السعودية تكشف طلبا أميركيا لتأجيل قرار أوبك+ إلى ما بعد الانتخابات النصفية

الرياض تؤكد أن مجموعة أوبك+ تتخذ قراراتها باستقلالية وتشدد على رفضها للإملاءات الخارجية.
الخميس 2022/10/13
لا رضوخ لضغوط واشنطن

الرياض – كشف رد المملكة العربية السعودية القوي على الهجمة الأميركية ضدها، بعد قرار أوبك+ الأسبوع الماضي خفض إنتاج النفط، عن طلب أميركي لتأجيل القرار شهرا آخر أي إلى ما بعد الانتخابات التشريعية النصفية المقررة في نوفمبر المقبل.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس" الخميس، إن السعودية "من منطلق قناعتها بأهمية الحوار وتبادل وجهات النظر مع الحلفاء والشركاء من خارج مجموعة أوبك+ حيال أوضاع السوق البترولية، فقد أوضحت حكومة المملكة من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأميركية أن جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر حسب ما تم اقتراحه ستكون له تبعات اقتصادية سلبية".

ويرى مراقبون أن محاولة الولايات المتحدة تأجيل قرار أوبك+ لمدة شهر هي محاولة سياسية تحت غطاء اقتصادي، لتجاوز مطب الانتخابات التشريعية النصفية دون مراعاة للتبعات الاقتصادية السلبية عالميا.

ويشير هؤلاء إلى أن القرار يبرهن على أن السعودية تعمل ضمن الكارتل النفطي لحماية الاقتصاد العالمي، فيما تعمل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على حماية مصالحها المرحلية فقط.

وأعلنت أوبك+ التي تضم منظمة أوبك وحلفاء من بينهم روسيا عن خطط خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميا، بعد أسابيع من الضغط من قبل مسؤولين أميركيين ضد مثل هذا القرار.

وأثارت خطوة أوبك+ مخاوف في واشنطن بشأن احتمال ارتفاع أسعار البنزين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر، والتي يدافع فيها الديمقراطيون عن سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ.

ويطمح الديمقراطيون إلى تجنب أي زيادات في الأسعار، لعلمهم أنها ستؤثر على قرار الناخب داخل صناديق الاقتراع لصالح الجمهوريين في الانتخابات الجزئية المقبلة.

وعقب هذا القرار، انخرط المسؤولون الأميركيون في مهاجمة السعودية، حيث تعهد الرئيس الأميركي بمعاقبة المملكة على دعمها القرار، كما هدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاثنين بمنع أي مبيعات أسلحة للسعودية في المستقبل.

ورفضت السعودية تلك الهجمة الأميركية ضدها ووصفت تصريحات المسؤولين الأميركيين بأنها "لا تستند إلى الحقائق"، مؤكدة في الوقت ذاته أنها لا تقبل الإملاءات.

وقال بيان الخارجية السعودية إن "حكومة المملكة اطلعت على التصريحات الصادرة تجاه المملكة عقب صدور قرار أوبك+ في الخامس من أكتوبر 2022، والتي تضمنت وصف القرار بأنه بمثابة انحياز للمملكة في صراعات دولية، وأنه قرار بني على دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة الأميركية".

واتهمت الولايات المتحدة الرياض بالانحياز إلى جانب روسيا، التي ترفض محاولات غربية لوضع سقف لسعر النفط الروسي بسبب غزوها أوكرانيا.

وأكد البيان أن "مخرجات اجتماعات أوبك+ يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي من الدول الأعضاء، ولا تنفرد فيه دولة دون باقي الدول الأعضاء، ومن منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهو ما دأبت عليه مجموعة أوبك+".

وشدد بيان الخارجية السعودية على أن "مجموعة أوبك+ تتخذ قراراتها باستقلالية وفقا لما هو متعارف عليه من ممارسات مستقلة للمنظمات الدولية".

وأكدت السعودية أن "محاولة طمس الحقائق في ما يتعلق بموقف المملكة من الأزمة الأوكرانية أمر مؤسف، ولن يغير ذلك من موقف المملكة المبدئي وتصويتها بتأييد القرارات المتخذة في الأمم المتحدة تجاه الأزمة الروسية - الأوكرانية، انطلاقا من تمسك المملكة بضرورة التزام كافة الدول بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي ورفضها لأي مساس بسيادة الدول على أراضيها".

وقال البيان إن "في الوقت الذي تسعى فيه المملكة للمحافظة على متانة علاقاتها مع كافة الدول الصديقة، فإنها تؤكد في الوقت ذاته أنها لا تقبل الإملاءات وترفض أي تصرفات أو مساع تهدف إلى تحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية".

وشدد على أن "معالجة التحديات الاقتصادية تتطلب إقامة حوار بناء غير مسيّس، والنظر بحكمة وعقلانية لما يخدم مصالح الدول كافة".

وأكدت السعودية أنها "تنظر إلى علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية من منظور إستراتيجي يخدم المصالح المشتركة للبلدين".

وشددت على "أهمية البناء على المرتكزات الراسخة التي قامت عليها العلاقات السعودية - الأميركية على مدى العقود الثمانية الماضية، المتمثلة في الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة، والإسهام الفعال في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الازدهار والرخاء لشعوب المنطقة".

وكان السيناتور توم كوتون قال في مقابلة مع قناة فوكس إن "الديمقراطيين سيفعلون أي شيء للحيلولة دون ارتفاع أسعار الوقود قبل الانتخابات، ولكن تذكروا هو لم يطلب من السعوديين ألا يقلصوا الإنتاج، بل طلب منهم فقط الانتظار لمدة شهر إلى ما بعد الانتخابات، لأن سياسة بايدن الرسمية في الحملة الانتخابية ومنذ توليه الرئاسة هي القيام بكل ما بوسعه للإضرار بإنتاج الوقود الأحفوري هنا (بأميركا) وحول العالم".

وتابع "هناك سببان بسيطان حول ما حدث بقرار أوبك وعلاقاتنا بالمملكة العربية السعودية وزيادة اعتمادنا على النفط الأجنبي، أولا، جو بايدن شن حربا على منتجي النفط الأميركيين، لو كنا ننتج المزيد هنا لما كنا سنعتمد على أي أحد بالخارج".

وأضاف "ثانيا، جو بايدن وباراك أوباما والحزب الديمقراطي قاموا بشن حملة لنبذ وتهميش السعودية رجوعا إلى 13 سنة ماضية، وذلك عبر التودد لإيران واسترضاء عدونا الأخلاقي، خلال حقبة رونالد ريغان في الثمانينات كان باستطاعته الضغط على السعودية لإبقاء أسعار النفط متدنية، الأمر الذي دمر اقتصاد الاتحاد السوفيتي. لماذا لا يستطيع بايدن القيام بذلك مع السعوديين ضد روسيا بوتين؟ والسبب هو لأنهم شنوا هذه الحملة على السعودية صديقتنا منذ زمن طويل لصالح عدوتنا إيران، وهذا بالضبط قصر النظر في السياسات الخارجية".