تحسين العلاقة بين الطلاب ومكان تعلمهم يجنبهم الاحتراق النفسي في الدراسة

غرينادا– غالبا ما تنتاب الطلاب حالة من التوتر والتفكير الزائد في قدرتهم على تغطية كم كبير من المواد في بضع سنوات فقط، حتى أن أكثر الطلاب مرونة يمكن أن يواجهوا مثل هذه التحديات ضمن مسيرتهم الدراسية.
ولهذا السبب يصبح من الضروري أن تزوّد الجامعات طلابها بالمهارات النفسية اللازمة لمساعدتهم على إدارة وقتهم وتحمل أعباء العمل بكفاءة دون إرهاق أنفسهم. وبمناسبة يوم التوعية بالصحة النفسية، تقدم كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا، شرحا لما يعنيه الاحتراق النفسي، وتسلط الضوء على بعض التدخلات البسيطة، التي يمكن للطلاب القيام بها لإبعاد أنفسهم عن الشعور بالإنهاك.
ينتج الاحتراق النفسي من استمرار تعرض الأشخاص إلى الضغوطات في أماكن الدراسة أو العمل، وغالبا ما يظهر على شكل إحساس بالإرهاق، أو نفاد الطاقة (عاطفيا وجسديا)، أو اللامبالاة، أو وجود مشاعر سلبية، أو السخرية تجاه الدراسة، أو الإحساس بانخفاض الإنجاز الشخصي أو الأكاديمي. وفي حال تُرك الاحتراق النفسي دون اهتمام، فقد يتسبب في تشتيت انتباه الشخص ودخوله في حالة من الاكتئاب والقلق، الأمر الذي قد يؤثر على أدائه الأكاديمي وعلى علاقته مع الأشخاص الآخرين من حوله.
هناك عدة أمور يمكن للطلاب القيام بها لتقليل تعرضهم لحالة الاحتراق النفسي. ومع ذلك، فإن هذه التدخلات كلها تستند إلى عنصر واحد مهم، ألا وهو تحسين العلاقة بين الشخص ومكان عمله أو دراسته.
يجب أن يشعر الطالب بأنه ليس وحده، وليس الشخص الوحيد، الذي ينتابه هذا الشعور بالضغط والاحتراق النفسي؛ فيمكن أن يحدث ذلك لأي شخص ينتمي إلى نظام وظيفي أو تعليمي ذي متطلبات كثيرة
ربما يكون كل شخص قد سمع عن الحصول على فترات راحة متعددة مرات عديدة، ولكننا سنقوله بصوت أعلى للأشخاص، الذين يشعرون بالاحتراق النفسي: لا يمكنك الحفاظ على مستويات الإنتاجية دون أخذ فترات راحة متعمدة (بعيدا عن المكتب). ويشمل ذلك القيام بأشياء مختلفة تبعث على الاسترخاء والراحة كمشاهدة حلقة من مسلسل أو فيلم، أو الجلوس لقضاء استراحة غداء مناسبة، أو القيام بالأشياء، التي تستمتع بها حقا مثل لقاء صديق أو ممارسة هواية. كما يتضمن ذلك أيضا التوقف عن العمل أو الدراسة ليلا، وتخصيص بعض الوقت للاسترخاء، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
وإذا لاحظت أنك تعاني من مستويات أعلى من الإرهاق، فاحذر من تلقي المزيد من المطالب. قد ينتابك شعور مبدئي بالذنب، ولكن من المهم أن تتغلب على هذا حتى لا تساهم بشكل أكبر في استنفاد جهدك وطاقتك.
كما أن دعم الزملاء ضروري. وقد يكون ذلك على هيئة الاجتماع معا لإعداد وجبة عشاء في نهاية اليوم، أو التواصل عن بعد وتبادل الأحاديث عبر برنامج التواصل الاجتماعي. فالشعور بالإنسانية المشتركة، أي “أننا نخوض هذا الأمر معا”، يساعد على تعزيز التعاون ويقدم الدعم النفسي.
ومهما كان نوع الرياضة المفضلة بالنسبة إلى الشخص، فإن التمارين الرياضية تساعده على استعادة الطاقة المفقودة نتيجة الاحتراق النفسي. يجب أن تأخذه التمارين الرياضية بعيدا عن أجواء الدراسة، لذلك عليه أن يحذر من إدخال الملاحظات، التي دوّنها خلال اليوم إلى صالة الألعاب الرياضية أو الاستماع إلى المحاضرات باستخدام سماعات الرأس.
كما يجب على الطالب مواجهة الأفكار السلبية والشعور بالاستياء، فقد تأتي إلى ذهنه مجموعة من الأفكار السلبية، مثل “أعضاء هيئة التدريس لا يهتمون”، أو أن “الجامعة لا تبدي الاهتمام الكافي”، ولكن من المهم حقا عدم الانخراط في هذه الأفكار. فالاعتقاد بأن المؤسسة التعليمية لا تدعم أهدافه يعتبر من العوامل الرئيسية في الشعور بالاحتراق النفسي، لذلك بدلا من ذلك يجب تركيز الانتباه على الطرق، التي يمكن للكلية من خلالها أن تشجعه على تقديم الأداء الجيد (خدمات الدعم، وساعات الدوام، وغير ذلك…).
وعندما يكون في الحالة الذهنية، التي تجعله مطلعا على السبل، التي تتبعها الكلية لتقديم الدعم اللازم له، فسيتأكد من أنه تحصل على الفائدة الكاملة المرجوة من هذه الخدمات. ويساعده استخدام الموارد المتاحة له على تقليل بعض المطالب التي يحتاجها. فعلى سبيل المثال، تشجع جامعة سانت جورج، جميع طلابها على العمل مع خبراء الصحة النفسية في مركز الخدمات النفسية؛ حيث توفر لهم مساحة آمنة للتعامل مع مشاعرهم.
هناك عدة أمور يمكن للطلاب القيام بها لتقليل تعرضهم لحالة الاحتراق النفسي. ألا وهو تحسين العلاقة بين الشخص ومكان عمله أو دراسته
كما أن التركيز على المكاسب أمر مهم للغاية حيث أن قيام الطالب بإدارة ما يتوقعه من نفسه يسهل عليه مختلف الأمور. يجب معرفة كل مجال صغير من التقدم والتطور في الأساليب، التي يتبعها في الدراسة أو في المحاضرات التالية أو التحسينات الصغيرة، التي يحققها في أداء الاختبارات.
ويجب على الطالب أيضا أن يدرك أن هناك العديد من المشاعر المختلفة، التي تنتابه بين يوم وآخر، وأن هناك الكثير من المشاعر الصعبة، التي قد يشعر بها في مرحلة ما خلال رحلته الأكاديمية. يجب أن يتذكر أنه من الجيد أن يشعر بمثل هذا النطاق الهائل من المشاعر، وأن بعض الأيام لن تكون جيدة كغيرها.
وباعتبار أن حالة الاحتراق النفسي تسبب الضرر للمشاعر والكفاءة في العمل، فمن الضروري إيجاد طرق للعودة من جديد، وأن يتذكر الشخص حقيقة نفسه، وما يسعى لإنجازه في حياته. يعد التدريب على التركيز الذهني، والتدريب على التعاطف، والممارسات التأملية الأخرى، التي تساعد على تخفيف حدة الحالة النفسية والحضور الذهني والوصول إلى الموارد الداخلية، أمرا ضروريا لمنع الإحساس بالاحتراق النفسي والتخلص منه. فقد قامت مؤسسات متنوعة مثل غوغل وكليات الطب والأعمال بجامعة هارفارد بتوفير تدريب التركيز الذهني وتعزيزه للموظفين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس لتوفير العلاج لحالة الاحتراق النفسي.
أمر آخر إضافي، يجب أن يشعر الطالب بأنه ليس وحده، وليس الشخص الوحيد، الذي ينتابه هذا الشعور بالضغط والاحتراق النفسي؛ فيمكن أن يحدث ذلك لأي شخص ينتمي إلى نظام وظيفي أو تعليمي ذي متطلبات كثيرة. وإن فهم هذه الفكرة المهمة يساعده بشكلٍ كبير في وضع مخطط شخصي لاستعادة الطاقة والإحساس بالشغف تجاه ما يقوم به كل شخص.