابق برهم صالح الذي خسر الانتخابات الأخيرة.
ووفق العرف السياسي المعتمد في العراق منذ سنوات، يعدّ منصب رئاسة الجمهورية من حصة المكون الكردي، ورئاسة البرلمان من حصة السنة، ورئاسة الحكومة من حصة الشيعة.
ولا يتمتع منصب رئاسة الجمهورية في العراق بأي صلاحيات تنفيذية، بحسب الدستور الذي أُقرّ عام 2005 في استفتاء شعبي، عقب نحو عامين على الغزو الأميركي، إذ حُصرت الصلاحيات التنفيذية بشكل كامل في يد رئيس الحكومة، بينما مُنح رئيس الجمهورية مهامّ تشريفية، مثل توقيع المراسيم الجمهورية، وتقليد الأوسمة والأنواط، وتقديم مقترحات للقوانين والتشريعات، وتمثيل العراق في المحافل الدولية، فضلا عن تكليف مرشح الكتلة الكبرى في البرلمان بتشكيل الحكومة.