اتفاق الحدود مع إسرائيل يعجل بانتخاب رئيس جديد للبنان

قائد الجيش جوزيف عون مرشح تسوية داخلية ودولية.
الأربعاء 2022/10/12
علاقات خارجية وداخلية متوازنة تؤهله إلى قصر بعبدا

يرجح محللون قرب حل عقدة الانتخابات الرئاسية بعد توصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية. ويشير هؤلاء إلى أن التسوية الداخلية التي أدت إلى اتفاق الحدود كفيلة بانتخاب رئيس جديد للبنان خلفا لميشال عون.

بيروت - قالت مصادر سياسية إن اتفاق تسوية الخلاف البحري بين إسرائيل ولبنان يفتح الباب أمام تسوية ملف الرئاسة اللبنانية وانتخاب رئيس جديد للبنان، رغم عدم توافق الفرقاء السياسيين على شخصية مارونية لخلافة ميشال عون في قصر بعبدا إلى الآن.

ودعا رئيس البرلمان نبيه بري الثلاثاء إلى جلسة ثانية لانتخاب رئيس للجمهورية بعد جلسة أولى فشل فيها النواب في تزكية أي مرشح لخلافة عون، واتسمت بالتصويت “الأبيض” أي أوراق بيضاء تعبيرا من النواب عن رفضهم للمرشحين.

نبيه بري: من يغيب عن الجلسة يتحمّل مسؤولية موقفه

ويستبعد محللون أن تسفر الجلسة الانتخابية الثانية التي ستعقد الخميس الثالث عشر من أكتوبر الجاري عن أي نتيجة، بعد أن أعلن التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل (صهر الرئيس عون) عن مقاطعة الجلسة الانتخابية.

وقال باسيل “تكتل لبنان القوي، لن يشارك في جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس المقبل”، مضيفا “نعتبر ذلك إهانة لأن الجلسة تتزامن مع ذكرى 13 تشرين، وربما أرادوها في هذا التاريخ عمدا لأنهم لا يريدون نصابا للجلسة.. وحتى لو تأمن النصاب فالجلسة لن تكونمفصلية”.

ومن جهته، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه “ليس في صدد تعديل تاريخ الجلسة الثانية، مشدّداً على أنّها قائمة في موعدها الخميس المقبل، ولا شيء سيتغيّر”.

وبخصوص أن أحداث 13 تشرين تنطوي على رمزية خاصة بالنسبة إلى التيار الوطني الحر سأل بري “هل 13 تشرين هو عيد رسمي؟ ليس على حدّ علمي”. وأضاف “أنا التزم بالأعياد الوطنية فقط ولا شيء سواها”.

وحول ما إذا تعطّل النصاب إذا اتسعت رقعة المقاطعة للجلسة؟ أشار بري، إلى أنّ “من يغيب عن الجلسة يتحمّل مسؤولية موقفه. وإذا لم يتوافر النصاب، أحدّد موعداً آخر، لا مشكلة”.

وعمّا إذا كان قد تعمّد استهداف او استفزاز التيار الوطني الحر من خلال تحديده لموعد جلسة في اليوم الذي يصادف ذكرى إخراج العماد عون بالقوة من قصر بعبدا، ردّ بري مبتسما “لم أنتبه”.

وحسب الدستور فإن الانتخابات الرئاسية تستوجب حضور ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 128 نائبا، أما الانتخاب فيجب أن يتم بأصوات ثلثي الأعضاء في الدورة الأولى وبالنصف زائد واحد أي 65 نائبا في الدورات التالية. وفي ظل الانقسام في البرلمان وعدم قدرة فريق واحد على حيازة الأكثرية فإنه من الصعب على أي حزب أو تحالف أن يفرض خياره.

ولا يستحوذ أي فريق سياسي في البرلمان على هذا العدد من النواب، ما يجعل التحالفات ضرورية بين أعضائه للتوافق على رئيس جديد للبلاد.

وتحسبا لحدوث فراغ جديد، كثف السياسيون جهودهم للاتفاق على حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بحيث يمكن أن تنتقل إليها السلطات الرئاسية.

وخلا منصب الرئاسة في لبنان عدة مرات منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وخلطت الانتخابات التشريعية الأخيرة في مايو الماضي الأوراق في البرلمان، حيث تراجع عدد مقاعد حزب الله (حليف إيران) وحلفائه لصالح قوى أخرى أبرزها حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع وقوى التغيير.

n

وربط المحلل السياسي طوني عيسى بين التوافق على رئيس جديد وبين الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية.

واعتبر أن “الجميع، ولاسيما حزب الله، ينتظر الظرف المناسب لاختيار أو تزكية رئيس معين للبلاد، وهذا الأمر ينتظر التطورات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية”.

واعتبر أنه “عندما تنضج هذه التسوية ويتم التوقيع على الاتفاق يتم المجيء برئيس وفق التسوية نفسها التي تمت والمدعومة دوليا”.

ويتنازع لبنان وإسرائيل على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا، وتتوسط واشنطن في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية النزاع وترسيم الحدود.

وعبر سياسيون عن قلقهم بشأن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن خليفة للرئيس الحالي ميشال عون الذي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري، محذرين من مأزق مؤسسي أكبر وسط أزمة مالية عميقة. ولبنان بلا حكومة تضطلع بكامل مهامها منذ مايو.

860

كيلومتر مربع هي المساحة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل وهي منطقة غنية بالنفط والغاز

ويؤكد متابعون أن انتخاب الرئيس اللبناني القادم سيكون بيد حزب الله، إذ أن استطلاعات الرأي والتوقعات تشير إلى أنه لن يحصل أي تغيير جذري في المعادلة السياسية.

وبناء على ذلك، سيكون حزب الله الفيصل في انتخاب الرئيس بناء على خارطة التحالفات التي تخدم مصالحه وأجنداته الداخلية والخارجية.

ويملك حزب الله وحلفاؤه عامل قوّة من خلال رئاسة الجمهورية المحسوبة عليه، وهو غير مستعدّ لخسارة هذا المكسب، لاسيما في ظلّ تأزّم العلاقة مع العديد من المكوّنات المسيحية نتيجة التحريض عليه سياسيا وإعلاميا، لذلك فهو غير مستعد للتنازل عن هذا المكسب لأي طرف آخر بهدف إبقاء الخطوط مفتوحة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.

وإلى حد الآن يعتبر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشحا جادا للتسوية المرتقبة بين الفرقاء اللبنانيين، خاصة وأنه مدعوم من قبل حركة أمل الشيعية ( حليفة حزب الله)، لكن حتى وصوله يحتاج إلى تسوية مع فريق عون السياسي ومع فرنجية، والأهم مع حزب الله وإستراتيجيته داخليا وإقليميا.

ويشير مراقبون إلى أن حزب الله لا يفاضل بين سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المرشح أيضا للرئاسة، إلا أن دعم طرف على حساب آخر يزعزع تحالفاته الداخلية التي يسعى إلى ترميمها.

وبناء عليه قد يدفع حزب الله باسم جوزيف عون لرئاسة الجمهورية وهو مرشح محايد يحظى بتأييد دولي وإقليمي ولا تعارضه حركة أمل التي ترفض تزكية باسيل بتاتا.

ومن المعلوم أنّ رئيس الجمهورية اللبنانية غالبا ما يُنتخَب بناء على توافق داخلي وخارجي معا. لهذا يسهل الوصول إلى رئيس توافقي وليس إلى رئيس محسوب على قوى الثامن من آذار كما هي حال مع الرئيس ميشال عون. غير أنّ هذا الأمر ينتظر تفاهمات إقليمية ودولية لم تحصل بعد.

2