لبنان المأزوم يفشل في تنفيذ تدابير صندوق النقد للحصول على تمويل

واشنطن - قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن المحادثات مع لبنان لا تزال معلقة، إذ لم ينفذ مسؤولوه بعد التدابير المطلوبة لتلقي برنامج تمويل من الصندوق، ما يكشف أن لبنان لم يبذل المزيد من الجهود للخروج من وضعه المتأزم.
وأضافت جورجيفا خلال مؤتمر صحافي في واشنطن الخميس "هذا التعطل لا يزال قائما، ولا سبيل لتجاوزه إلا بتنحية الزعماء السياسيين في لبنان ما يقسمهم جانبا والوصول إلى مرحلة خدمة شعب لبنان الذي لا يستحق أقل من ذلك".
ووفقا لموقع صندوق النقد الدولي الإلكتروني على الإنترنت، فإن التدابير المسبقة هي إجراءات يلزم تنفيذها قبل أن يوافق المجلس التنفيذي على برنامج يدعمه الصندوق.
وقال صندوق النقد الشهر الماضي إن التقدم في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لا يزال بطيئا للغاية، خاصة تنفيذ تلك التي اتفق عليها لبنان مع الصندوق في أبريل الماضي.
وتوصل الصندوق إلى مسودة اتفاق تمويل مع لبنان يتطلب إصلاحات تطبقها بيروت قبل أن يقرر مجلسه ما إذا كان سيقر الاتفاق. ويشمل الاتفاق على مستوى الخبراء تسهيلا تمويليا على مدى 46 شهرا، طلب لبنان بموجبه إمكان الحصول على ما يوازي ثلاثة مليارات دولار.
ويعتبر الاتفاق مع صندوق النقد حيويا للبنان ليبدأ التعافي من انهيار اقتصادي يعصف به منذ 2019، وحرم المودعين من أموالهم وهوى بقيمة العملة المحلية وزاد الفقر زيادة حادة، في أسوأ أزمة تمر بها البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990.
وفي المقابل يرى مراقبون أن بعض التطورات الحاصلة في المشهد اللبناني، على غرار إعلان الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس الموافقة على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ستسهم في تحسين الوضع المالي خلال الفترة المقبلة.
وكان عون صرّح الأربعاء بأن "إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعد المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل سيمكّن لبنان من استخراج النفط والغاز، وبالتالي سيُنتشل من الهاوية التي أُسقِط فيها".
وكان آموس هوكشتاين، المبعوث الأميركي الذي تفاوض على اتفاقية حدودية بحرية بين إسرائيل ولبنان، قال إنه يأمل أن تبدأ الشركات النفطية العمل في المياه اللبنانية "في غضون أسابيع".
وعبّر عن أمله في أن تبدأ توتال إنرجيز وإيني التنقيب عن الغاز في الكتل البحرية اللبنانية خلال هذا الإطار الزمني.
ورغم هذا التطور، يظل المشهد السياسي في لبنان قاتما مع تصاعد الخلافات بين القوى السياسية بشأن انتخاب خليفة لعون في رئاسة الجمهورية.
والخميس أرجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجلسة الثانية إلى الخميس العشرين من أكتوبر الجاري لعدم اكتمال النصاب، حيث حضر إلى قاعة المجلس 71 نائبا من أصل 128، أي أقل من ثلثي إجمالي النواب.
ويقول المراقبون إن الخلافات بشأن اختيار خليفة لعون في منصب مؤسسة الرئاسة تصعد المخاوف من بقاء هذا المنصب شاغرا، خاصة وأن لبنان شهد في السابق فراغا في مؤسسة رئاسة الجمهورية بسبب الخلافات السياسية، فيما تشير كل هذه المعطيات إلى المصاعب التي يواجهها لبنان وتعرقل أي جهد للخروج من أزمته الاقتصادية.
والصراع السياسي الحالي لا يسمح بتعزيز ثقة صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة في لبنان، وسط دعوات إلى إنهاء حالة الجمود الحالي والمرور إلى مرحلة جديدة من الاستقرار.