لبنان يحدد موعد ترحيل اللاجئين السوريين وسط تحذيرات حقوقية

الرئيس اللبناني يكشف عن أول دفعة ستغادر البلاد الأسبوع المقبل، ضمن خطة حكومية تتضمن عودة حوالي 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهريا.
الأربعاء 2022/10/12
اللاجئون السوريون يفاقمون أزمة لبنان

بيروت – كشف الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الأربعاء أن عملية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم على دفعات ستبدأ الأسبوع المقبل، في قرار يتجاهل تحذيرات المنظمات الحقوقية الدولية من العودة القسرية وإعرابها عن مخاوفها بشأن سلامتهم.

وقال عون إن "ابتداء من الأسبوع المقبل سنشهد بدء إعادة السوريين إلى بلدهم على دفعات، الأمر الذي يعتبر قضية مهمة بالنسبة إلينا"، وفقا لتصريح نقلته "الوكالة الوطنية للإعلام".

ويستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين في العالم قياسا إلى عدد السكان. وتقدر الحكومة أن عدد سكان البلاد البالغ أكثر من ستة ملايين يشمل ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ من سوريا المجاورة، وهو عدد أقل بكثير من ذلك المسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والبالغ مليون لاجئ.

ويأتي قرار عون، بعد أن وضعت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية خطة إعادة اللاجئين السوريين على سكة التنفيذ، بتحديد أسماء الدفعة الأولى التي ستغادر البلاد متجهة إلى سوريا.

وأعلن وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين في يوليو عن خطة لإعادة حوالي 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهريا، مستندا في ذلك إلى أن سوريا أصبحت آمنة إلى حد كبير بعد أكثر من عقد على نشوب الحرب.

ولن تتضمن الخطة أي دور للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي تصر على أن الظروف في سوريا لا تسمح بعودة اللاجئين على نطاق واسع.

ولطالما دعا مسؤولون بالحكومة اللبنانية إلى "ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، لأن الدولة اللبنانية لم تعد قادرة على تحمل أعباء هذا الملف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية".

وتشكو الحكومة اللبنانية من ضعف المساعدات المالية التي تقدمها الأمم المتحدة مقارنة بكلفة الاحتياجات، فمثلا في عام 2021 تلقى لبنان مساعدات بقيمة 1.69 مليار دولار من أصل 2 مليار دولار، وفق بيانات رسمية.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي قد هدد في يونيو الماضي بإخراج اللاجئين السوريين من بلاده بالطرق القانونية، في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان لإعادتهم إلى سوريا.

وبعد يومين، ردت المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، في بيان، ذكّرت فيه بالتزام الحكومة اللبنانية بمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي، وبمبدأ ضمان العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين واللاجئات.

وعلى مدى السنوات الماضية، قام لبنان بعدة محاولات لإعادة قسم من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لكنها لم تكلل بالنجاح، أما اليوم وفي ظل الضغوط الاقتصادية والمالية على البلاد، ترى السلطات أن إعادة اللاجئين ضرورة لا تحتمل التأجيل.

وأغرقت أزمات لبنان المتلاحقة شرائح واسعة من اللبنانيين في فقر مدقع، تفاقم معه الاستياء العام من استمرار وجود اللاجئين السوريين.

وتصطدم الخطة اللبنانية بخصوص إرجاع اللاجئين السوريين برفض الجماعات الحقوقية.

وحذّرت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى من الإعادة القسرية للاجئين السوريين، لافتة إلى أنها وثقت حالات اعتقال وتعذيب من قبل السلطات السورية بحق العائدين.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش ومقرها نيويورك في يوليو إن "سوريا أبعد ما تكون عن توفير الأمن والسلامة للعائدين".

وكتبت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، في منشور "اللاجئون السوريون الذين عادوا بين عامي 2017 و2021 من لبنان والأردن واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، واضطهادا على يد الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها".

وسجلت عودة المئات من النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم في السنوات الأخيرة، بيد أن أكثرهم مازالوا مترددين في اتخاذ هكذا خطوة في غياب ضمانات دولية بعدم تعرضهم لعمليات تنكيل من قبل السلطات السورية، التي تصنف معظمهم في خانة المعارضين.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومعيشية ومالية حادة، صنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، وتجسدت في انهيار سعر صرف عملته الوطنية "الليرة" مقابل الدولار، وارتفاع معدل الفقر والبطالة والتضخم ونقص الوقود والأدوية وحليب الأطفال وأغلب المواد الأساسية.