تصاعد القلق إزاء حملة أمنية تشنها السلطات الإيرانية في مدينة كردية

لجوء النظام الإيراني إلى العنف يزيد من تمرد المحتجين ولا يطوقه.
الأربعاء 2022/10/12
مسعى عبثي لإسكات المتظاهرين

يواصل النظام الإيراني تصعيده ضد الاحتجاجات المتواصلة منذ أكثر من أسبوعين والآخدة في الاتساع لتشمل أغلب المدن بعد فشل دعوته إلى المحتجين للحوار. وتمثل الاحتجاجات الحالية حالة غير مسبوقة يتوقع مراقبون أن تزيد من متاعب النظام الديني المأزوم.

طهران - استمرت الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن في إيران الثلاثاء، حيث أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي دبابات تُنقل إلى المناطق الكردية التي كانت مراكز محورية في حملة قمع الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني خلال احتجاز الشرطة لها.

وعبرت مجموعات حقوقية الثلاثاء عن قلقها إزاء حملة أمنية تشنها السلطات الإيرانية في المدينة ذات الغالبية الكردية التي أصبحت مركزا للاحتجاجات، في وقت يواصل فيه عمال مصافي النفط إضرابات في إطار تكتيك جديد.

وتشهد إيران احتجاجات منذ وفاة الشابة الإيرانية الكردية البالغة 22 عاما في السادس عشر من سبتمبر، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقواعد اللباس في الجمهورية الإسلامية.

ورغم استخدام السلطات للقوة الغاشمة التي أسفرت عن عشرات الوفيات ومئات الاعتقالات، لم تظهر أي مؤشرات على توقف الحركة الاحتجاجية.

كاثرين راسل: نحن في غاية القلق إزاء تقارير مستمرة عن أطفال وشبان يتعرضون للقتل أو الإصابة والتوقيف

وتصاعدت الاحتجاجات بشكل خاص في مدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان في شمال غرب إيران وهي المنطقة التي تنحدر منها أميني. وتخشى مجموعات حقوقية سقوط عدد كبير من القتلى وتتهم السلطات بقصف أحياء سكنية.

وقالت مجموعة هنكاو غير الحكومية ومقرها أوسلو إن طائرة حربية إيرانية وصلت ليلا إلى مطار المدينة، وإن حافلات تقل عناصر من القوات الخاصة كانت في طريقها إلى المدينة قادمة من مناطق أخرى.

ونبهت إلى أن الأهالي يواجهون صعوبة في إرسال أدلة بالفيديو للأحداث بسبب القيود على الإنترنت، لكنها أكدت مقتل طفل في السابعة من العمر ليل الأحد. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التأكد من التقارير على الفور.

وأضافت هنكاو أن سبعة أشخاص على الأقل تأكد مقتلهم على أيدي قوات الأمن في سنندج ومدن أخرى يسكنها الأكراد، منذ السبت.

وعبرت منظمة العفو الدولية عن “القلق إزاء قمع الاحتجاجات في سنندج وسط تقارير عن استخدام قوات الأمن للأسلحة النارية وإطلاق الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي بما في ذلك في منازل سكنية”.

وخلال زيارة إلى سنندج، أكد وزير الداخلية أحمد وحيدي موقف طهران، الذي تعارضه بشدة المجموعات الحقوقية، بأن الاضطرابات “دعمتها وخططت لها ونفذتها جماعات إرهابية انفصالية”.

وأفاد “مركز حقوق الإنسان في إيران” ومقره نيويورك باحتمال وجود وضع مماثل في محافظة سيستان بلوشستان (جنوب شرق)، حيث يقول نشطاء إن أكثر من 90 شخصا قتلوا منذ الثلاثين من سبتمبر.

وقال مدير المركز هادي غائمي إن “القتل الوحشي لمدنيين على أيدي قوات الأمن في محافظة كردستان في أعقاب مجزرة في محافظة سيستان بلوشستان، قد يكونان مقدمتين لأعمال عنف مقبلة تنفذها الدولة”.

ورأى محللون أن هذه الاحتجاجات تمثل تحديا خاصا للسلطات في عهد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي (83 عاما) بسبب مدتها وأوجهها المتعددة التي تتراوح من تظاهرات في الشارع إلى تحديات فردية.

وفي تطور جديد الاثنين امتدت رقعة التظاهرات إلى مصافي نفط إيرانية، وأظهرت تسجيلات مصورة عمالا مضربين يحرقون إطارات ويقطعون طرقا أمام منشأة عسلويه للبتروكيماويات في جنوب غرب إيران.

وتُسمع هتافات المتظاهرين ومن بينها “الموت للدكتاتور” و”لا تخافوا، نحن جميعا معا”.

الاحتجاجات تمثل تحديا للنظام بسبب أوجهها المتعددة التي تتراوح من تظاهرات في الشارع إلى تحديات فردية

وأفيد عن تحركات مماثلة جرت الثلاثاء وتحدثت منظمة “إيران هيومن رايتس” ومقرها أوسلو عن تنفيذ إضرابات في آبدان بغرب إيران وفي بوشهر إلى الجنوب.

ونفت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أي تحرك احتجاجي في المنطقة. وقال حاكم عسلويه علي هاشمي لوكالة فارس للأنباء إن “انتهازيين” تسببوا في اشتعال حرائق في المنطقة.

وشهدت حرم جامعات بل حتى قاعات دراسة في مدارس احتجاجات متكررة، وظهر طلاب جامعة أمير كبير للتكنولوجيا في طهران في تسجيلات الاثنين وهم يطلقون هتافات منددة بالنظام.

وفي تسجيل مصور نشرته قناة “1500 تصوير” التي تبث على وسائل التواصل الاجتماعي والتي ترصد الاحتجاجات وانتهاكات الشرطة، ظهر طلاب واقفين في سلسلة بشرية على شكل كلمة “خون” والتي تعني بالفارسية الدمّ.

وتحدثت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية عن 95 حالة وفاة على الأقل في حملة قمع المتظاهرين منذ السادس عشر من سبتمبر. وبحسب آخر حصيلة إيرانية قُتل العشرات بالإضافة إلى 18 من عناصر قوات الأمن.

ويقول نشطاء إن من بين قتلى الاحتجاجات الشابتين نيكا شاكرمي وسارينا إسماعيل زاده واللتين تقول عائلتاهما إنهما قتلتا على أيدي قوات الأمن بعد توقيفهما. وتشدد السلطات على أن الشابتين توفيتا إثر سقوطهما.

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسف كاثرين راسل “نحن في غاية القلق إزاء تقارير مستمرة عن أطفال وشبان يتعرضون للقتل أو الإصابة والتوقيف”.

الاحتجاجات تصاعدت بشكل خاص في سنندج وهي المنطقة التي تنحدر منها أميني. وتخشى مجموعات حقوقية سقوط عدد كبير من القتلى وتتهم السلطات بقصف أحياء سكنية

وأثارت الحملة الأمنية إدانات دولية وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان لإيران إن “العالم يراقب” و”سوف يحاسب الذين يستخدمون العنف في مسعى عبثي لإسكات المتظاهرين”.

وأعلنت بريطانيا الاثنين أنها فرضت عقوبات على شرطة الأخلاق الإيرانية، الوحدة التي اعتقلت مهسا أميني والتي تراقب تطبيق قواعد اللباس الصارمة للنساء ومن بينها وضع الحجاب الإلزامي.

وقالت إيران إنها استدعت السفير البريطاني وأبلغته “احتجاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشديد على بريطانيا لتدخلها في الشؤون الداخلية الإيرانية وتم التنديد بهذه الممارسات التدخلية بشدة”.

وأنحت السلطات الإيرانية باللوم في أعمال العنف على أعداء بمن فيهم معارضون مسلحون من الأكراد الإيرانيين بعد أن هاجم الحرس الثوري قواعدهم في العراق المجاور عدة مرات خلال أحدث الاضطرابات.

وكرر وزير الداخلية أحمد وحيدي الاتهامات بأن الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة تدعم الاحتجاجات وقال إن قوات الأمن “ستعمل على تحييد الجهود اليائسة المناهضة للثورة”.

ومن جانبها قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الثلاثاء إن خمسة فرنسيين معتقلون حاليا في إيران، في تصريحات تشير إلى أن أحد الأجانب التسعة الذين تعتقلهم إيران لصلتهم بالتظاهرات فرنسي.

5